حوار عربي- إيراني في بيروت.. فهل تسمع الرياض؟

في ظل مؤتمر الحوار العربي- الايراني، وبعد محاولات عديدة من مفكرين وباحثين عرب، وبالأخص لبنانيين بإقامة جسور إيرانية عربية ثقافية.. ماذا استفاد العرب من إيران الإسلامية، وماذا استفاد الإيرانيون من العرب؟

انعقد في بيروت “المؤتمر الحواريّ بين العرب والإيرانيين”، تحت عنوان “نحو مستقبل مشترك- الأمن والاستقرار والتعاون”، بدعوة من المركز الاستشاري للدراسات والتوثيق وبالتعاون مع الجامعة اللبنانية، ومركز باحث للدراسات. فتناول المحاور التالية: الدولة الوطنية، وإشكالية الاستقلال، والشراكة، وتماسك الهوية، والعلاقات الإقليمية من التوازن إلى الشراكة الواسعة، الأدوار والمشاريع الدولية في الإقليم وكيفية مقاربتها، والتهديد الاسرائيلي للقضية الفلسطينية وأهمية التعاون الاقليمي لمواجهته، ووضع استراتيجية مشتركة لمواجهة قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن القدس، وكيفية دعم الانتفاضة الفلسطينية الثالثة.

إقرأ ايضا: هذه أسباب التظاهرات في إيران ولذا تختلف عن ثورة 2009

سعد محيو

تحت هذا العنوان، أكد الباحث سعد محيو، ان “العرب استفادوا بالمطلق من ايران، خاصة عندما نتذكر أيام الشاه حيث كان هناك تحالف استراتيجي مع اسرائيل، وتحولها الى داعم لفلسطين، اضافة الى المقاومة في لبنان”.

لكن “إيران خسرت في الداخل العربي حيث تتعرض يوميا لضغوطات، وان كانوا يعملون على التمدد الاستراتيجي، خاصة ان قوتهم التفاوضية مع اوروبا إزدادت. ولكن الضغوطات الداخلية المتمثلة في التحركات الشعبية تسأل عن اهمية النفوذ الاقليمي مقارنة بالقدرات الموجودة لدى إيران. ولا يمكن نسيان لعب السعودية ضد ايران، والاقصاء الدولي لها عبر خفض سعر برميل النفط، رغم ان السعودية نفسها قد تأذت، لكن ليس بالمقدار الذي تأذت فيه ايران ذات الـ90 مليون نسمة، مقابل 20 مليون سعودي”.

“وقد بدأ الايرانيون بممارسة سياسة الدفاع عن الثورة، وهي عكس ما قيل عن فكرة تصدير الثورة. وهو نوع من دفاع بدل الهجوم. وقد استمرت الحرب على ايران اقتصاديا، فكانت فكرة تصدير الثورة نوعا من دفاع وليس ههجوما”.

كما “كان لافتا عدم تعاون الحركات الاسلامية السنيّة مع ايران، كما ان الغرب وقف بمواجهتها، ولم يتوقعوا ان يحاربهم العرب بعد سنتين من تسلمهم النظام في حرب دامت 8 سنوات. وربما يعود السبب الى العامل المذهبي والانشقاق المذهبي التاريخي”.

وحول استفادة إيران من العرب اوالعكس، يقول العلامة محمد حسين الحاج، رئيس المجمع الثقافي الجعفري وخريج حوزات قم المقدسة، لموقع “جنوبية”، ان “العرب استفادوا كثيرا من ايران، حيث يمكن القول ان ايران لعبت دورا مهما في قمع الجهات التكفيرية الموجودة في العالم العربي، والوقوف امامها بشتى السبل. كما غذّت إيران ثقافة المواجهة ضد العدو الاسرائيلي لدى بعض القوى والاحزاب. وهذا يُعد من أهم انجازات إيران. فسياسيا بعد الملك فيصل، والرئيس جمال عبدالناصر، لم يكن هناك طروحات جدّية في مواجهة اسرائيل، حيث عملت ايران على ترسيخ ثقافة مواجهة العدو في لبنان وفلسطين”.

هذا من جهة، اما “من جهة الاستفادة الايرانية فان طهران استفادت من خطوة مواجهة اسرائيل والجهات التكفيرية حيث اصبحت رأس حربة في المنطقة مما جعل اسرائيل تحسب ألف حساب لإيران خوفا من توسعة هذه الأطر في اوروبا وغيرها من البلاد”.

مما جعل “القوى المعادية لإيران تحسب لها ألف حساب. واوجدت ايران لنفسها بذلك موقعا كقوة فاعلة، وأصبحت الدول الداعمة لاسرائيل تحسب حسابا كبيرا لإيران على هذا المستوى، مما جعل لها فعاليّة وكلمة على المستوى الدولي. وهذه فائدة مهمة لإيران عنوانها مواجهة التكفيريين”.

بالمقابل، يقول المحلل السياسي الايراني، مجيد مرادي، لـ”جنوبية”: “المشكلة الرئيسية في العلاقات الثقافية بين إيران والعرب هو سيطرة السياسة عليها حيث يبدو من شبه المستحيل عقد أي حوار بين إيران الثقافة والعرب الثقافة. ذلك لأن المؤسسات الدراسية والمراكز الأكاديمية في العالم العربي وإيران لا تقوم في الأغلب الأعم بأي نشاط مستقل عن إرادة السلطة السياسية لأنها أساسا جزء من الحكومة، وأما غير الرسميين فلا حول لهم ولا قوة لهم”.

ويلفت المحلل السياسي الايراني، الى انه”يترتب على الوضع الحالي أن نرى الجامعات ومراكز البحوث والباحثين لا تتمكن من أداء دورهم وهم يشكّلون الفئة المثقفة. وعندما تتحول الثقافة والحوار الثقافي الى أداة بيد السياسة، نصل الى مرحلة تأخذ الحوارات الثقافية صورة كاريكاتورية بسبب غياب الآخر فيها لأنه لا معنى للحوار مع الذات، وأن الحوار يجب ان يكون مع آخر مختلف ومغاير ومعارض. ان العالم العربي وإيران يعيشان اوضاعا وتحديات مشابهة ثقافيا واجتماعيا تتطلب التفكير المشترك والتدبير المشترك والحوار الجدي بينهما”.

ويؤكد مرادي، بالقول”على سبيل المثال مشكلة التطرف الإسلامي هي مشكلة ثقافية قبل ان تكون سياسية، والقضاء عليها يتطلب مشاركة الجميع وخاصة الإيرانيين والعرب. مشكلة الطائفية والمذهبية والتطرف المذهبي ليست سياسية بقدر ما هي ثقافية”.

ويختم “طالما تخضع الثقافة للسياسة، فلن يترتب على تلك الحوارات الرسمية الرتيبة والشكلية أثر ملحوظ. ان الطريق الى الآخر الثقافي فيما يخصّ إيران والعرب مسدود في ظل الأوضاع الراهنة”.

إقرأ ايضا: الشيرازيون والإخوانيون… الى الواجهة

فهل تتآلف الثقافتان معا، خاصة ان الاسلام يجمع بينهما؟ وهل تتحاور الانظمة من أجل تسهيل حوار الثقافات؟ وهل ان السعودية الوهابية ترغب بفتح خط حواري مع ايران الشيعية؟ وهل تسعى مصر الى تطوير العلاقات السنية – الشيعية؟

السابق
ما عادوا يريدون اتفاق الطائف
التالي
ممثلة حزب الله: نتحفظ عن مشاركة المرأة في الانتخابات النيابية