والله كتّر خيركم…!

لا داعي لأن يتبارى السادة الوزراء الأكارم في الحديث عن أرقام العجز والدين العام وعن نسبة البطالة الضاربة في صفوف اللبنانيين، ايضاً لا داعي لأن ننام على أحلام مضخمةّ بما يمكن ان نحصل عليه من مؤتمرات الدعم الخارجية، التي باتت تعرف تماماً ان من غير المفيد الإستمرار في ضخ المساعدات الى بلاد تشبه بئراً تملأها الثقوب وينخرها الفساد.

دعوني قبل الحديث عن هذا أتوقف قليلاً أمام البيان الذي صدر بعد اجتماع الثلثاء بين الرؤساء ميشال عون ونبيه بري وسعد الحريري لجهة محتواه، وخصوصاً عندما تحدث عن إتفاق الرؤساء الثلاثة على “وجوب إلتزام وثيقة الوفاق الوطني أي إتفاق الطائف، وعدم السماح لأي خلاف سياسي بأن يهدد السلم الأهلي والإستقرار…”، بما يعني ان الدستور لم يكن ملزماً للمسؤولين ولا أدري ان كان سيصبح فعلاً، وبما يعني ان خلافاتهم السياسية من غير شرّ هي التي هددت السلم الأهلي، والمأمول ألا يسمحوا لها بذلك بعد الآن!

إقرأ أيضاً: الفقر والبطالة في لبنان.. سببهما «فساد سياسي»!

إذاً كثّر الله خيرهم على لبنان واللبنانيين، خصوصاً أن البيان التاريخي المشار اليه أعلن انهم إتفقوا على تفعيل عمل المؤسسات الدستورية كافة، ولا سيما منها مجلس الوزراء ومجلس النواب، وبما يعني ان خلافاتهم هي التي كانت تعطل المؤسسات الدستورية، التي ندعو الله سبحانه وتعالى ان يساعدهم ويساعد هذا الشعب السعيد على تفعيلها!

لن أتوقف امام دعوتهم “القيادات اللبنانية” الى تجاوز الخلافات والإرتقاء بالأداء السياسي الى مستوى عال من المسؤولية الوطنية، التي تفرضها دقة المرحلة التي تواجه لبنان، لسببين: اولاً لأن هذه “القيادات اللبنانية” لهم ومنهم وتلوذ بهم، وليست من بطانة الشعب الكادح والمسكين، وثانياً لأن المسؤولية الوطنية أمانة بين أيديهم ويفترض ان يكونوا الأدرى بدقة المرحلة!

في أي حال، ليس لنا سوى ان نصلي ونقرأ مثلاً أبانا والسلام، لكي يتم احترام الدستور وتفعيل عمل المؤسسات الدستورية، ولقد وضعنا النذور وحرقنا البخور لكي تنتهي الخلافات ويتم الإرتقاء السياسي الى مستوى عال من المسؤولية فعلى الله الإتكال!

إقرأ أيضاً: بطالة الشباب اللبنانيين 25% ومرشحة للازدياد

ولكن هل قرأ المسؤولون الذين لم يتبلغوا حتى الآن موعد عقد مؤتمر باريس مثلاً ان المراجع الديبلوماسية الغربية في بيروت، طرحت في الأيام الأخيرة اسئلة محقة عن الفائدة من إعطاء المساعدات لدولة باتت الاوضاع الأمنية فيها تتوقف على تصريح من هنا وتظاهرة من هناك؟

وهل هؤلاء في الدول الصديقة أي “مجموعة دعم لبنان” طرشان وعميان لا يفقهون [يفقهون”؟]، على رغم انهم يتابعون مثلاً الصراخ حول الموازنة، التي لم تناقشها الحكومة وسيتأخر وصولها الى مجلس النواب بعدما دهمتنا الإنتخابات، وعلى رغم عدم إلتزامنا تنفيذ الإصلاحات المطلوبة، وعلى رغم الحديث عن إهدار وسرقات بالمليارات؟

السابق
إنتفاضة 6 شباط 1984.. استخفاف للمواطن اللبناني 6 شباط 2018
التالي
استقطاب دولي وانفراد أميركي في سوريا