هل سُماع  الغناء حرام ؟

الحكم بحرمة الغناء أو بأحلّيته لا يبدو أنه مسألة بسيطة، لأن لا معيار علميا أو منطقيا يمكن البناء عليه لإصدار فتوى حاسمة.

سنة 1980 لم يكن قد مضى من عمري 16 سنة زرت فيها مراقد أئمة أهل البيت عليهم السلام في العراق و بعدما فرغت من زيارة مرقد الإمام علي (ع) في مدينة النجف قصدت منزل السيد الخوئي مرجع الحوزة العلمية الدينية فيها طامعاً يومها بمشاهدته ككل إنسان مؤمن ( مقلد لم يبلغ سن الرشد ) كونه المرجع الديني الأشهر في الحوزة وفي العالم الشيعي، و بعد الوصول إليه وحينما أُتِيحَت لي الفرصة للسؤال سألته التالي:

هل الإستماع للغناء حرام ؟ فأجابني بقوله : الغناء حرام إنْ وقع على وجه اللهو والباطل.
فقلت له: وكيف نعرف بأن هذا الغناء وقع على وجه اللهو والباطل فيكون غناء حراماً، وذاك لم يقع على وجه اللهو والباطل فيكون مُباحاً  ؟
فأجابني بقوله: راجع يا ولدي رسالتنا الفقهية حينها تعلم الحكم الشرعي.

اقرا ايضا: وحدهم الحمقى والموتى الذين لا يغيّرون آراءهم

فأكملت السير بالسنة نفسها  إلى مدينة قم ( إيران ) وتفرغت في حوزتها طلباً  للعلوم الدينية بها وهناك سألت أكثر من 10 فقهاء:  كيف نعرف الغناء الواقع على وجه اللهو والباطل فيكون حراماً، لنميزه عن الغناء غير الواقع على وجه اللهو  والباطل فيكون مباحاً ومشروعاً؟

قالوا جميعاً قولا واحداً: إن معرفة ذلك بيد العُرْفِ وليس بيد الفقهاء، إن المسلم هو من يملك صلاحية أن يُصَنِّفَ هذا النوع من الغناء غناءً لهوياً باطلاً  وذاك النوع من الغناء ليس لهوياً ولا باطلاً.

وقد يكون بنظر زيد غناء هذا المطرب غناء مباحاً ومشروعا لأنه ليس لهويا ولا باطلا، ويكون نفسه بنظر خالد غناءً لهوياً وباطلاً ، وحينها يكون الإستماع إليه فعلا مباحاً لزيد ويكون فعلا حراما على خالد.

إذن إن الفقهاء  الذين يتميزون بذوق فقهي سليم في قراءة النصوص الدينية لا يوجد في فتاواهم تحريم (مطلق) لسماع الغناء واستماعه.

وحينما حققت في الروايات التي حَرَّمت الغناء وجدت بعضها صريحاً في القول:
«إن الغناء حرام إذا كان لهوياً كما أن الصيد حرام إذا كان لهوياً، والغناء والصيد يصيران من المباحات حينما لا يمارسهما المسلم بصورة لهوية وتشخيص الأمر اللهوي من غير اللهوي بيد العرف أي بيد المسلم نفسه وليس بيد الفقهاء.»

من ناحية ثانية، ووفق قناعتنا، إن الأناشيد الإسلامية الحزبية التي تُمَجِّدُ وتُبَجِّلُ الخميني والخامنئي ونصر الله لكي تُضْفِي عليهم صفة القداسة، هي أشد حُرْمَةً من الغناء اللهوي بل إنها تُلامس حدود الشرك بالله سبحانه .

السابق
ما صحة وفاة النائب نقولا فتوش؟
التالي
هاني قبيسي: رئاسة مجلس النواب اهينت من وزير مُصر على موقفه!