كارثة «الصويري» تفضح طرق التهريب في لبنان

يتّخذ المهربون مسالك عديدة للتهريب، وكل بحسب سهولتها، وعدد الدوريات العسكرية، والحالة المناخية، اضافة الى الصفة الديموغرافية والسياسية والمذهبية للهاربين والمهربين.

فالتهريب يحمل اعباء لا يمكن ان يتحملها، الا من باع ضميره، خاصة فيما يتعلق بعمليات التهريب في البحر بين شرق المتوسط وغربه. لكن ان تصل المأساة الى الحدود اللبنانية السورية، فهذه الحدود السهلة تستدعي السؤال عن طينة هؤلاء المهربين.

إقرا ايضا: أكثر من 1000 سوري يُهربون يوميّا الى لبنان

فقد أضاءت مأساة 16 ضحية سورية في بلدة الصويري البقاعية على عملية تهريب السوريين إلى لبنان وبينهم أطفال على أزمة الحدود الفالتة بين لبنان وسورية بسبب الحدود المتداخلة والطبيعية التي يصعب رصدها الا عبر أجهزة وتقنيات عالية جدا.

وما يصعّب من مهمة المراقبة على حراس الحدود اللبنانية من درك وأمن عام هو تخفيّ المهربين في اطار مهنة الرعي. فالراعي يحفظ  الطرقات والممرات وهو الذي يشكّل العمود الفقري لمافيات التهريب. فمأساة 16 ضحية ماتوا صقيعاً، فتحت العيون على الجارة بالبشر من اجل دولارات معدودات.

وقد اشتهر لبنان وسورية بالتهريب منذ أزمان، حيث تركّز الامر على تهريب المواد الضرورية لأبناء البقاع كالمازوت والبنزين خاصة في فصل الشتاء، وفي ظل تفاوت الاسعار بين البلدين، نظرا لاختلاف النظام الاقتصادي بينهما، اضافة الى الادوية المدعومة من الحكومة السورية في ظل تفلت اسعار الدواء في لبنان.

لكن، ومنذ اشتعال الأحداث في سورية تحولت مهمة الرعاة والمهربين الى مهمة ارقى، اذ بدأوا يهربون البشر، رغم ان الحدود فتحت للسوريين عبر المعابر الشرعية ودخل لبنان ما يربو على مليوني نازح ولاجئ.

إقرا ايضا: سعيد زخيا سفير لبنان في سوريا بموافقة الحريري

علما انه بين سورية ولبنان يوجد عددا كبيرا من المعابر، اما المعروفة وغير الشرعية فقد حُددت بأربعة، وهي:

جنوباً: من بيت جن، من أطراف الجولان والقنيطرة في اتجاه مزارع شبعا ومنطقة شبعا.

البقاع الغربي: عبر بلدات حلوة، كفرقوق، وعيحا وصولاً الى عين عطا وشبعا وراشيا.

الهرمل: رأس بعلبك، القاع، وعرسال.

دير العشاير-المصنع- عنجر: تشكل الخط الأصعب، فبعد تخطّي الحدود الرسمية، يتّخذ المهرِّبون طريقاً ترابية مقسومة بثلاثة إتجاهات: إلى الصويري، أو الى جانب مركز الدفاع المدني، أو في اتّجاه عنجر.

وكان سابقا خط البقيعة من أشهر خطوط التهريب في تسعينيات القرن الماضي، وهو معبر غير شرعي، يقع في وادي خالد في عكار، حيث تحول الى خط استيراد وتصدير بين لبنان وسورية، بدءا من الفاكهة الى السلاح، وقد وصل عدد المحال التجارية الى حوالي 1000 محل تجاري في البقيعة، وذلك بحسب “الكلمة أون لاين”.

ويُشكل مهربو البشر شبكات شبيهة بشبكات المخدرات، وشبكات سرقة السيارات، فهي مؤلّفة من رعاة لبنانيين وسوريين غالبا. وتلعب صفة الهاربين دورا كبيرا في كمية البدل المالي للمهرّب، بحسب “الجمهورية”.

ورغم تشديد الاجراءات الأمنية على بعض المعابر الحدودية، الا انه لا تزل العمليات باتجاه واحد ناشطة جدا أي خروج السوريين باتجاه لبنان، نظرا للاوضاع الامنية والعسكرية المتعثرة في سورية، كما وصفت “المدن”.

إقرأ ايضا: 300 عائلة سورية في العراء والسبب إزالة مخيم بلا سبب

ولا بد من القول ان التهريب قد شكّل سابقا بين لبنان وسورية مصدر رزق لآلاف العائلات المقيمة على الحدود المشتركة بين لبنان وسورية، حيث تبلغ مسافة هذه الحدود حوالي 330 كيلومترا. ويعتمد المهربون في عملياتهم على البغال لتهريب السلع والسلاح والآثار والسلع الغذائية إضافة إلى تهريب البشر التي فضحتها مأساة الصويري المفجعة التي راح ضحيتها 16 شخصا.

السابق
حان الوقت لإصدار أحكام قضائية رادعة…
التالي
توقيف تاجر سلاح في رياق