الإعلام الفيسبوكي يطغى والصحافة اللبنانية في خطر

صحف ورقية
يستدعي تحوّل الصحافة المكتوبة الى الصحافة الالكترونية تماشيا مع التطورات التكنولوجية الحديثة، تنظيما خاصا وقوانين مرعية تناسب العاملين في مهنة "البحث عن المتاعب"، فهل من يبحث عن حلول؟

لم تعد الصحف المطبوعة تستحوذ على الحياة الاعلامية إن لجهة نقل الوقائع اليومية او لجهة تفسيرها او توظيفها ورسم اتجاهاتها، فاليوم باتت المواقع الاخبارية الالكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي فيسبوك وتويتر وغيرهما مزاحما قويا لهذه الصحف، فاقتطعت منها دورا ملموسا ونازعتها على مكانتها. فالتحولات الكبرى المرتبطة بدور العمل الصحفي واهدافه السياسية اولا، شكلت ازمة اضافية وبعد اقفال صحيفتي السفير والاتحاد، والصرف التعسفي لعشرات العاملين في جريدتي البلد والوسيط بتنا امام معادلة غير منصفة وفوضى عارمة، مع خروج الصحف من شكلها الورقي ودخولها الى العالم الرقمي.

اقرأ أيضاً: أزمة الصحافة اللبنانية تحط في «النهار»

نقابة المحررين.. قانون التعديل الى ما بعد الانتخابات النيابية
نقيب المحررين الياس عون وجه اللوم في تدهور قطاع الاعلام والعاملين فيه الى الدولة اللبنانية وتساءل “لماذا أُطلق علينا لقب السلطة الرابعة ولا ارى اي سلطة لنا في الحصول على ابسط حقوقنا ونعاني الاهمال وعدم الاهتمام. فالصحافي او العامل في مؤسسة اعلامية بعد خدمته في مؤسسة اعلامية لمدة 30 عاما يأتي من يقول له “استغنينا عن خدماتك” دون اي تعويض او ضمان لحقوقه! وفي كل دول العالم يعتبر العمل الاعلامي ضمن الفئة الاولى وليس الرابعة”.

الياس عون
نقيب المحررين الياس عون

وحول مشروع تعديل قانون الاعلام الذي قدمه وزير الاعلام ملحم رياشي بتاريخ 7 تموز 2017 “ورسى في مجلس النواب دونه عراقيل كثيرة، ربما هي مقصودة”، يقول عون “ولكن في مراجعاتنا الاخيرة وُعدنا خيرا ولكن الى ما بعد الانتخابات النيابية، وكنقابة محررين وجسم اعلامي متكامل نعمل لتحقيق ما يليق بالاعلام كمهنة لها دور اساسي في بناء وعي المجتمع وثقافته وجزء مهم في تطبيق النظام الديمقراطي في لبنان”.

المشرف على موقع الانتشار ونائب رئيس المجلس الوطني للاعلام ابراهيم عوض لديه رأي مختلف في هذا المجال، حيث قال لـ”جنوبية” أن “هذا الموضوع يدفعه الى التساؤل دائما كيف تمكنت الصحافة المقروءة في اميركا واوروبا وفي الكثير من الدول العربية بالاستمرار، ما دمنا اليوم في زمن الاعلام الالكتروني على حساب الاعلام المكتوب؟ مع الاشارة الى ان التطور التكنولوجي يأخذ ابعادا اكثر في تلك الدول تحديدا اكثر مما لدينا” واضاف “اعتقد ان آداء الاعلام المقروء بات متراجعا في لبنان الى حد بعيد ولم يعد كما كان عليه في السابق، ففي مصر مثلا لا تزال الجرائد الورقية مزدهرة بشكل كبير، علما ان قطاع الاعلام في لبنان قدم كتابا وصحافيين لامعين ساهموا في نهضة الصحافة العربية خاصة والعالمية عامة، وهذا يدل على ان العلّة تكمن في آداء العمل الاعلامي المتراجع حاليا”.

ابراهيم عوض
نائب رئيس المجلس الوطني للاعلام ابراهيم عوض

ويشير عوض الى أن “الاعلام بدأ بالتراجع في لبنان بعد ظهور الفضائيات وتوجه اصحاب الاموال الى هذا القطاع، من جهة اخرى ووفق معلوماتي فإن معظم الصحف اللبنانية كانت تتلقى تمويلا من جهات خارجية، يحسب لها حساب ولكن اصحاب الصحف لم يخصصّوا الا جزءا قليلا لتطوير صحفهم ويضعون المال في حسابهم الخاص، لذلك فإن انهيار وتراجع بعذ الصحف هو نتيجة عدة عوامل اهمها اهمال اصحابها العمل على استمراريتها، فهم لم يخبئوا قرشهم الابيض ليومهم الاسود!”

اقرأ أيضاً: صحافة لبنان: أزمة على أبواب دور مفقود

لجنة المصروفون تنتظر القضاء
رئيس لجنة المصروفين تعسفاً الصحافي علي ضاحي شرح لـ”جنوبية” الظروف المحيطة بعملية انهيار بعض الصحف وما نتج عنها من مشاكل ادّت الى صرفهم، فقال” بدأت الازمة مع جريدة النهار ثم المستقبل وحكي حينها عن تراجع التمويل السياسي لدى فريق 14 آذار، وبعدها انتقلت الازمة الى جريدة السفير ثم جريدة الاتحاد، فانتفى السبب السياسي، ولكن بعد تجربة عشرين سنة في العمل الصحفي اقول ان الصحافة في لبنان لم تكن يوما عملا مربحا، وهي تتكل دائما على التمويل السياسي ففي السبعينيات كانت الصحافة ابواقا تترجم حالة الاقليم والمحاور، وكان هدفها سياسيا بامتياز، والان بعد انتهاء الوظيفة السياسية للصحافة انتقلنا الى مربع خطير اسميه مربع “النصب”، فعلى سبيل المثال هناك مجموعات صحافية عربية تعمل في لبنان مثل الوسيط والبلد والحياة، بكل بساطة اذا قررت عدم الاستمرار بمشروعها الاعلامي فهي تقفل وتغادر واحيانا لا تدفع اجور بعض موظفيها ولا احد يلومها بغياب قانون ينظم قطاع الاعلام ووضع حصانة للعاملين فيه”.

علي ضاحي
الصحافي علي ضاحي

ويضيف ضاحي” للاسف نحن نعيش في دولة احزاب ومزرعة يسرح ويمرح فيها “الازعر” ولا رادع له لانه محمي من الاحزاب، نحن كأعلاميين لا احد يحمينا ونقابتنا طلبت منا الذهاب الى القضاء لتحصيل حقوقنا بعد ان افهمتنا ان صلاحياتها محدودة في هذا المجال، والمراهنة اولا واخيرا على القضاء”.
وبانتظار تعديل قانون المطبوعات مضافا اليه قانون اتحاد العاملين في الاعلام لانصاف الصحافة اللبنانية نشهد تغييرات كثيرة أقلها تحوّل الناشط الفيسبوكي الى ناقل للخبر وناشر له وربما مصدرا للمعلومة، ولكن هل يُشهد له بدقة العمل وصحة الخبر؟

السابق
مروان عبد العال: روائيتَّيْ هي رؤية للتاريخ من زاوية لا توثيقيّة
التالي
نصرالله: القادة العرب والأجانب يتحدثون عن ثروة نفطية وغازية في سوريا