الحريري وحيدا في 14 شباط… و14 آذار اصبحت من الماضي

الذكرى الثالثة عشرة لاستشهاد الرئيس رفيق الحريري، بدت أقرب ما يكون إلى احتفال أول لزعامة رئيس الحكومة سعد الحريري، في كل تفصيل وشكل ومضمون. وحده كان على المنصة، لا شركاء، ولا حلفاء، لا صورة جماعية ولا أيادي مرفوعة لمجموعة. وحده سعد الحريري، ملأ المناسبة والقاعة والبرنامج ذا الخطاب الوحيد.

وتابعت قناة الـ “او تي في” الخطاب جاء شاملا، من تحية القدس اللافتة، عشية وصول تيلرسون إلى بيروت، مرورا ببيان انتخابي كامل، من الداخل المستقبلي إلى ربط النزاع مع “حزب الله”، وانتهاء بكلام صريح صارخ، لامس بق البحصة، عمن قال أنهم ضلوا الصداقة وكتبوا التقارير وقصدوا شرذمة “المستقبل” وخدموا خصومه. في 14 شباط 2018، سعد الحريري لم يكن وحيدا، كان زعيما.

وقالت “المستقبل ” في الرابع عشر من شباط من العام 2005 اغتالوك، وكانت الجريمة المدوية التي زلزلت لبنان وهزت العالم. الحاقدون القتلة اعتقدوا أنه بغيابك جسدا ستندثر القضية وينتهي الحلم والامل، ولكن أنى للمجرمين ومن يقف وراءهم، ان يفقهوا بأن حامل المشعل، رجل بحجم سعد الحريري.

اقرأ أيضاً: اللبنانيون يستذكرون «الرفيق» في ذكرى استشهاده

وأكد الرئيس سعد الحريري ان تيار “المستقبل” وجمهورالرئيس الشهيد، غير قابل للكسر، وهو ركن أساس من أركان الصيغة اللبنانية والتوازن الوطني، ولن تعبر فوقه أوهام الاطاحة بالصيغة واتفاق الطائف؛ وعروبة لبنان. وقال: إن التاريخ سيكتب بأن جمهور الرئيس الشهيد رفيق الحريري، هو جيش الاعتدالِ الذي حمى لبنان من السقوط في مستنقع الفتن والتطرف، وان حماية الوطن أنبل من أي مشاركة في حروب الآخرين.

وأكد الرئيس الحريري انه وفي مواجهة من يعزف لحن المزايدة، يرفض رفضا قاطعا قيادة جمهور “المستقبل” إلى الهاوية، أو إلى أي صراع أهلي. وقال إن اتفاق الطائف خط أحمر، ولن يخضع للتعديل والتبديل والتفسير والتأويل.

الرئيس الحريري قال إنه وفي الاسابيع الفاصلة عن الانتخابات النيابية، ندخل حلبة الانتخابات تحت مظلة الرئيس الشهيد رفيق الحريري، موضحا ان برنامج “المستقبل” هو اعادة الاعتبار لزمن رفيق الحريري، محررين من ضغوط الوصاية ومن المتسلقين على أكتاف الدولة والقانون. وشدد على ان تيار “المستقبل” عابر للطوائف والمذاهب والمناطق، ويرفض التحالف مع “حزب الله”.

وقال إننا سننزل إلى الانتخابات بلوائح لـ “المستقبل”، وبمرشحين من كل الطوائف، وإن أصوات جمهور رفيق الحريري لا تباع ولا تشترى لا بالمال ولا بالهوبرة ولا بالمزايدات. وأكد ان جهمور رفيق الحريري وتيار “المستقبل”، لا يقبل ان يضعه أحد في علبة طائفية او مذهبية ويقفل عليه ويرمي المفتاح.

وأشارت الـ “أن بي أن” أن الاحتفال الذي انتظم في القاعة الكبيرة تحت شعار: “للمستقبل عنوان: حماية لبنان”، كانت بداياته غنية بالمؤثرات الصوتية والإنشادية المبهرة والفقرات الشعرية والغنائية الوطنية ذات الصلة بالذكرى وصاحب الذكرى.

إذا كان الحاضرون في السنوات الماضية يقتصرون على لون سياسي واحد، فإنهم في البيال اليوم كانوا كوكتيلا متنوعا شمل الأحزاب والقوى السياسية من أقصاها إلى أقصاها، ما عدا “حزب الله” الذي يرتبط معه المستقبل بعلاقة ربط نزاع.

رئيس الجمهورية ميشال عون ناب عنه في الاحتفال الوزير سليم جريصاتي، بعدما كان تردد عن احتمال حضوره شخصيا، ورئيس مجلس النواب نبيه بري ناب عنه النائب ميشال موسى.

ولفت إلى أن في مقابل السياسيين الحاضرين، كان الغائبون أو المتغيبون كثرا أيضا، وبينهم من هم من حلفاء الأمس، ومقاطعتهم الذكرى كانت لها مغاز ومعان قاسية. هكذا كان الحال مع سمير جعجع مثلا، وإن كان ثمة تمثيل لـ”القوات اللبنانية”. وهكذا كان الحال مع سامي الجميل، وإن عثر على تمثيل لحزب “الله والوطن والعائلة”.

وقالت الـ “أم تي في” الذكرى الثالثة عشرة لاغتيال الشهيد الحريري، جاءت هذا العام حبلى بالعبر والرسائل والرموز المعبرة والمحيرة في آن، صور “ثورة الأرز” هنا تزينت بها الجدران، إلا ان من يمثلوا معظمهم من الأحياء كان غائبا لأسباب أمنية أو سياسية. والمفارقة هي ان الغائبين كما الحاضرين، لم تتزحزح قلوبهم عن مبادئ هذه الثورة التاريخية، أما سبب تضعضع الصفوف، فهو ان ادارة مرحلة ما بعد اغتيال الرئيس الشهيد كانت صعبة، الأمر الذي دفع بعض قادتها للافتراق الكلي أو الجزئي، وسلوك طرق مختلفة اعتقدوا انها تؤمن العبور إلى الدولة، هذا أدى إلى السقوط المرئي من الرابع عشر من آذار، لكن روحها لا تزال هائمة تبحث عن الصدور التي حملتها وقادتها يوما إلى تحرير لبنان، والاصرار نابع من ان الوصول إلى الدولة لم يتم، وان القضية لا تزال هي هي والأعداء لازالوا هم هم، وقد اقتربوا من تحقيق الأهداف.

ورأت أن هذا المشهد المنقوص في الاحتفال بذكرى الرئيس الشهيد، والذي يمكن العقل السياسي البارد ان يبرره، لم يقتنع به شعب 14 آذار، والغالبية العظمى من ناس هذا التيار ما زالوا يحلمون بأن تتلاقى القيادات في الانتخابات النيابية، فالعناوين السياسية للمعركة موجودة، وقد كررها الرئيس الحريري بصوت عال من البيال اليوم.

كما أشارت الـ “أل بي سي آي” أن “البعض فقد رسالة الدعوة التي لم توجه إليه أصلا، أما من لم يضلَّ الطريق من الأصدقاء، ووصل إلى بيال، فلم يجد كرسيا له يضمه إلى الحضور، فراحت صور النقل المباشر تبحث عنه في زاويا جسد 14 آذار البارد.

اقرأ أيضاً: مواقف سياسية وانتخابية يطلقها الحريري اليوم في ذكرى استشهاد والده

أكثر من رسالة أطلقت في خطاب الذكرى، لعل أبرزها عدم التسليم بخروج لبنان عن محيطه العربي، ورفض بيع الأشقاء العرب بضاعة لبنانية مغشوشة كما يفعل المزايدون،. أما التحديات فحددها زعيم تيار “المستقبل” بثلاثة: لا تحالف انتخابيا مع “حزب الله”، لا قوقعة مذهبية أو طائفية لتيار الاعتدال، ولا مال لدى تيار “المستقبل” لخوض الانتخابات.

أما “الجديد” رأت أن الذكرى تحل اليوم على مفارق طرق انتخابية، وعلى مواعيد مع صدور قرار اتهامي جديد. وإذا كان القرار ذا صوت تفضيلي واحد، فإن “المستقبل” ولي الدم قد حصن أصواته اليوم في مهرجان متقدم الحشود، مرصوف الصفوف، محدد الخصوم من الداخل إلى الخارج القريب. وقدم “المستقبل” عرضا بالكراسي يمهد لعروض المقاعد النيابية. ومن على المنصة ذاتها التي جمعت قبل عام الصف الأول لقيادات الرابع عشر من آذار بقبضاتهم المرفوعة، استعاد الحريري شعار “زي ما هيي”، مفتتحا معركة الانتخابات النيابية، حدد الخيار والمسار. وإذ هو أشهر إفلاسه المالي الانتخابي، حرك العواطف وجيشها ضد خصم حليف في الحكومة.

السابق
علي عمار: لضرورة إجراء مسح عام لكل الابنية في لبنان وندعو الدولة لتحمل مسؤوليتها
التالي
ما هي سلبيات وإيجابيات طاقة المد والجزر؟