تقاسم نفوذ في المربعات الامنية في مخيم عين الحلوة

يدور الحديث في وسائل الإعلام عن مخيم عين الحلوة وقد تحول إلى بؤرة أمنية خطيرة تؤذي محيطها، لكن هذا المخيم تحول، وخلال عقدين من الزمن، إلى مجموعة من الأحياء المستقلة نسبياً والمتصلة نسبياً حتى يمكن القول، وبعد سنوات من محاولة ضبط الأمن فيه بصورة موحدة ومن خلال قوة أمنية مشتركة تبسط سلطتها عليه، إنه فقد وحدته كمخيم، وباتت القوة الأمنية المشتركة غير قادرة على الدخول إلى الأحياء كافة، وبات بعضها يتمتع باستقلالية شعبية وأمنية نسبية.

حتى أن اللجنة الشعبية المسؤولة عن المخيم بصفتها سلطة محلية حسب اتفاق القاهرة تحولت إلى لجنة استقبال الوفود والقيام بجولات في مساحات محدودة من المخيم. ويبدو أن الجدار الأمني والسياج الحديدي هما ما يجمع أهالي المخيم في مساحة واحدة. يدخلون إليها ويخرجون منها عبر بوابات محددة.

يسكن في هذه المساحة التي لا تتعدى مساحتها 1.5 كلم2 أكثر من ستين ألف بعد ضم مساحات جديدة إلى مساحة المخيم الأصلية، مثل البركسات وبستان اليهودي وحي أوزو وجبل الحليب وتجمع خط السكة.

والأحياء الموجودة في المخيم كل منها عبارة عن تجمع سكاني يعود إلى أهل قرية أو بلدة في فلسطين لجأوا إلى هذه المساحة وأقاموا خيمهم ثم بنوا بيوتهم بالقرب من بعضهم البعض.

اقرأ أيضاً: نساء عين الحلوة: تمييز فوق التمييز

اللجان الرديفة

في حين حطين هناك لجنة شعبية خاصة بأهالي الحي الذين يسكنه عائلات أتت من حطين وعائلات أخرى من قرى أخرى مثل لوبية، وهذه اللجنة تتحدث بإسم الحي وتقيم علاقات وزيارات إلى فعاليات صيدا بإسم الحي، مثلاً كانت تتابع موضوع مجمع عزام الترفيهي وتطالب بإبقائه داخل المخيم وأن لايمر فيه الجدار الأمني.

أما في حي عرب الغوير ونميرين فهناك لجنة شعبية أخرى على علاقة جيدة مع مختلف الأجهزة والفعاليات اللبنانية.

وفي حي الزيب فنجد لجنة شعبية أهلية ضعيفة يسيطر عليها آل قبلاوي بسبب خلافات العائلة مع عائلات أخرى في البلدة نفسها. أما في حي صفورية فإلى جانب اللجنة هناك مجلس شورى يجتمع دورياً لأخذ القرارات التي يراها مناسبة لأهل الحي.

وفي حي البركسات نجد لجنة شعبية شكلها أحد الأطراف السياسية الأساسية وفي حي طيطبة وبدلاً من لجنة هناك لجنتان إحداها لأهل طيطبة وحسب، والثانية مشتركة بين أهل طيطبة وعرب زبيدة. وفي جبل الحليب لجنة تضم أنصاراً لطرف سياسي فاعل.

ووسط كل هذا الموازبيك هناك لجنتان شعبيتان الأولى تتبع لمنظمة التحرير الفلسطينية والثانية تتبع لتحالف المنظمات الفلسطينية وهي المنظمات التي خارج إطار المنظمة ولا علاقة لها بالقوى الإسلامية.

الوضع السياسي والأمني

بعد دخول الجيش اللبناني إلى المنطقة عام 1991، وتمركزه حول المخيم المذكور، تراجعت الوحدة السياسية في المخيم المذكور. حتى وصل إلى لحظة إعلان القيادة الفلسطينية أن لا مشروع سياسي لها في لبنان وأصدرت إعلان فلسطين عام 2008 الذي تضمن نقداً للتجربة الفلسطينية في لبنان وخصوصاً فترة الحرب الأهلية واعتذرت من اللبنانيين من دون أن تطلب اعتذاراً مقابلاً.

لم ينتج هذا الوضع الجديد خطة تطالب من أجل الوصول إلى الحقوق الإنسانية وبدت القوى الفلسطينية عاجزة عن إعلان برنامج نضالي يدافع عن اللاجئين الفلسطينيين الذين يعانون من حصار وتمييز واضحان. فكان من الطبيعي وضمن ثقافة الغيتو أن تبرز اتجاهات جدية في وسط اللاجئين وخصوصاً في مخيم عين الحلوة التي تجد في شعار “الإسلام هو الحل” الملاذ الأخير أمامها. فشارك أفراد من أهالي المخيم في معارك العراق ضمن تشكيلات إسلامية متشددة وكذلك في سورية وبرزت اتجاهات إسلامية متشددة في المخيم المذكور إلى جانب سيادة الأفكار الإسلامية العامة بصفتها مكون أولي وأساسي في الهوية للاجئين الفلسطينيين. فكيف صار الوضع حالياً في المخيم المذكور؟

تشكيلات متشددة

عندما يذكر حي حطين تقفز إلى الذاكرة ما يقال عن توفيق طه والمشتبه أنه مسؤول جبهة النصرة (القاعدة) والذي هو من صفوري ويسكن حي الطوارئ ويقضي أوقاته في حي حطين. أما يوسف شبايطة المعروف أنه صديق ورفيق المحتجز نعيم عباس يقيم في حي حطين بشكل دائم، فيما نجد في الحي أفراد على علاقة بمجموعة بلال بدر مثل رائد جوهر ونمر عيسى وإبراهيم زعيتر المعروف بالمنغولي، فيما يتواجد مجموعة من عصبة الأنصار التي تحاول أن تتعاطى بشكل جيد مع الوضع العام، وخصوصاً بعد إعلان مسؤوليها التزامهم السياسة السعودية. لكن الملاحظ أن عدداً من مجموعة المقدسي التي يترأسها فادي الصالح قد انتقلت إلى الحي المذكور وهي مجموعة تحظى بدعم من حماس وسرايا المقاومة والشيخ ماهر حمود، هذا إلى جانب قوى فلسطينية تقليدية مثل فتح وحماس.

أما حي عرب الغوير – نميرين فلا وجود لقوى إسلامية متشددة فيما لوحظ أن أحد أعضاء عصبة الأنصار (أبو عاشور) قد سُلّم إلى السلطة اللبنانية بسبب إقدامه على قتل ابن بلاطة. وهناك وجود ملحوظ لحركة حماس.

شؤون 166

خلافات عائلية

وفي حي الزيب يبدو أن الخلاف يتعلق بالعائلات فعائلة خليفة على علاقة بعصبة الأنصار فيما عائلة قبلاوي محسوبة على حركة فتح ويمكن القول أن الوجود الأساسي في هذا الحي لحركة فتح، جماعة اللينو، وأنصار الله (جمال سليمان).

وفي حي سعسع حيث يسكن عضو قيادة عصبة الأنصار أبو طارق فإن العصبة هي المسيطرة على الحي. فيما منطقة الملعب فتسيطر عليها حركة فتح. وفي حي صفورية نجد حركة فتح، وجماعة اللينو وجمعية المشاريع (الأحباش) وكذلك في حي عمقة – السوق التجاري.

وكثر الحديث في الآونة الأخيرة عن حي المنشية لأنه يأوي الفنان فضل شاكر الذي كان يسكن في منزل الإسلامي رامي ورد ثم انتقل إلى منزل مستقل وينظر أن هذا الحي بصفته معقل الحركة الإسلامية المجاهدة، إلى جانب عناصر لفتح وأخرى إسلامية من الشباب المسلم. ومن هذا الحي هاجر أشخاص من آل مبارك (داعش) إلى العراق.

وفي حي بستان القدس، فإن التواجد الأساسي لحركة فتح مع عناصر لأنصار الله. وفي مخيم الطوارئ فإنه معقل المجموعات الإسلامية المتشددة فهناك داعش (هيثم الشعبي – وفتح الإسلام وجند الشام بالإضافة إلى عصبة الأنصار).

نفوذ فتح

وفي حي البركسات هناك تواجد طاغ لحركة فتح وجماعة اللينو. وفي حي طيطبة حيث معقل أسامة الشهابي (النصرة) هناك عناصر إسلامية متشددة أيضاً، وشقيق الشهابي على علاقة جيدة مع حزب الله والأجهزة اللبنانية. أما حي عقبرة فلا وجود لحالات إسلامية بل لحركة فتح من خلال آل الميعاري.

ويشغل حي الصفصاف مركزاً لقوى إسلامية مختلفة فهناك طه شريدي (عصبة الأنصار) ويعيش فيه عبد فضة، أبو جمرة كذلك انتقل إليه بلال أبو عرقوب وشادي صبحة. كما يسكنه جمال حمد الذي هو الأب الروحي للشباب المسلم. وفي حي رأس الأحمر فالسيطرة لحركة فتح (آل الشايب، فرهود) وقد سكن في أحد أطرافه حالياً بلال بدر.

اقرأ أيضاً: الشباب الفلسطيني: رفض لحواجز المخيمات ومعاناة من الاندماج في المجتمع

وساطات حماس

أما حي الطيري غالباً شبه مدمر ولا وجود لأحد فيه. وفي جبل الحليب فالسيطرة لحركة فتح إجمالاً. وتسيطر عصبة الأنصار على حي السميرية. ويسكن حي أوزو لاجئون من مخيمات أخرى، وتجد فيه عناصر إسلامية متشددة بدون تنظيم متماسك.

وفي مخيم المية ومية فالسيطرة حالياً لتنظيم أنصار الله الذي ارتكب منذ نحو عامين مجزرة بحق عناصر من جماعة اللينو، وإلى جانب أنصار الله هناك حماس وفتح.

أما حركة حماس فهي تتواجد في معظم أحياء المخيم وتحاول دائماً أن تلعب دور الوسيط بين الأطراف المتنازعة وعلى علاقة جيدة مع الشيخ ماهر حمود والأجهزة اللبنانية فيما تربط حركة فتح بالسلطة اللبنانية

علاقات رسمية ناتجة عن العلاقة بين السلطتين اللبنانية والفلسطينية.

(هذه المادة نشرت في مجلة “شؤون جنوبية” العدد 166 شتاء 2018)

السابق
نساء عين الحلوة: تمييز فوق التمييز
التالي
قوى الامن تقبض على سارق سيارات: من لبنان الى سوريا…