«ربة المنزل» و«أم الشهيد»… نموذج المرأة المثالية عند حزب الله!

المرأة في حزب الله
لعلّ أخطر ما في قرار "حزب الله" بحرمان المرأة اللبنانية من حقها في المشاركة بالعمل السياسي بحجج واهية، هو ما يترسّخ من ثقافة ذكورية تتجسّد بعنوان كتاب للدكتورة نوال السعداوي "أنثى ضدّ الانثى".

فيما تكافح المرأة والمناضلات في لبنان لإنتزاع حقوقهن من واقع ذكوري مرير، يحدث أن تبرّر قوى سياسية عدم إشراك المرأة في الإنتخابات النيابية القادمة بتبرير ذكوري يشبه الفتوى الدينية.

أما أخطر ما في الأمر أنّ هذا التبرير جاء على لسان إمرأة ، في وقت تحرم المرأة في لبنان من أهم حقوقها عبر إستبعادها عن مراكز صنع القرار، حيث لا تزل مشاركتها في المجلس النيابي هامشية وإستثنائية ومحصورة بالتوريث العائلي والحزبي، في واقع فرضه رؤساء الطوائف والاحزاب الذين في كلّ مرّة يبتدعون حججا وأعذارا لعدم إعطاء المرأة هذا الحق.

وفيما جاءت الفتوى على لسان السيد حسن نصرالله الأمين العام لـ “حزب الله” منذ أيام في مقابلة تلفزيونية حول قرار الحزب بعدم إشراك المرأة في الحياة السياسية بتبرير ذكوري محض إذ صرّح “في لبنان يجري تقييم النواب بالتعازي والأفراح والخدمات ونحن في “حزب الله” ليس لدينا نساء لهذه الوظيفة”. كررت عضو المكتب السياسي في “حزب الله” ريما فخري فحوى هذه الفتوى الشرعية بالتأكيد حول أن ” على المرأة واجب المشاركة حيث يجب أن تكون. ويجب أن تكون فاعلة سياسياً وعندها طاقات وهي قادرة. وان عمل النائب يتركز على العمل الخدماتي والاجتماعي ما يتطلب الخروج الدائم من حياة الأسرة. ونعتقد أن المرأة يفترض أن تعمل لأهداف أساسية، وكونها امرأة مطلوب منها أن تربي أجيالاً ما يأخذ من وقتها وحركتها، ونحن نتحفظ عن ترشيح سيدة”. وقد اعلنت فخري ذلك في الندوة التي نظمها مكتب وزير الدولة لشؤون المرأة جان أوغاسبيان حول «دور الأحزاب السياسية في تشجيع تمثيل النساء في انتخابات 2018 النيابية».

فما قاله نصرالله لا يمثل فقط إتجاه حزبه إنّما هو أمر تجمع عليه كافة الأحزاب اللبنانية وان بطرق غير مباشرة وصريحة، كما تناولتها فخري، وشرحت الفكرة نيابة عن امين عام حزب الله، لتظهرالنظرة الدونية والرجعية تجاه المرأة في صفوف حزب الله عبر حصر دورها بالإهتمام بأسرتها وتربية الأجيال، ويبقى السؤال في ظلّ هذا الواقع الذي يعترف به الحزب: لماذا لا يعتكف الحزب عن العمل النيابي إلى حين إصلاح دور نائب الأمّة، كي لا يقتصر دوره على “المشاركة في المناسبات”، وذلك بدلا من حرمان المرأة من حقها في الترشّح للمجلس النيابي؟

وفي هذا السياق، كان لـ “جنوبية” حديث مع منسقة الخدمة القانونية في جمعية “كفى”، المحاميّة ليلى عواضة التي رأت أنّ أوّلا هناك إستنسابية بأدورا النساء لدى الأحزاب، ففي جميع الأحزاب هناك هيئات نسائية لديها نشاطات تستهلك لكنّها تجيّر لمصلحة الرجال في الأحزاب. فمثلا نرى النساء عنصرا اساسيا في المكينات الإنتخابية إلا أن الأصوات في نهاية المطاف تجيّر لمصلحة الرجال”. وتابعت “ثانيا، من حرّف دور النائب هم الأحزاب والطوائف الذين كرسوا مبدأ أن مصلحة المواطن لدى الطائفة وزعيمها وليس لدى الدولة”. وشددت على أن “من يطالب بإصلاح دور النائب لإشراك المرأة، فممارستهم هي التي أدّت إلى تحريف هذا الدور”. وقالت عواضة “فليكونوا هم السباقين إذا، وليمارسوا دور النائب عبر تقديم نموذجا يقتدى به”.

وأكّدت عواضة أن “عدم مشاركة النساء في الحياة السياسية له خلفيات مختلفة تماما عن الحجج التي قيلت. مشيرة إلى أنه له شق ديني، لكن تمّ التذرع بهذه الحجج كي لا نقول أن المرأة عورة وعليها البقاء في المنزل..”.

اقرأ أيضاً: المرشحون البقاعيون يصوّبون على الإنماء والعفو العام

وأخيراً، قالت إن الفكر الذكوري ثقافة إجتماعية تربّى عليها النساء والرجال، والنساء تعيد تربيتها لأجيال أخرى. فعند التحدث عن فكر ذكوري فهو ليس حكرا على الرجال”.

وفي الختام، نقول لماذا لا ينقل حزب الله النموذج الإيراني المتحرّر نسبيا للمرأة الايرانية من حيث مشاركتها ولو كصفّ ثانٍ في مراكز صنع القرار، كما ينقل السلاح وفكر ولاية الفقية التبعي إلى لبنان؟.

ففي إيران تلعب المرأة الإيرانية دورا حيويا وفعالا في الحياة السياسية إذ تشغل مناصب عالية وحساسة في الدولة كمنصب نائب رئيس الجمهورية في الشؤون القانونية، ونائب أمور المرأة والأسرة، ونائب رئيس الجمهورية ورئيس مؤسسة الحفاظ على البيئة، ووزير للصحة ومنصب نائب رئيس الجمهورية لشؤون العلوم والتكنولوجيا، ومنصب محافظ مدينة. أما في لبنان ومجتمع حزب الله تحديدا، فالمرأة دورها محصور فقط ضمن حدود منزلها وعائلتها، بينما الصفة المجيدة الأهم بالتأكيد فهي فقط نموذج “أمّ الشهيد”.

السابق
مايا دياب للحريري: منحبك!
التالي
عقدة إردوغان تنفجر في عفرين: لا لحزام كرديّ في سوريا