حزب الله: الجدار نهاية دور

المفروض أن يكون الجدار الفاصل الذي باشر العدو ببنائه على الحدود بين لبنان والكيان الغاصب والذي يمتد لمسافة 30 كلم وبإرتفاع 10 أمتار، هو محل ترحيب ومصدر فخر للبنانيين جميعًا ولأهل الجنوب بشكل أخص.
فمنذ لحظة قيام هذا الكيان، ونحن نسمع عن الحدود غير المرسومة معه (بغض النظر عن الإعتراف أو عدمه)، وأنه لا يريد ولا يعترف بأي حدود وأطماعه تمتد من النيل إلى الفرات، وبأن الخطين الأزرقين على العلم الإسرائيلي إنما يرمزان إلى هذين النهرين، وبينهما تقع مساحة مطامعه والجغرافيا التي يريد التمدد عليها.
ولطالما سمعنا عن أطماع العدو الصهيوني بمياه الليطاني وحاجته الإستراتيجية له، حتى كدنا نظن أن مجرد الإنسحاب من الجنوب اللبناني وترك النهر خلفهم هو بداية نهاية هذا الكيان بسبب التصحر الذي سوف يصيبه وأن المستوطنين قاب قوسين أن يموتوا عطشًا، وليس بالرصاص أو الصواريخ.

إقرأ أيضاً: أزمة الجدار الفاصل بين لبنان واسرائيل بانتظار وساطة طرف ثالث

بهذا المعنى، يجب أن يكون بناء الجدار وعلى نفقة العدو وحده، يعني تتويج عملي لإنتصار ال2000 والإنسحاب المذل للعدو من أرضنا، ونهاية فعلية لكل ما كان يخالج نفس العدو من أطماع في أرضنا أو مياهنا، إستطاعت المقاومة اللبنانية بكل فصائلها بالقضاء عليها وسحق أنف العدو وتبديد لأي إمكانية بالتفكير بمد يده نحونا.
ردة الفعل هذه تكون طبيعية إذا ما قاربنا موضوع الجدار بخلفية وطنية محض وعلى ضوء المصالح اللبنانية العليا بعيدا عن الشعارات الخطابية وبعيدًا عن ايديولوجيات ما وراء الحدود (وعـ القدس رايحين ومن القدس جايين)، إلا أننا في هذا السياق نتلمس حالة من الإمتعاض والرفض عند حزب الله وإعلامه، تذكرنا تمامًا بتلك الحالة التي سبقت الإنسحاب من الجنوب، أو الإمتعاض السوري بعد تسرب نية العدو الإنسحاب من جزين “جزين أولًا” كمقدمة للإنسحاب من طرف واحد وما قيل يومها عن هستيريا أصابت أركان نظام الأسد يومها.

إقرأ أيضاً: ذا بوست، بلوك رقم 9، وورقة التفاهم

فإننا إذ نرفض المساس بأي شبر من الأراضي اللبنانية قد يطالها الجدار، إلا أننا نعتبر أن هذا الجدار هو مؤشر إيجابي جدًا وبداية حقيقية لنهاية حالة الحرب بيننا وبين العدو الغاصب من دون طبعًا أن يعني نهاية لحالة الصراع الوجودي بيننا.
يحق لأهل الجنوب بأن يتطلعوا لمرحلة ما بعد الجدار، والإلتفات قليلا لموضوع إنماء المناطق الحدودية وتحريك الوضع الإقتصادي المتردي جدا للقرى والمدن والبلدات اللبنانية، والجدار يجب أن يعني إنتهاء مرحلة أن يكون الجنوب ساحة مباحة أو صندوق رسائل فلسطينية في مرحلة سابقة وإيرانية في الوقت الراهن.
وعليه يمكن أن نفهم هذا الإمتعاض عند حزب الله من بناء هذا الجدار، لأنه ينظر إليه على أنه نهاية لدوره الإقليمي ويسحب من أمامه ذريعة الساحة المفتوحة للأهواء الإيرانية على حساب لا إستقرار لبنان.
فهل سيقف حزب الله حائلا دون بناء الجدار تحت حجة النقاط الخلافية؟
أعتقد ذلك.

السابق
لبنان.. لا شيء يعلو ديناميكية السلطة الطائفية
التالي
أساس راتب … سليماني!