اعتقال جديد لناشطة معارضة: العهد يطبق على الحريات في لبنان

تسامح الرئيس لم يشمل الناشطة تيما حايك، الاعتقال على خلفية "تدوينة فيسبوكية"، بات نهجاً للعهد الجديد.

“من موقعي الدستوري والأبوي أسامح جميع الذين تعرضوا لي ولعائلتي“، كلمات توجه بها رئيس الجمهورية ميشال عون إلى اللبنانيين بعد الحملة التي أطلقها جمهور “حركة أمل”، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، والتي تضمنت سيلاً من الشتائم والألفاظ النابية بحق الوزير جبران باسيل وعمه الرئيس، وبحق سائر أفراد العائلة.

إلا أنّ تسامح الرئيس جاء مقتصراً كما يبدو على من هم ينضوون تحت الراية الخضراء، فلم يشمل الناشطة تيما حايك (25 عاماً)، تيما التي كتبت عبر صفحتها فيسبوك “البلد على كف بلطجية”، مضيفة “متضامنة مع باسيل ع القليلة ما عندو مشكل مع حاويات الزبالة “، , والتي تمّ استدعاؤها إلى مخابرات الجيش وتوقيفها وذلك بحسب ما نشر مدير مؤسسة لايف المحامي نبيل الحلبي عبر صفحته الخاصة فيسبوك.

الحلبي وفي حديث لـ”جنوبية” أوضح أنّ مخابرات الجيش اتصلت بالناشطة تيما حايك أوّل أمس الثلاثاء 30 كانون الثاني، للتوجه إلى ثكنة أبلح على خلفية منشوراتها الأخيرة على فيسبوك، لافتاً إلى أنّ “هذه المشنورات لا تتضمن قدحاً وذماً بطبيعة الأحوال”.

يضيف الحلبي “هذه المرة الثانية التي تتدخل فيها مخابرات الجيش بموضوع المنشورات بعد استدعاء الناشط عبادة يوسف وتوقيفه لمدة 3 أيام، وهذه تعد سابقة خطيرة، فمنشورات مواقع التواصل الاجتماعي كانت تتصدّى لها مكتب مكافحة جرائم المعلوماتية والقضاء العدلي واليوم أصبحنا أمام مخابرات الجيش والاستدعاء على ثكنات عسكرية”.

اقرأ أيضاً: حزب الله مع بري انتخابياً والحلف السياسي مع عون لن يهتز

مشيراً إلى أنّ “هذا منزلق أخير نصل إليه شيئاً فشيئاً، بدل أن يكون هناك تراجع عن التعرض لحرية الرأي والتعبير، نجد انزلاقاً أكثر وأكثر لترهيب الناس وتحويل الثكنات إلى أماكن احتجاز لمدنيين على خلفية لا تمس الأمن العام”.

وتساءل الحلبي “ما هو الجرم الذي ارتكتبته تيما والذي ارتكبه سابقاً عبادة يوسف ليتم استدعائهما لمخابرات الجيش وتوقيفهما في ثكنة عسكرية؟”، وتابع “تيما احتُجزت يوم أمس وما تزال معتقلة حتى الساعة، ولم يقابلها لا محامٍ ولا أي فرد أفراد العائلة، هذا الأمر يستدعي تدخلاً عاجلاً، أولاً من القضاء لوضع اليد على هذه القضية، وثانيا من السلطة السياسية التي هي وصية على المؤسسة العسكرية لمنع تشابك المواطنين المعبرين عن ارائهم وحريتهم مع هذه المؤسسة التي يفترض أن تعمل على حمايتهم وليس على التحقيق معهم وزجهم في السجون على خلفية حرية الرأي والتعبير”.

ليلفت الحلبي إلى أنّ تيما لم تتعرض بالمضمون لرئيس الجمهورية، متسائلاً “ما هو الاجتهاد الذي استندت إليه مخابرات الجيش في مقاربة ما نشرته الناشطة كي تضع يدها على القضية”.

 

معتبراً أنّ “هذا الأمر خطير جداً ويجب التصدي له وتحييد المؤسسة العسكرية عن المواضيع السياسية في هذا الشأن فتذهب حدّ الاقتصاص من المواطنين على خلفية حرية الرأي والتعبير، المؤسسة العسكرية مهمتها حماية النظام الديمقراطي في لبنان والدستور”.

وخلص المحامي نبيل الحلبي بالقول “نطلب من قائد الجيش الذي ندرك أنّ له مناقبية عالية جداً في هذا الإطار أن يتصدى لهذه التصرفات و يضع لها حداً، إذا كانت السلطة السياسية لا تريد أن تسمع. لأنّه يجب تحسين صورة المؤسسة العسكرية أمام المواطنين كمؤسسة ضامنة للنظام الديمقراطي والحريات العامة وحامية لها وللدستور وليس العكس، ونطالب أيضاً بإطلاق سراح تيما فوراً وإصدار بيان لمعرفة حقيقة ما جرى ومحاسبة المسؤولين إن كان هناك تجاوزا، وقد حصل التجاوز لأنّ مخابرات الجيش ليست ضابطة عدلية مختصة في ملاحقة المدونين، وعلى النيابة العامة الاستئنافية في زحلة أن تضع يدها على الملف وتعمد لإطلاق سراحها فوراً”.

اقرأ أيضاً: العهد الجديد في «أبرز» إنجازاته.. «كمّ الأفواه»

موضوع تقييد الحريات في لبنان بات موضع انتقاد المؤسسات الحقوقية، إذ أصدرت منظمة “هيومن رايتس ووتش” مؤخراً تقريراً أكّدت فيه أنّه “على السلطات إسقاط التهم الجنائية ضد الخطاب السلمي، وعلى البرلمان أن يلغي فورا القوانين التي تجرّم مجرد انتقاد السلطات أو الرموز الوطنية. لا يجوز للسلطات في أي حال من الأحوال احتجاز الأشخاص بسبب الانتقادات السلمية”.

معتبرة أنّ “انتشار مثل هذه الملاحقات القضائية والتهديد بالاعتقال يعكسان الحاجة الملحة إلى أن يزيل البرلمان اللبناني العقوبات الجنائية عن القدح، الذم، وانتقاد المسؤولين والرموز العامة”.

السابق
وفاة موسى المعماري باني «قصر موسى»
التالي
لماذا تنّبأ روحاني بنهاية النظام في إيران كما انتهى الشاه؟!