قالت “النهار” اذا كان ابداء رئيس الوزراء سعد الحريري استعداده لتلبية الدعوة السعودية الرسمية التي تلقاها أمس لزيارة المملكة العربية السعودية سريعاً شكل العنوان الكبير الرئيسي لما بدا فتحاً لصفحة جديدة في مسار تصويب العلاقات اللبنانية – السعودية، فان مؤشرات الايجابيات التي تسربت بسرعة لهذا المسار لم تقف عند حدود السرايا الحكومية بل تمددت الى قصر بعبدا بما يعكس دلالات بارزة ومهمة حيال الرؤية السعودية لواقع لبنان عشية استحقاقه الانتخابي. وربما شكلت اجندة الموفد السعودي المستشار في الديوان الملكي نزار العلولا خلال الايام الاربعة على الارجح التي سيمضيها في بيروت ، الدليل البارز على اتساع الاهتمامات السعودية مرة أخرى لمتابعة الوضع اللبناني والتصرف في ظل مهمة العلولا ان بالنسبة الى شؤون الدولة التي تتصل راهناً بمؤتمرات الدعم الدولية الثلاثة المقبلة للبنان، وان بالنسبة الى استكشاف آفاق المشهد السياسي الذي ستحمله صناديق الاستحقاق الانتخابي النيابي. وفي كلا الحالين فان اهمية زيارة الموفد السعودي التي بدأت أمس تتصل أيضاً بنقطة مركزية هي انها شكلت اللقاء الرسمي الاول لمسؤول سعودي والرئيس الحريري منذ ازمة استقالة رئيس الوزراء من الرياض، الامر الذي اكتسبت معه الدعوة الرسمية التي نقلها العلولا الى الحريري بعداً مهماً للغاية.
إقرأ ايضًا: ماذا في جعبة الموفد السعودي إلى الرؤساء اللبنانيين؟
وقالت مصادر مطلعة على اللقاء الذي استهل به الموفد السعودي زيارته لبيروت مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في قصر بعبدا، إنه صحيح ان مدة اللقاء كانت في بعبدا عشر دقائق، لكنها حملت الكثير من الرسائل الايجابية من العاهل السعودي الملك فهد بن عبد العزيز وولي العهد الامير محمد بن سلمان من شأنها ان تفتح صفحة جديدة بين لبنان والمملكة بعد الازمة الاخيرة. ولاحظت المصادر ان ثمة قراءة سعودية جديدة للعلاقة مع لبنان وأن الجوّ السعودي بدا مختلفاً عنه في المرحلة السابقة. فالموفد الملكي حرص على ان يبدأ زيارته للبنان من قصر بعبدا، بحيث أبلغه أنه يأتي لتوجيه دعوة رسمية الى رئيس الحكومة لزيارة المملكة، وانه سيزور رئيس مجلس النواب نبيه بري ويقوم بجولة على بعض القيادات السياسية.
وأشارت “اللواء” أن الموفد السعودي أكد خلال محادثاته في قصر بعبدا، إن المسؤولين السعوديين لن ينسوا الزيارة الاولى التي قمت بها الى المملكة بعد انتخابك رئيساً للجمهورية، منوهاً بحكمة عون وقيادته خلال المرحلة التي مرت.
ورحّب الرئيس عون بالموفد الملكي السعودي، وحمّله تحياته الى خادم الحرمين وولي العهد، مؤكداً حرص لبنان على اقامة افضل العلاقات مع المملكة ، مركّزاً على محبة اللبنانيين لاشقائهم السعوديين والرغبة في التواصل الدائم معهم.
ورأت “الجمهورية” اذا كانت تقديرات سياسية قد أحاطت هذه الزيارة بتساؤلات حول توقيتها وموجباتها وأبعادها في هذا الظرف السياسي اللبناني بالذات، الذي يشكّل فيه الاستحقاق الانتخابي البند الاول في جدول اعمال البلد ككل، فإنّ تقديرات اخرى أدرجت الزيارة في سياق انفتاح سعودي متجدّد على لبنان، دخولاً من باب التواصل مع كل الفرقاء .
واذا كان بعض المراقبين توقّفوا عند الشكل، وتساءلوا عن سر الزيارة السريعة لرئيس الجمهورية التي دامت نحو ربع ساعة، الّا انّ مراجع سياسية اكّدت انّ فترة “الربع ساعة” وإن كانت قصيرة نسبياً الّا انها كانت كافية لإيصال “الرسالة السياسية الاساسية” التي تحملها الزيارة، يضاف اليها الشق الآخر من الرسالة، الذي بَدا جلياً خلال الزيارة اللافتة للحريري ، والتي سادها جوّ ودّي جداً، وترافقت مع تسليمه دعوة خَطيّة، لزيارة المملكة كرئيس للحكومة .
وقد وصف الحريري المحادثات بالممتازة، مشيراً الى انه سيلبّي الدعوة الى السعودية في أقرب وقت ممكن، وقال: هدف السعودية الأساسي “أن يكون لبنان سيّد نفسه، وهي حريصة على استقلال لبنان الكامل، وسنرى كيف سنتعاون معها في شأن المؤتمرات الدولية المقبلة”.
من جهة ثانية رأت “الديار” أن المحطة الاولى في قصر بعبدا عكست ”برودة” العلاقة بين رئيس الجمهورية و السعودية والتي يجهد الجانبان “لكسر” جليدها في هذا اللقاء الذي استمر لعشر دقائق فقط، نقل خلاله الوفد السعودي رسالة شفهية ..ووفقا لاوساط سياسية مقربة من بعبدا، لم يبادر الموفد السعودي الى الحديث عن ازمة استقالة الرئيس الحريري امام الرئيس. ووفقا لتلك الاوساط بادر الرئيس عون الى انهاء اللقاء بعد ان ساد “الصمت” للحظات، لم يبادر خلالها العلولا الى تقديم اي طرح جديد، موحيا ان مهمته في بعبدا انتهت عند هذا الحد “البروتوكولي”.
وبرأي تلك الاوساط، لم تترك زيارة الوفد السعودي الى بعبدا اي انطباع بوجود تبدل في موقف المملكة من الرئاسة الاولى.
وتابعت العشر دقائق في بعبدا، استمرت لنحو 45 دقيقة في القصر الحكومي، وفي هذا الامر دلالة واضحة على رغبة المملكة في اصلاح العلاقة مع الرئيس الحريري الذي حرص ايضا على عدم استفزاز الوفد السعودي، فاستبعد من اللقاء مسشاريه “المغضوب عليهم سعوديا، نادر الحريري وغطاس خوري، وفضل عقد المبحاثات وحيدا حيث تم الاستفاضة بالحديث عن المرحلة السابقة، وابدى الزائر السعودي رغبة بفتح صفحة جديدة مع رئيس الحكومة الذي قبل الدعوة لزيارة المملكة.
إقرأ ايضًا: هل سيتلقى الحريري من الموفد السعودي دعوة رسمية لزيارة المملكة؟
لكن هذا لا يعني برأي اوساط سياسية في 14 آذار، ان المقاربة السعودية للبنان تغيرت خصوصا في مجال التعاون الاقتصادي، وبحسب معلوماتها، لا عودة سعودية الى ”زمن” الاسراف في الصرف دون مردود واضح ومحدد بما يتلائم مع مصالح المملكة السياسية والاقتصادية.. وفي هذا السياق لم ولن يقدم الموفد السعودي خلال اقامته في بيروت اجوبة حاسمة ازاء مساهمة بلاده في مؤتمرات روما، وسيدر، وفيينا، لان المملكة تنتظر الحصول على اجابات محددة من المسؤولين اللبنانيين حيال مصير كل المساهمات السعودية السابقة، وكذلك الانفاق المرتقب لاي مشاركة سعودية فاعلة في دعم الاقتصاد اللبناني، وكذلك دعم المؤسسة العسكرية..
ووفقا لتلك الاوساط لم يتغير الكثير حتى الان وملاحظات المملكة التي بموجبها توقفت الهبات المالية لا تزال على حالها، فالجانب اللبناني لم يبادر بعد الى تذليل “الهواجس” السعودية المتعلقة بدور حزب الله “وهيمنته” على الحياة السياسية والعسكرية في البلاد.