مؤتمر ميونخ والحلول القادمة

خالد العزي
تفتح مدينة ميونخ الألمانية ابوابها امام زوارها المدعوين لحضور مؤتمر الأمن والسلام العالمي، الذي ينعقد كل عام في هذه المدينة الألمانية من عام 1960 حيث بات يعرف عمليا بمؤتمر ميونخ".

يُشكل هذا اللقاء السنوي فرصة كبيرة للبحث بالقضايا المصيرية والازمات التي تواجه العالم، حيث يشارك العديد من رؤساء وزراء الخارجية والخبراء الاستراتيجيين والمحللين والمختصين بالسياسات الدولية للبحث في الأزمات الدولية. يشكل المؤتمر نوعا من اللقاء العقلاني السنوي للمجتمعين الذين يناقشون بهدوء كل المشاكل الحامية التي تحيط بِنَا من كل الاتجاهات والعمل على الحد من تطورها وتصاعدها التي تشكل تهديدا للبشرية عامة، وخاصة للدول المصدرة للأزمة.

إقرأ ايضا: العزيّ: إيران تهدف الى السيطرة على الكتلة السنيّة الكبرى في المنطقة

لكن الجدير ذكره، أن “دورة ٥٤” تتميز بأنها تعقد بظل جو مكبل بغيوم المشاكل الدولية وهذا اللقاء سيكون جدي وحساس لما تحمل جعبته من المواضيع المطروحة في جدول اعمال الدورة الحالية من اهمية مميزة نظرا لخطورتها حيث سيطرة عليها الأزمات الكبيرة التي بات الكبار مشاركا أساسيا فيها لجهة الدخول في دخانها المباشرة والتي سيكون لها انعكاسا سلبيا على الكرة الارضيّة بحد ذاتها.

في هذا اللقاء، سيكون العشرات من المسؤولين عن الأمن والحرب والسلم في دولهم حيث يناقشون وجهات نظرهم من إجمال القضايا المطروحة لجهة المشاكل التي تتصدر العالم مثل: “محاولة محاربة الاٍرهاب الممثل “بداعش” وفروعه المتطرفة، وكذلك خرق الحصار الدولي وبيع السلاح المحظور دوليا وتعرض الاثنيات لإبادة باردة كما حال الأكراد، وكذلك تدخل تركيا في الحرب السورية والصراع العربي الصهيوني الذي بات آخر فصوله في دخول ايران على خط المواجه مباشرة، اضافة الى مشكلة كوريا وإيران وتهديدهما للسلام العالمي من خلال الإصرار على امتلاكهم لسلاح ذري محرم دولي، ومشاكل ليبيا ودوّل الصحراء الافريقية ،ولكن الأهم في المؤتمر هي مشكلة التسوية السورية والقضية الاوكرانية”. وهاتان المشكلتان تضعنا امام مواجهة جيوسياسية فعلية بين الروس والاميركيين بسبب اهمية الملفين.

لكن، سوريا تعتبر الملف الأساس الذي بات يعرض الأمن العالمي لأزمة حقيقية نتيجة التعنت الروسي الذي استعجل في اعلان النصر على الاٍرهاب متناسيا بان الازمة لم تنته بعد لان الولايات المتحدة باتت ترى ان الحل في سوريا لا يكمن بالطريقة الروسية وإنما وفقا لتوجهات واشنطن.

اما الحل الاوكراني الذي يشكل أزمة أوروبية في التعاطي مع موسكو بسب عدم حلها للازمة وفقا لاتفاق مينسك مما يشكل خطرا فعليا للأمن القومي الاوروبي.

والملفت في السياسة الاوروبية اليوم بأنها تلتقي مع سياسة ترامب الذي عمل على نشرها منذ سنة، وبالتالي ستكون اوروبا اكثر حسما في تعطيها مع روسيا بهذه المساءلة والتي رفعت صوتها منذ فترة صغيرة بخصوص سوريا. اذا سيلتقي وزير خارجية روسيا سرغي لافروف الذي يمثل بلاده في هذا المؤتمر مع وزير خارجية اوكرانيا.

وسيتكلم الرئيس الاوكراني بيوتر بروشينكو، والذي سيطلب خلالها الدول الاوروبية والدول المعنية باتفاقية مينسك العمل على تطبيقها الذي يُتهم روسيا بالتنصل منها وعدم تطبيقها، وبالتالي العالم معني بالعمل على حلّ هذه الأزمة مما يعطي ضوء اخضر لواشنطن بمواصلة الضغط على روسيا ومتابعة مسيرة العقوبات ضدها، لكن لافروف يقول عكس ذلك ويحمل اوكرانيا مسؤولية عدم تنفيذ بنود الاتفاقية وضع اللوم كله على السياسة الاميركية التي تمارسه واشنطن ضد الجميع مقارنة بخطاب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عام 2008 بعد حرب جورجيا في اب من العام نفسه، حيث كانت النبرة الروسية تهديدية، ويمكن التذكير بخطاب بوتين الشهير في المؤتمر عام 2010: “ان روسيا استعادت عافيتها على الحلبة الدولية وستعمل على استعادت ما فقدته سابقا”.

بالطبع اليوم روسيا مربكة جدا ولن تستطيع تحقيق ما اردته بالقوة العسكرية من خلال الاستعراض في اوكرانيا الشرقية وسوريا، بالرغم من إعلان رئيسها النصر المبكر فان روسيا لاتزال أمامها ايام صعبه جدا في سوريا واوكرانيا لن تتمكن من فرض نصرها واستعادة نفوذها، وخاصة بان الاميركي بات واضحا بانه لن يترك لروسيا الانتصار.

إقرأ ايضا: العزّي: مشكلة السعودية مع السيسي وليست مع مصر

وبالرغم من الحالة التي تعيشها روسيا والعزلة السياسية والحصار الاقتصادي المفروضة عليها، والاقتراب الاوروبي من واشنطن، يبقى القول إن روسيا وضعت امام خيارين:

الاول: تقديم التنازلات السريعة في اوكرانيا وسورية.

الثاني: الذهاب نحو التصعيد الذي سيكون مكلفا لها ولطموحاتها.

بالنهاية، يمكن القول ان اهمية هذا المؤتمر الذي يفتتح ابوابه امام زواره للنقاش في القضايا الساخنة لكي يبقى ملتقى للحوار السلامي وإيجاد الحلول المناسبة لها. او يعطل دوره ويكون المؤتمر الأخير من نوعه حيث نأخذ نحو مواجهة جديدة من الحديد والنار والدم والبشر ثمنها الاقتصاد والخراب وتوزيع النفوذ مجددا.

السابق
تغييرات لـ «حزب الله» وحركة «أمل» في صفوف مرشحيهما
التالي
سالترفيلد إلى إسرائيل لإستكمال المفاوضات النفطية