واشنطن تطمئن لبنان: لكم أصدقاء يواكبون حقكم في النفط كما في الاثار

احمد عياش

المنحوتات الرخامية الخمس التي عادت في الثاني من شباط الحالي الى المتحف الوطني آتية من متحف المتروبوليتان في نيويورك أنهت رحلة أستمرت 27 عاما بعد الاستيلاء عليها في صورة غير مشروعة عام 1981 في مستودعات جبيل لتغادر الى سويسرا ومنها الى بريطانيا لتستقر في الولايات المتحدة الاميركية. وعودة هذه التحف التي لا تقدر بثمن الى موطنها الاصلي واكبه حضور أميركي لافت كانت “النهار” شاهدة عليه في الاحتفال الذي اقيم في صرح المتحف ولتطرح خلاله سؤالا:هل يمكن للبنان أن يتكل على واشنطن لحماية ثروته النفطية التي تنكرها إسرائيل اليوم؟
سفيرة الولايات المتحدة الاميركية اليزابيت ريتشارد خاطبت الحضور بالقول إن ما قامت به بلادها بإعادة القطع الاثرية الخمس للبنان هو “أقل ما يمكننا القيام به لمساعدة لبنان على إستعادة ما هو حق له”. فسألتها “النهار” عن موقف إدارتها من حق لبنان النفطي في البلوك البحري الرقم 9 على الحدود الجنوبية مع إسرائيل فاجابت: “انها مسائل تقنية يمكن حلّها بين الاطراف المعنية في أي وقت إذا ما أرادوا الوصول الى حلول”.

اقرأ أيضاً: تَجديدُ البَيْعة

وعن الجهد الاميركي السابق لتعيين حقوق لبنان في المياه الاقليمية المجاورة لإسرائيل في ضوء موقف وزير الدفاع الاسرئيلي أفيغدور ليبرمان قالت:”لن أكون هنا مع أي جانب ردا على هذا السؤال فهذا أمر تقني معروف في العالم.وما علينا سوى أن ندعو الاطراف المعنية الى الجلوس معا في غرفة واحدة والبحث فيما يمكن القيام به. وما يمكنني أن أؤكده انه بالتفاهم يمكن تسوية هذه المسألة. إذا، الخطوة الاولى ان يجلس الاطراف المعنيون في مكان في حضور طرف موضوعي مثل الامم المتحدة لرؤية ما يمكن القيام به “.
ولما قيل للسفيرة ريتشارد ان هناك إستحالة لكي يجلس لبنان وإسرائيل في مكان واحد لحل هذه المسألة ,أجابت:”ليس هناك من مستحيل مع أصدقاء لكم يريدون مساعدتكم “.
ويأتي هذا الموقف الاميركي وسط إنهماك رسمي على أعلى المستويات سيتجسد في اللقاء الثلاثي بين الرؤساء الثلاثة كي يتم وضع خطة عمل في مواجهة التهديدات الاسرائيلية التي عبّر عنها ليبرمان.
وزير الثقافة الدكتور غطاس خوري ابرز عبر “النهار” أهمية الموقف الاميركي في عودة هذه الاثار القيّمة الى لبنان: لقد ساعدتنا الادارة الاميركية بشكل فاعل. فهم أعلمونا عن القطع التي وجدوها وكانت لدينا وثائق حولها.في البداية تلقينا إتصال من مدير متحف متروبوليتان في نيويورك يبلغنا فيه ان هناك قطعا يشكّ في أنها تعود للبنان .وخضنا معركة مع المدعي العام في نيويورك من خلال مكتب محاماة تبرّع بالدفاع عنا بعد إسترجاعنا إحدى القطع إنفتحت سلسلة من القطع في وضع مشابه وتمكنا من إستعادتها.إن أهمية ما جرى بالنسبة للبنان انه ثبّت حقه التاريخي في كل قطعة تمت سرقتها من لبنان أو تم الاستيلاء عليها في ظروف الحرب الاهلية”.
“النهار” إلتقت أيضا مساعد مدعي عام مدينة نيويورك الكولونيل ماثيو بغدانوس الذي قال :”إعادة هذه القطع الاثرية الى لبنان تطلّبت العمل معا. والدرس الذي يجب إستخلاصه هنا هو ان المجرمين موجودون في عدة بلدان يعملون معا والمطلوب ردعهم وهناك الكثير من العمل الذي لا يزال يمكن القيام به وهذا ما تعهدت القيام به.هناك قطع أثرية لا يزال المطلوب البحث عنها سواء في الولايات المتحدة الاميركية أو سويسرا او بريطانيا او في إحدى دول الخليج. وإذا كانت هذه القطع في الولايات المتحدة فنحن قادرون على إستعادتها.”
وفي المناسبة التي وزّع فيها الوزير خوري دروعا تقديرية، منح إحداها للمحامية جوانا خوري ممثلة مكتب المحاماة Cleary Gottieb الذي تبرّع بالدفاع عن المديرية العامة للآثار في نيويورك وربح الدعوى بإستعادة لبنان القطع الاثرية الخمس.
وفي مقدمة الحضور كانت السيدة منى الهراوي رئيسة المؤسسة الوطنية للتراث فأعربت عبر “النهار”عن سرورها الكبير بعودة هذه القطع “الى مكانها في لبنان”، وقالت: “أن الدول الكبرى وفي مقدمها الولايات المتحدة تريد أن يستتب الاستقرار في بلدنا وهذا ما يجب أن نؤمن به أيضا”.

حكاية الاسترداد
وفق المعلومات الرسمية ,فقد فقدت هذه المنحوتات الرخامية الخمس مع مجموعة كبيرة من اللقى مصدرها موقع أشمون التاريخي من مستودعات جبيل عام 1981 وحطّت لاحقا في أسواق الاثار العالمية عام 2017. وقد إستطاعت المديرية العامة للاثار في وزارة الثقافة من تعقّب المنحوتات تلك وإستعادتها أخيرا وهي كناية عن: رأس الثور، تمثال لرجل يحمل عجلا، تمثال رجل، تمثال نصفي لرجل وتمثال صبي.
في القول المأثور”ما ضاع حق وراءه مطالب”ومع عودة هذه التحف الاثرية الى لبنان لا شئ يمنع ان تمضي حقوقنا في النفط على هذا المنوال حتى ولو كانت إسرائيل تهوّل بحرماننا منه.

السابق
المسلَّح في لبنان… مواطن فئة أولى!
التالي
مظاهر صدمة مسيحية من التغول الإيراني في لبنان