اسرائيل تحاول الاستيلاء على نفط لبنان: البلوك 9 لنا!

يبدو أن الأزمات تتوالى على لبنان دفعة واحدة، فما كان ينقص الواقع الداخلي المتأزم بفعل النزاع بين الرئاستي الأولى والثانية والتي امتدت الى اضطرابات في الشارع سوى التهديدات الإسرائيلية النفطية التي يخشى ان تتحوّل الى نزاع مع العدو.

خرق تصريح وزير الدفاع الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان المشهد اللبناني أمس، فاستغلّ توتر الأوضاع عبر التصويب على تلزيم البلوك رقم “9 ” ليصف منح لبنان عطاءات للتنقيب في هذا الحقل اللنفطي الواقع على الحدود البحرية بين لبنان والاراضي الاسرائيلية بأنه أمر “استفزازي جداً”. كما حض الشركات العالمية على عدم تقديم عروضها مدعياً ان “البلوك رقم 9 ملك لإسرائيل بكل المقاييس وليس للبنان”، الامر الذي اثار استنفاراً رسمياً.

إذ استدعى تهديدات ليبرمان ردوداً من كبار المسؤولين اللبنانيين وإستطاعت أن تجمع الرئيسين عون وبرّي على موقف نفسه. فاعتبر الرئيس عون أنه “تهديد للبنان ولحقّه في ممارسة سيادته على مياهه الإقليمية”. ونبّه بري من “خطورة كلام ليبرمان”، فيما رأى الرئيس الحريري من أنقرة أن إدعاء ليبرمان “باطل شكلاً ومضموناً، والحكومة ستتابع خلفيات هذا الكلام مع الجهات الدولية لتأكيد حقها في مياهها الإقليمية”. وأعلن وزير الطاقة سيزار أبي خليل أن “ادعاء ليبرمان مردود، ولبنان قام بترسيم حدوده البحرية وفقاً للقوانين الدولية، وسيستعمل كل الوسائل لحماية نشاطاته البترولية”.

اقرأ أيضاً: لبنان يمتلك كميات كبيرة من النفط والغاز

كما وأيّد “حزب الله” مواقف الرؤساء الثلاثة ضد هذا العدوان الجديد، وأكد على “موقفنا الثابت في التصدي الحازم لأي اعتداء.”.

لكن ومع اقتراب اعلان الدولة اللبنانية توقيع العقود مع تحالف الشركات النفطية العالمية ، وهي”Eni” الإيطالية “Total” الفرنسية و”Novatek” الروسية للتنقيب عن النفط والغاز في الحقلين 4 الشمالي و9 الجنوبي . هل ستؤثِر التهديدات الإسرائيلية على تنقيب النفط ؟ وهل هناك رابط بين توقيت إدعاءات ليبرمان والأزمة الداخلية التي يشهدها لبنان؟

في هذا السياق، تحدث الخبير النفطي الدكتور ربيع ياغي لـ “جنوبية” واصفا هذا الوضع على حد المثل الذي يقول “الحجر الذي لا يصيب “بيطوش””. وتابع ” هذه التهديدات والإدعاءات بالطريقة العدوانية ليست مفاجئة ومتوقعة،لكن هذه التهديدات في الحقيقة موجّهة للشركات العالمية الثلاث التي قررت ومضت كما إلتزمت بالإستثمار في لبنان”.

وأِشار إلى أن “هذا الإئتلاف الذي جاء إلى لبنان بعد ان رفض الإستثمار في إسرائيل لعدّة إعتبارات من ناحية الشروط القاسية التي وضعتها، ومن ناحية معنوية فهذه الشركات غير مستعدة أن تضحي في سبيل إسرائيل بمراكزها المادية والمعنوية في منطقة الشرق الأوسط”.

الخبير النفطي ربيع ياغي

ولفت ياغي إلى أن “الواجب على الحكومة والدبوماسية اللبنانية كما على وزارة الطاقة تطمين المستثمرين القادمين إلى لبنان في التاسع من هذا الشهر لتقديم كفالاتهم والمباشرة بعملهم اللوجستي بـ 2018 على أن يباشروا بعمليات البحث والتنقيب في 2019”.

وأضاف “لا شك أن التعرض لضغوطات وتهديدات أمر متوقع، لكن هناك واجبا وطنيا، سيّما أن جميع الأطراف والأطياف السياسية متوافقة على أهمية هذا القطاع الإستراتيجي وأهمية البدء بعملية إستكشافه كثروة طبيعية عائدة للسيادة اللبنانية”. ومن هنا أكّد على ضرورة” القيام بحملة دبلوماسية مع الدول والحكومات التابعة لها هذه الشركات كي تتخذ موقفا تجاه التهديدات الإسرائيلية التي تطال إستثمارات شركاتها”.

وفي الختام رأى ياغي أن هناك ما يستدعي الخوف من تهديدات ليبرمان خصوصا أن “المنشآت البحرية الإٍسرائيلية التي تقدر بمليارات تحت مرمى نيران الجيش اللبناني والمقاومة فيما لبنان لا يمتلك حتى الآن أية منشآت”. مؤكدا أن “هذه تهديدات فارغة وتظهر بكل وضوح المطامع الإسرائيلية تجاه لبنان”.

من جهة ثانية، تحدث “جنوبية” للعميد الركن الدكتور هشام جابر “رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات والعلاقات العامة” ورأى أنه “بشكل عام إسرائيل تستغلّ إهتزاز الوضع الأمني والسياسي، لكن هذا الكلام يبقى مجرّد تهديد وإدعاء إسرائيلي” مشيرا إلى أن “البلوكات جميعها موجودة بجانب بعضها البعض كما أن خط المياه الإقليمية اللبنانية واضح، وبالتالي تستطيع إسرائيل أن تدعي ما تشاء”. وتساءل” لماذا إختارت إسرائيل البلوك 9″ دونا عن سواه، كما نبّه “أنه في حال تغاضينا عن الكلام الإسرائيلي ممكن أن تمتنع الشركات الموقعة على الإستثمار عن التنقيب في البلوك 9 خشية من التهديدات الاسرائيلية، ما يمكن ان ينطبق على باقي البلوكات“. مشيرا إلى أن” موقف الدولة اللبناية كان واضحا بالرفض التام لتلك التهديدات، هذا عدا أن هناك إمكانية للإحتكام للقانون الدولي ولمجلس الأمن “.

العميد المتقاعد الدكتور هشام جابر

ورأى أن “المستثمرين عكس ما قاله وزير الطاقة بأنهم ملتزمين بالتنفيذ على جميع البلوكات، كاشفا أن المعلومات لديه تقول أن “الشركات الثلاث غير مستعدة التنقيب في هذا البلوك وانها ستتواصل مع الدولة اللبنانية لوضع هذا البلوك جانبا ريثما يتم حل هذه المشكلة، لأنها غير مستعدة أن تورّط نفسها بإشكال مع إسرائيل في ظلّ تهديداتها وادعاءاتها بامتلاك البلوك 9”.

اقرأ أيضاً: بين المحاصصة وعدم الثقة.. الملف النفطي «فرحة منقوصة»!

وختم بالتأكيد على أن “عمليات التنقيب في الساحل اللبناني ستبدأ بعد عام ويجب على لبنان أن ينهي هذا الأمر بقرار دولي”.

ويبقى القول هل ستنتهي الأزمات المحلية اللبنانية بين زعماء الطوائف، للتفرّغ إلى الأطماع الإسرائيلية الخطرة المحدقة بلبنان الذي قد يحرمه من إستثمار ثروته النفطية؟

السابق
«قائد عمليات الجيش الاميركي»: ندعم الجيش اللبناني ونجهّزه ضدّ الإرهاب
التالي
رسالة غربية قوية: الانتخابات في موعدها وأضرار تأجيلها كبيرة