الخطاب المذهبيّ.. وسيلة السياسيين اللبنانيين نحو البرلمان

الخطاب السياسي لدى السنّة والشيعة والمسيحيين، ترتفع وتيرته خلال فترة الانتخابات النيابية، وكل ما له علاقة بالسلطة وبالقرارات الصعبة. كيف يرى كل من الدكتور كميل شمعون، والصحفي وفيق الهواري أسباب هذا الخطاب؟.

يحفظ كل منّا المبررات التي قدّمها حزب الله حين دخوله الى سوريا، ولا زلنا نذكر ايضا مبررات دخوله الى المجلس النيابي عام 1992 ومبررات عدم دخوله مجلس الوزراء الا متأخرا في العام 2005.

إقرا ايضا: مواجهة الخطاب المذهبي

والجميع يذكر مبررات التمديد لمجلس النواب لثلاث مرات متتالية، ولرؤساء الجمهورية من الياس الهراوي الى اميل لحود، ومبررات إقالة هذا الوزير او ذاك. اضافة الى مبررات عدم توظيف “فلان” او “علتان” نظرا لعدم حيازته على كينونة مذهبية او طائفية ونغمة المبررات الديموغرافية، التي على اساسها يسير الوزير جبران باسيل في خطابه المعتاد.

ولم ينس اللبنانيون بعد خطاب نواب ووزراء كتلة تيار المستقبل بخصوص استهداف واستضعاف السنّة بُعيد اغتيال الرئيس رفيق الحريري. اضافة الى التسعير المذهبي في مسألة النازحين السوريين والفلسطينيين.

هذه النماذج البسيطة ليست إلا عينة من بعض استخدامات السلطة سواء السياسية او الدينية للخطاب المذهبي من اجل تبرير افعالهم الشنيعة.

وفيق الهواري
وفيق الهواري

في هذا الاطار، إلتقت “جنوبية” الزميل العلماني اللاطائفي، وفيق الهوارّي، الذي قال “النظام السياسي الطائفي المسيطر، القائم على المحاصصة، وصل الى طريق مسدود، ولم يعد هذا النظام قادرا على تقديم أية حلول لمشكلات الناس. وبالتالي من اجل البقاء في السلطة والاستفادة من نهب المال العام، لذا تلجأ  اطراف السلطة بكل مكوناتها الى الخطاب المذهبي البغيض الذي يعيد الناس الى مكوناتهم الاولى، أي المذهب والطائفة ويضعوهم في موقع الدفاع ضد هجوم الآخرين، ويصير الخطاب السياسي السائد خطاب الدفاع عن الوجود، الذي يتقدّم على خطاب هموم الناس ومشاكلهم الحياتية. فتصير النزاعات بين أطراف السلطة حول قضايا فرعية، كما يحصل اليوم مع مرسوم الأقدمية الذي يخفي دفاعا عن المنصب، ويتم ابرازه كأنه دفاع عن الطائفة. وكما هو حال جبران باسيل ودفاعه عن المسيحيين، في حين انه يجب عليه ان يدافع عن كل المواطنين، وليس بصفتهم العقائدية”.

ويتابع الهواري، بالقول “بالمقابل نرى خطاب مظلومية السنّة حيث يحولون الشعب الى قطعان يصدّق معها الناس ان وجودهم بخطر. فخطاب السلطويين يعتمد على اثارة الناس، لذا لن يبقى في أيدي الزعماء الا التجييش”.

وردا على سؤال، قال الزميل الهواري، ان “اللوائح المقفلة لن تخفف من حدة هذه الخطابات، بل سيتحول الامر الى صراع داخل الطائفة نفسها، ومن سيمسك الطائفة. فالصراع السنيّ الشيعي يتحول الى صراع سنيّ سنيّ وشيعي شيعي. وهو عبارة عن تفتيت داخل التفتيت، وخير دليل على ذلك ما يجري في محافظة الشمال، حيث التمثيل أكثر وضوحا، اضافة الى اصرارهم على تقسيم بيروت بحسب خطوط التماس التي كانت خلال الحرب الأهلية حتى يقولوا للناس ان الحرب مستمرة ولا يجب ان تلتقوا”.

الدكتور كميل شمعون
الدكتور كميل شمعون

في الاطار نفسه، يؤكد الدكتور كميل شمعون، رئيس منتدى الشرق للتعددية، والذي يضم وجوها لبنانية متنوعة، ان “سر استعمال الخطاب التجييشي خلال فترة الاستعداد للانتخابات ينطبق على وضعية انه كلما اقترب الاستحقاق نرى الناس يستعملون عبارات مذهبية، بل ينبهون الناس الى ان هذا البلد هو عبارة عن مجموعة من الملل والمجموعات الطائفية. وهذه آفة، وهي تضعنا امام نقمة عامة”.

ويضيف، الدكتور شمعون، بالقول “نحن نسير في عملية بناء الدولة التي اقاموها منذ مئة سنة الى اليوم، والتي ستستمر لمئة سنة قادمة. وهم لا يذكرون اننا سنة او شيعة او مسيحيين بعد وصولهم الى ما يسعون إليه، في خطابهم الفئوي، ويكونون بذلك قد حقنوا الناس. فهم يريدون القول لنا اننا مجموعة طوائف، ونحن نقول لهم إن اردنا بناء وطن علينا بناء جسور بين الطوائف”.

إقرأ ايضا: هل اصبحت «المثالثة» أمراً واقعاً لإنقاذ المسيحيين في لبنان؟

ويضيف شمعون “الخطاب العام الغرائزي هو الذي يوصل، والخطاب المتقدّم هو خطاب فاشل لانه لا يوصل الى اي مكان، وقد لفتني امس خطاب الصحفي علي حجازي في توجهه الى الشيعة بدعوة الى مقاطعة الدكتور ناجي حايك في انتخابات جبيل، ردا على تأييد حايك لفيلم “ذا بوست” لستيفن سبيلبرغ، الذي خلّف انقساما بين الحليفيين حزب الله والتيار الوطني الحر”.

إذن، عدة الشغل هي في اثارة النعرات المذهبية.. فمن يحاكم هؤلاء المذهبيين في بلد لا تنقصه التوترات ابدا.

السابق
كريدية يوضح سبب بطء الإنترنت في لبنان
التالي
بعد الادعاء على هشام حداد.. موجة تضامن كبيرة تحت عنوان «الحريات»!