الثقافة الكربلائية المغيبة إنتخابيًا

الانتخابات النيابية
بالله عليكم كيف يكون حسينيًا من ينتخب لمن يذله أمام أبواب المستشفيات؟

معلوم حجم المساحة الضخمة التي تحتلها واقعة كربلاء والنهضة الحسينية في الوجدان والعقل الشيعي، وما كان لهذا الحضور من مفاعيل مباشرة بتزخيم الفعل المقاوم إبان الإحتلال الاسرائيلي، فكان من أعظم تجلياته واقعة النبطية والهجوم المدني على آليات المحتل وحرقها في اليوم العاشر أثناء إحياء مراسم عاشوراء.
بالرغم من معرفتنا لخطورة الإسقاطات الدينية على واقعنا، ورفضنا محاولات تصنيف الآخر إنطلاقًا من مسبوقاتنا العقائدية إلا أن هذا لا يمنع من إستحضار العناوين العامة والأهداف الرئيسية لحدث تاريخي سياسي بامتياز وله حضور قوي في حياتنا، ومطالبة المؤمنين الحسينيين به على قاعدة إلزامهم بما ألزموا به أنفسهم.

أنا أدعي بأن تغييب الثقافة الكربلائية عن الإنتخابات النيابية، هو بمثابة الخيانة للإمام الحسين، ولثورته المباركة ولتضحياته، لأن الإصلاح في الأمة (المجتمع)، لا يكون فقط من خلال القتال والدم والشهداء، ولا يكون طبعًا في وجه العدو الخارجي فقط، وانما بالدرجة الأولى هو في وجه حكام الداخل قبل أي شيء، وبغض النظر عن الأسماء والإنتماءات.
فشعار “هيهات منا الذلة”، كما رُفع عن حق في وجه إسرائيل والتكفيريين وكل أعداء الخارج، من الطبيعي أيضًا أن يرفع في وجه كل من يسبب بإذلالنا (عن قصد أو عن غير قصد)، من خلال فساده أو سكوته عن سرقة أموالنا ولا يهتم بتحقيق الحد الأدنى من حقوقنا التي يجب أن نحصل عليها بكامل كرامتنا كمواطنين في هذا البلد.

إقرأ ايضًا: قانون النسبية يغربل التحالفات في دوائر الجنوب الثلاث

لو قدر للإمام الحسين عليه السلام، أن يستدبل معركته في الطف عام 62 للهجرة، بمعركة إنتخابية واستبدل السيوف والرماح بصناديق الإقتراع، لما تبدل عنده أي شعار من شعاراته، ولخاض حملته الإنتخابية تحت شعار “هيهات منا الذلة” ولطلب من كل المسلمين أن يصوتوا للائحته الإنتخابية تحت عنوان “إنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي”.

بالله عليكم كيف يكون حسينيًا من ينتخب لمن يذله على الطرقات؟
بالله عليكم كيف يكون حسينيًا من ينتخب لمن يذله أمام أبواب المستشفيات؟
بالله عليكم كيف يكون حسينيًا من ينتخب لمن يذله بتلويث مياه أنهاره؟
بالله عليكم كيف يكون حسينيًا من ينتخب لمن يذله ليحصل على وظيفة لولده؟
تعلم جيدًا أيها القارئ العزيز أنه إذا أردنا أن نستذكر مكامن إذلالنا اليومي، من هذه الطبقة السياسية ونوابها لطال بنا المقام، فهل سوف يحضر نداء “هيهات منا الذلة” أمام صناديق الإقتراع؟ أم أن البروبوغندا الإعلامية للثنائي الشيعي سوف تعمل على تغييب هذا الشعار واستحضاره فقط حين يخدم مشاريع الزعامات الشيعية المتربعة على صدورنا باسم الشيعة وحقوق الطائفة في حين نحن كمواطنين نعيش في مستنقع أبشع أنواع الذلة؟

السابق
الأزمة بين الرئاستين مستمرة وبرّي خائف على اتفاق الطائف
التالي
تحرك انساني لنشطاء فلسطينيين: نريد العيش كبشر!