بيانا بعبدا و«التيار الحر» لم يرضيا «أمل».. والشغب يمتد إلى جزين

بدا من المواقف وردّات الفعل على ما جرى ويجري أنّ الأزمة بين بعبدا وعين التينة وتالياً بين التيار الوطني ‏الحر وحركة "أمل" ما تزال على غاربها، بدليل أنّ الشارع عاد إلى التحرّك رغم "الدعوات ‏إلى التسامح".

بدا واضحاً لـ ” النهار ”  أمس ان ثمة قراراً بترك الشارع يأخذ مداه في التحرك الاعتراضي الاحتجاجي على كلام الوزير ‏جبران باسيل في حق الرئيس نبيه بري من دون تدخل أمني قد يجر الى مواجهات تزيد الازمة تفاقماً. واذ اكتفى ‏باسيل بابداء أسفه من غير أن يعتذر، دخل رئيس الجمهورية ميشال عون على الخط ببيان دعا فيه الى التسامح ‏خصوصا ان الاهانات التي طالته شخصيا وطالت عائلته تجاوزت ما أصاب بري، فاعتبر ان “ما حدث اساء الى ‏الجميع، وما حصل على الارض خطأ كبير بني على خطأ”، وتطلع “الى ان يتسامح الذين اساؤوا بعضهم الى ‏البعض‎”.‎

لكن كلام عون لم يهدىء روع الشارع اذ استمر مناصرو “حركة “امل” في قطع الطرق وحرق الاطارات وتنظيم ‏مواكب سيارة تردد ان بعضها مسلح، وتوزعت بين بيروت وكفرشيما والحدت وطريق شتورة – زحله وبعلبك ‏وتبنين وعنقون وحارة صيدا. واذا كان الرئيس بري يحرص على عدم تفلت الشارع، بل على ضبطه بعدما أدى ‏رسالته وبلغت أسوار بعبدا والسرايا، فان معلومات رجحت لـ”النهار” ان تستمر أعمال الشغب والترهيب في ‏الشارع أياماً من دون تجاوز الحدود المرسومة حرصاً على السلم الاهلي وعلى عدم التسبب بمواجهة بين ‏اللبنانيين‎.‎

إقرأ ايضًا: تسامح عون لفض اشتباك «بري-باسيل» هل يحظى بنعيمه الناشطون؟

ورأت “الحياة” أنه على الرغم من بعض التحركات في الشارع إلا أن الإحتقان الذي كان الشارع مسرحاً له في ‏بيروت وضاحيتها ومناطق جنوبية وبقاعية وكاد يأخذ منحى تصادمياً أول من أمس، تراجع  وحلّت مكانه المواقف ‏السياسية الملتزمة حفظ الاستقرار من الجانبين، لكن من دون مخرج يسمح بتنفيس الأجواء المكهربة، وسط ‏معلومات تستبعد تجاوب باسيل مع مطلب وزراء وبعض محيط بري الاعتذار العلني، والاكتفاء بما صدر عنه ليل ‏الأحد بعد إذاعة الفيديو بالإعراب عن أسفه لما تسرب “لأنه خارج أدبياتنا‎”.‎

ولاقى “تكتل التغيير والإصلاح” النيابي بعد اجتماعه برئاسة باسيل، بيانَ عون معلناً “تجاوبه” مع مناشدته ‏التسامح، مذكراً بأن باسيل استدرك تسريب ما قاله بأنْ عبّر عن أسفه لذلك. وأشار بيان التكتل إلى “الاعتداء” ‏على مركز “التيار الحر” ورأى أن “الكرامات متساوية”. وأكد أن العمل “لاستعادة حقوق الشراكة لن يتوقف ‏كائناً من انزعج‎”.‎

ورأت مصادر “الجمهورية” أن “ما قصَده رئيس الجمهورية هو وضعُ حدّ لكلّ ما يجري في الشارع في أسرع وقت ممكن، لإفساح ‏المجال أمام المعالجات الهادئة عبر الأطر المؤسساتية والدستورية‎”.‎

وعلمت “الجمهورية” من مصادر موثوقة أن لا وسطاء حتى الآن على خط معالجة الأزمة، ولم يتبرّع أيّ ‏طرف بعد بتقديم نفسِه وسيطاً حتى من أقرب حلفاء الطرفين، لأنّ المسألة كما تبدو عميقة جداً وأصعبُ من أن ‏تُحلَّ بسهولة، نظراً لعمقِ التباعد بين منطقَي عون وبرّي‎.‎

ولوحِظ أنّ البيان الصادر عن رئاسة الجمهورية وبيان تكتّل “الإصلاح والتغيير” “لم يجدا صدىً إيجابياً عند ‏بري وكذلك عند “حزب الله” الذي كان يأمل بـ”موقفٍ يجمع‎”.‎

وإذ سألت “الجمهورية” معنيّين في “الحزب” حول هذين البيانين فلم يوحوا برضى بل آثروا عدم الجواب ‏‏”لأنّ الوضع حسّاس‎”.

وإلى ذلك، ظلّ برّي ملتزماً الصمتَ حيال الأحداث الأخيرة والمتسارعة، ورَفض أمام زوّاره أمس التعليقَ على ‏بيانَي عون وتكتّل “التغيير والإصلاح” مكتفياً بالقول: “لا تعليق‎”.‎ فيما سُجّل ايضا بحسب “الأنوار”  كلام تهدئة للرئيس بري الذي ‏قال من عين التينة انه لن يسمح بأي شيء يهدد الاستقرار ووحدة لبنان واللبنانيين.

وأضاف في توصيفه لما يَجري: “إنّ أخطر ما يحصل أنّ هناك من لم يغادر مرحلة ما قبل “الطائف”، يُراد ‏فعلاً نسفُ “الطائف” والدستور وخلقُ أعراف جديدة، ولا يتوقعنّ أحد أنّني أنا نبيه بري قد أقبل بذلك أو ‏بتثبيت هذه القواعد والأعراف المخالفة للدستور، أنا أحافظ على مصلحة البلد، كلِّ البلد، وليس على مصلحتي ‏الشخصية‎”.‎

إقرأ ايضًا: أزمة «أمل – التيار الحرّ» تهدّد أمن لبنان واستقراره السياسي

وأضافت انسحب الخلاف على مسار العمل البرلماني، فطارت جلسة اللجان النيابية المشتركة لعدم ‏اكتمال النصاب، وحلت محلها مواقف عالية السقف لنواب كتلة التنمية والتحرير، فاعتبر النائب انور الخليل ان ‏مواقف باسيل تعرقل وتهدد الاستقرار والسلم الاهلي والامر لا يستقيم بالاعتذار بل بمراجعة منهجية لشخصية لا ‏مكان لها في زمن السلم، داعياً باسيل الى الاستقالة. أما زميله النائب علي بزي فقال ربما تكون لباسيل مصلحة ‏بتأجيل الانتخابات وهو يريد تطييرها لأنه رأى أن حسابات الحقل لا تتطابق مع حسابات البيدر، وحتى اعتذاره ‏لا يكفي. وتابع: نقول له الانتخابات حاصلة وفي موعدها‎.

كذلك لن تعقد الحكومة جلستها الاسبوعية الخميس نتيجة سفر رئيسها سعد الحريري الى تركيا، مبعداً كأس ‏المواجهة المرة عن الوزراء الذين يتبادلون أيضاً الكلام بسقف عال جداً لا بد ان ينعكس على مسار عمل مجلس ‏الوزراء. وعلمت “النهار” في هذا الاطار ان لا نية لدى “امل”، والثنائي الشيعي تالياً، بتفريط بالحكومة لعدم ‏ادخال البلاد في نفق مظلم، لكنهما سيغيران قواعد اللعبة مع الفريق الرئاسي أولاً، ومع فريق الرئيس الحريري ‏الذي سحب وساطته من غير ان يتخذ موقفاً وهو الذي كان أحد مسببي الاشكال الذي قام أولاً على مرسوم الاقدمية. ‏الى أن المصادر طمأنت الى عدم النية لاسقاط الحكومة، مرجحة تحولها الى ما يشبه حكومة تصريف الاعمال في ‏غياب التعاون بين اعضائها‎.

السابق
رغم كارثة الصويريّ الاخيرة عمليات التهريب لا تزال مستمرة
التالي
«التجمع اللبناني» يحمل أطراف السلطة مسؤولية دفع البلاد إلى حافة حرب أهلية