وزير الثقافة لـ«النهار»: لنقاطع إسرائيل في الجوهر وليس في الشكل

وزير الثقافة

الافاق الواعدة التي تنفتح أمام لبنان بفضل ما ينتجه القطاع الخاص لاسيما في عالم السينما تعاني حتى اليوم من داء نقصان الحرية التي “لا إزدهار من دونها ليس في قطاع السينما فحسب بل في سائر الانشطة الثقافية” على حد ما أبلغه وزير الثقافة الدكتور غطاس خوري ل”النهار”. وقد روى الوزير خوري كل الملابسات التي رافقت عرض فيليميّن إجنبي ولبناني كاشفا عن مشروع قانون يتعلق بالرقابة على الاعمال الثقافية يجعل الثقافة في عهدة أهلها وليس بعهدة الامن.
بداية قال وزير الثقافة: “لا شك في ان السينما اللبنانية تخطو خطوات جدية نحو إنتاج أفلام ذات مستوى عالمي. والامر لا يتعلق فقط بفيلم زياد دويري (قضية رقم 23) بل ان هناك أفلاما أخرى أخذت جوائز وآخرها للمخرج الشاب كريم الرحباني ما أعطى هذه السينما تمّيزا بإمكانات تكاد تكون بسيطة جدا والمتوافرة لدينا في الموازنة. لكن، وبقدر الامكان ندعمهم بإعطاء الغطاء الرسمي لهذا النشاط الثقافي ومساعدتهم على ان يكونوا محتضنين من هذه الوزارة التي هي الجهاز المعني بالسينما في الحكومة اللبنانية”.

اقرأ أيضاً: إنّها الحرب يا صديقي… «فيتنام سبيلبرغ» تفضح «فيتنام نصرالله»

أضاف: “السينما تزدهر في جو من الحرية. وهي مع المسرح وسائر الانشطة الثقافية تنتفي أهميتها في جو الرقابة المشددة في موضوع مراقبة الافلام السينمائية والاعمال الفنية والثقافية، قدمنا مشروع قانون موجود أمام مجلس الوزراء وقد وعد الرئيس الحريري بوضعه قريبا على جدول الاعمال ويقضي بنقل الرقابة من وزارة الداخلية من دوائر الامن العام الى وزارة الثقافة. إذا سألتني عن رأيي الشخصي، فأنا أرى أننا في حاجة الى مرحلة إنتقالية لكن يجب أن نصل الى عدم وجود أي رقابة مسبّقة على الاعمال السينمائية والمسرحية والفنيّة. فدول العالم المتطور لا تفرض أية رقابة. لكن هذا لا يعني التفلت بل يعني أنك من ضمن النصوص القانونية تعمل.إذ أن القانون يمنع من الشتم والتحريض الديني والطائفي الذي يمس بالوحدة الوطنية، فالضوابط موجودة في القانون العام ومنها يمكن العمل فتكون هناك رقابة لاحقة وليس مسبقة.وكل من يخلّ بالقانون يتحمل المسؤولية وإذا لم يخلّ بالقانون العام لا يتحمّل أي مسؤولية”.
وعن الملابسات التي سبقت عرض فيلم “بوست” والموقف السلبي الذي أعلنه الامين العام ل”حزب الله” السيد حسن نصرالله منه، قال: “أتمنى على السياسيين الاشتغال بالامور السياسية وألا ندخل ملفات جانبية في الصراع السياسي أكان في البيئة كموضوع النفايات أو في الثقافة والسينما والمسرح أو أي شيء آخر.فهذه أمور ذات إختصاص والدخول اليها من الباب السياسي يعكّر الجو الثقافي والحريات.هناك قانون يجب أن يطبّق وما زلنا ملتزمين مقاطعة إسرائيل وهناك دوائر خاصة في الدولة والحكومة تشرف عليها وهي لم تعتبر أن هذا العمل ذات إنتاج يؤدي الى دعم دولة إسرائيل فكان يجب ألا نمنعه.إذا, يجب أن نحصر الموضوع في إطار تقني فني ثقافي بحت وألا نجتهد في هذا الامر.إن موضوع مقاطعة إسرائيل موجود في دوائر الاقتصاد والامر يعود الى وزير الداخلية الذي قرأ التقارير المتعلقة بهذا الفيلم فكان قراره السماح بعرض الفيلم”.
وتابع: “تقييد الحريات بهذا الشكل يؤدي الى إحباط صعود السينما اللبنانية. حتى الكلام على فيلم لزياد دويري (الصدمة 2012) فقد علقت عليه وقلت ان هذا الفيلم لم يكن بدافع دعم دولة إسرائيل بل كان بدافع إظهار العيوب المجتمعية الموجودة داخل دولة إسرائيل .ونحن نتكلم على الفيلم الاول لدويري الذي يظهر عيوب النظام العنصري البغيض في دولة إسرائيل وتحيّز النظام القضائي الاسرائيلي ضد المواطنين العرب ,لذا يجب عدم التعلق بالشكل بل بالجوهر .لنقاطع إسرائيل بالجوهر وليس بالشكل”.
وردا على سؤال قال: “القطاع الخاص يقوم بمبادرة عظيمة في السينما وينتج أفلاما ذات مستوى .في الخطة الخمسية قلنا سندعم قطاع السينما ولن يكون كما نفعل الان معنويا بل ماديا برصد جوائز للسينما المتيزة كي ندعم الانتاج ونخلق محفّزات للتصوير السينمائي في لبنان كما تفعل دول في مدنها ومنها المغرب ما يصنع دعاية سياحية لها. لذلك يجب ان يحظى التصوير في بيروت بدعم بلديتها والمحافظ وكذلك الامر في مناطق أخرى حيث يجب أن يحظى بدعم الهيئات المحلية بما ينشّط القطاع السياحي .إذا وضعنا سلسلة محفّزات ووفرنا دعما ماديا ومعنويا نستطيع أن ننهض بالسينما اللبنانية بشكل جيد”.
ولفت الى “ان خطة الوزارة للنهوض بالقطاع الثقافي تبلغ كلفتها 280 مليون دولار وهي جزء من الخطة الشاملة لمدة 8 سنوات تماشيا مع الخطة الاقتصادية التي يضعها الرئيس الحريري وهذا كاف للنهوض بوزارة الثقافة في كل الميادين وخلق صناعة ثقافية متميّزة فندعم الاقتصاد اللبناني عبر الثقافة وهذا أمر قامت به دول عدة مثل إيطاليا حيث أدى التوظيف الثقافي الى ثروة حقيقية ودعم الانتاج القومي العام وغالبية المناطق في إيطاليا تقوم بتوظيف ثقافي أو أثري .ونحن لدينا تاريخ زاخر كما هو تاريخ إيطاليا”.
وأعلن ان لبنان سيستعيد في 2 شباط “أثارا سُرِقت من البلاد وستعود من أحد متاحف في نيويورك وسنعرضها على الجمهور اللبناني في المتحف الوطني”.
ومن إنجازات الوزارة :”قمنا بخطوات لبناء متاحف ومنها في صيدا وآخر في بيروت وهو ذو طابع تراثي اركيولوجي ويقع قرب جريدة النهار في وسط بيروت حيث سرّعنا الخطط وبرنامج العمل، إضافة الى المتحف الوطني حيث قمنا بزيادة قاعة للاحتفالات بالتعاون مع جمعية المحافظة على التراث. وفي 3 شباط سنفتتح الاعمال في متحف في مدينة جبيل بيت الحسامي المشهور بقرميده ةالكائن قرب ساحل البحر”.
من كلام الوزير خوري,نفهم ان الثقافة ليست نشاطا للترف بل هي مصدر ثراء معنوي ومادي. والعبرة ستكون في الافعال التي ينتظرها مبدعو لبنان.

السابق
جميل السيد: في لبنان لو أن كل طرف يسمع كل ما يقوله الآخر عنه لكان الدم للرِكَب
التالي
عبارات نابية على صورة باسيل وجاد صوايا!