لبنان دون موازنة.. ومؤتمر «باريس4» نحو المجهول

وزارة المالية اللبنانية
بلد يسير بلا موازنة منذ العام 2003، وفي محاولة لفهم سلبيات عدم اقرار موازنة العام ٢٠١٨ حتى الان، اضافة الى معرفة من يُوقف اقرارها، خاصة ان كل من الرئيس نبيه بري، ورئيس لجنة المال والموازنة النائب ابراهيم كنعان اعترضا على التأخير في اقرارها، تواصلت "جنوبية" مع كل من البروفسور جاسم عجاقة، والدكتور كامل وزنة لتوضيح الاسباب.

في هذا الاطار، يرى البروفسور جاسم عجّاقة انه “بالنسبة للسلبيات فهي تتمثل بعدة نقاط، اولها، ان الصرف يتم على اساس القاعدة الإثني عشرية، ونحن قد رأينا خلال السنوات الماضية ان الاعتمادات تتم من خارج الموازنة، مما خلق دين هائل ضاعف الدين العام. ثانيها، ان عدم اقرارها معناه انه لا سيطرة على الانفاق العام أي ان الدولة اللبنانية لا تدير المال العام بشكل جيد، لاننا نعرف ان الموازنة هي مستند اساسي منصوص عليه بالدستور اللبناني، وهو الاساس لانه يحوي على خطط الحكومة فيما يخصّ الشق الاجتماعي، والاقتصادي، والمالي. وبالتالي، ان غياب هذا المستند يعني ادارة سيئة للمالية العامة. وثالثها، نحن نفقد المصداقية امام دول العالم، علما انه هناك تحفيز لاقرار الموازنة العامة  للذهاب الى مؤتمر روما. ونحن نعرف انه نعاني مشاكل كثيرة تعترض موازنة 2018  منها قطع الحساب الذي لم يقر منذ 2003  فالسنة الماضية حين اقرار موازنة 2017 عطلت السلطة المادة 87 من الدستور لمرة واحدة مما سمح باقرار الموازنة. ولكن اذا عطلوها هذه المرة ايضا فهذايعني فقدان المصداقية وهو أمر غير جيد للبنان. والاشكالية الثانية هي من داخل الموازنة، وتعترض اقرارها وهي العجز الموجود فيها، وهو لا حل له. علما ان الرئيس سعد الحريري ارسل مذكرة الى الوزارات والمؤسسات لخفض موازناتها بنسبة 20%. ولكن لن يسمح بلجم العجزعاما بعد عام بسبب سياسة التوظيف العشوائي”.

جاسم عجاقة

إقرأ أيضا: عجّاقة لـ«جنوبية»: المشكلة ليست في السلسلة بل في تمويلها

وردا سؤال حول من يعوّق اقرارها، يقول البروفسورعجاقة “لا يهم من يوقف اقرار الموازنة، فالمسألة تقول انه منذ اتفاق الطائف لا قرار الا بالتسوية، ولا يسير الامر الا بالتسوية، وباعتقادي الشخصي انه لا يمكن تحميل المسؤولية لأحد لوحده. وان عدم اقرارها دليل على عدم الاتفاق. كما انه لا الوزير ولا النواب يأخذون وقتهم لقراءتها، فالمستند عبارة عن ألف صفحة، وملف الموازنة هو عبارة عن ألف صفحة، وليس بالضرورة ان يكون الجميع قد فهمها. والاشكالية انه لا اتفاق على اقرارها. ولو كان هناك اتفاق لأقرتّ بشكل سريع، ولكن المشكلة انه لا اتفاق سياسي، ومن يُعدها هي وزارة المال، ويجهزها التقنيون في الوزارة. وثمة نقاط  معروفة من قبل كل الاطراف انه في حال صار هناك اتفاق على قطع الحساب وطريقة اقرار الموازنة قانونيا بواسطة المادة 87 من الدستور، لا يمكن اقرارها اذا لم يكن هناك قطع حساب، ولن يتمكنوا من اقرارها”.

إقرأ ايضا: الموازنة أقرت مصحوبة بخطابات سياسية انتخابية والدين العام ٥٠٪

د. كامل وزنة

من جهة ثانية، يقول الخبير الاقتصادي كامل وزنة لـ”جنوبية” أن “موضوع الموازنة اصطدم بالانتخابات، وهو ما لا يقال علنا، وموضوع الخلاف الذي حصل في البلد خلال الاسابيع الماضية وكيفية تعاطي السياسيين مع بعض، انتج حالة جمود انعكست على جلسات مجلس الوزراء. والان عادت الحكومة الى الاجتماع مع تصالح الأفرقاء. والوقت المتبقي لاقرار الموازنة بات قصيرا، بالرغم من ان جلسات مجلس الوزراء عادت. وقد اعتمد مجلس الوزراء القاعدة الاثني عشرية، علما ان اقرار الموازنة هو عمل تقني، وهو ليس برؤية لتغيير مسار البلد. وعندما أقرّت الموازنة السابقة لم تنخفض المديونية. فهل هناك رؤية جديدة تحميّ البلد وتتضمن نموا اقتصاديا ووظائف ومكافحة للفساد. فنحن نهرب لشراء الوقت، خاصة عندما نذهب الى مؤسسات كـ”ماكنزي”، حيث قال وزير الاقتصاد رائد خوري اننا ننتظر تقرير “ماكينزي”، وهو يشتري الستة أشهر حين يقول انه ينتظر انتهاء دراسة “ماكينزي” وكأن البلد ليس عارفا أين يقف. فالجميع يعرف مكمن الخطر، ولكن الجميع لا يريد ازالة الغشاوة”.

إقرأ ايضا: الاقتصاد اللبناني في عهد الرئيس عون.. إخفاق وعجز ومديونية عالية؟

ويتابع وزنة بالقول “إن لبنان تعوّد على الفوضى المالية، وعلى عدم المسؤولية في التعاطي مع القضايا الكبرى، ولن تكون هناك تكلفة مع طريقة تسليف لبنان، وتعودنا عدم الجدية في الملفات. ونتمنى ان يكون هناك كفاءات مالية واقتصادية في المجلس النيابي القادم. والا تأتي فئات الى مجلس النواب لا تعرف ماذا يُشرّع، فعملية التشريع في القضايا المالية تتم لصالح الاغنياء، ولبنان مرّكب لصالح التفاوت الطبقي، واصبح ضامنا لهم. ففي لبنان 1% من الشعب يمتلك نصف ثروة لبنان، وهذه الثروة متمثلة في السلطة، ولا داعي لها ان تكون قلقة، كما بقية الشعب الذي لم يجد فرصة عمل. بمكان ما عندما يكون الناس بحاجة الى بيئيين واقتصاديين في المجلس النيابي لا نجدهم، اذ لا كفاءات بل محسوبيات، والمجلس يحوي شخصيات تمثل مصالح الكل على حساب مصلحة المواطنين”.

السابق
تكلفة أقل وطاقة نظيفة عبر استخدام مصابيح «ليد» التي تضاء عبر الطاقة الشمسية
التالي
الناخب الجنوبي بين الخوف والفقر