سرّ معركة من سيربح المرسوم وقصة لم ترو بين الحريري وجعجع

احمد عياش

لو جرى إستطلاع للرأي اليوم سيبدو موقف  اللبنانيين حيال الحرب الدائرة بين الرئاستيّن الاولى والثانية حيال مرسوم الترقيات أشبه بحال “الاطرش في الزفّة” مثلما هو حالهم مع إستحقاق الانتخابات النيابية في أيار المقبل حيث يقال  ,وهو أمر يدعو للغرابة,ان المعنيين أنفسهم ما زالوا غير محيطين بالقانون الذي يتضمن مبدأ النسبية للمرة الاولى في تاريخ هذا البلد.

في معلومات لدى اوساط رسمية ان الجدل الدائر بين قصريّ بعبدا وعين التينة ظاهره دستوري وباطنه إنتخابي .فرئيس الجمهورية ميشال عون عزز موقفه في هذا الجدل برأي هيئة التشريع والاستشارات في وزارة العدل الذي أفتى ب”أن الوزير المختص للاشتراك في التوقيع مع رئيس الجمهورية على المرسوم المذكور هو وزير الدفاع ,وأي وزير آخر يتبع أحد أو بعض الضباط لإدارته بحيث لا يشترك معهم بالتوقيع وزير المال”.فيرد الاخير بصفته الشيعية أن “البحث عن حجج لتغطية تجاوز الدستور لا تنفع وتزيد إرباك أصحابها وتخلق إشكالات جديدة”.لكن القضية التي تتفاقم بين الجانبين بحسب هذه الاوساط مرده الى أمر يخص رئيس مجلس النواب نبيه بري تحديدا الذي وجد في التوقيع الشيعي على مرسوم الترقيات فرصة “ليحكي مع الجارة “التي هي الرئيس عون,”كي تسمع الكنّة” الذي هو “حزب الله” تحديدا.وكل ما أعلنه الاخير حتى الان هو موقف مبدئي ينطلق من التمسك بأحكام الدستور الذي يحتكم اليه في وقت واحد كل من عون وبري على قاعدة ان كل منهما يقول ان الحق معه. وقد إمتنع الحزب حتى الان المجاهرة حرفيا بأنه مع بري ضد عون ما يعني ان هناك “سرّا” في هذا الموقف فما هو يا ترى؟

إقرأ أيضاً: جعجع وآخرون في خطر عزلة؟

في معلومات ل”النهار” ان الرئيس بري في حالة إنزعاج مما جرى في المرحلة التي تلت إقرار قانون الانتخابات والتي شهدت إتصالات خلف الكواليس بين القوى الرئيسية .ففي هذه الاتصالات كانت هذه المرجعية او تلك تكتفي بالحوار الدائر مع “حزب الله”,وعندما تُسأل من بري تجيب “ان البحث يدور مع الحزب” ما جعل زعيم حركة “أمل” يتوجس من أسلوب التجاهل الذي يمارس بحقه وكأنه صار في موقع المتلقي للقرارات وليس في موقع صانعها الامر الذي  دفعه الى الاستفادة من الخلاف على مرسوم الترقيات ليذهب فيه الى أقصى مدى فيلاقيه عون في المقلب الاخر ليكون يجعل من المواجهة فرصة إثبات موقعه المدافع عن صلاحيات الرئاسة الاولى.وحتى الان تبدو المواجهة بين رئيسيّ الجمهورية ومجلس النواب من النوع الذي قد يطيّر الانتخابات ,فيما تشير المعلومات الى ان هذه المواجهة ستنتهي بالجلوس الى طاولة توزيع الحصص التي يتطلع اليها “حزب الله” في الحوار مع القوى الاساسية ليكون بري شريك مقررا وليس متلقيا.

ما بين الحريري وجعجع

إذا كانت هذه هي الحال الملتبدة  بين الرئاستيّن الاولى والثانية وبينهما “حزب الله”  ,فإنها تبدو على إنقشاع بين بيت الوسط ومعراب.وفي المعلومات ان اللقاء الاهم حتى الان والذي جمع أخيرا بين رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع ووزير الثقافة غطاس خوري في حضور وزير الاعلام ملحم رياشي قارب بصراحة كاملة الاسباب الكامنة وراء أزمة العلاقات بين الرئيس سعد الحريري وجعجع.ومنشأ الازمة كما هو معروف الطريقة التي تعاملت بها “القوات اللبنانية” مع إستقالة الحريري التي أعلنها من الرياض في الرابع من تشرين الثاني الماضي.وقد ذهبت القوات الى التمسك بالاستقالة من دون الاخذ بالإعتبار ما إذا كانت الإستقالة طوعية أم لا فظهرت مبتعدة عن الحريري خلافا لما كان عليه موقف الرئيس عون الذي تمسك بتقديم الإستقالة على الاراضي اللبنانية.وقد ظهر في النتيجة أن موقف رئيس الجمهورية كان أكثر حرصا على رئيس مجلس الوزراء ممن يفترض انهم حلفاء الاخير وبالاخص جعجع.وقد أثار موقف “القوات اللبنانية” الذي بدا “ملكيا أكثر من الملك” كما يقال حفيظة الجمهور السني إنطلاقا من أن السقف السياسي تحدده القوى في لبنان وليس خارجه.ووقتذاك إنطلقت مناكفات إعلامية بدأت بتسريبات من الجهة المؤيدة لتقديم الحريري إستقالته في لبنان ونالت من “القوات اللبنانية” التي لم ترد بتسريبات بل بتصريحات مباشرة على لسان قياديين منها تطورت الى موقف مباشر من جعجع نفسه في مقابلة مع قناة “أم تي في” الامر أثار إستياء واسعا في أوساط “المسقبل”.لكن وبعد مرور أسابيع هبت برودة على هذا الواقع الساخن تقرر خلالها ان ينطلق حوار بين الجانبيّن عنوانه “مصارحة يمهد للمصالحة”,وقد تناول الحوار في صورة اولية الاستراتيجية السياسية التي يجب إعتمادها وضمنها مشروع الدولة وكيفية التعامل مع سلاح “حزب الله” ومصالح الفرقاء كافة في الانتخابات المقبلة.وليس سرا القول ان جوهر موقف الحريري إنطلق من أن إنتخاب العماد عون رئيسا للجمهورية أسهم في إنقاذ لبنان من مخاطر الفراغ في سدة الرئاسة الاولى وتلاه الانخراط في مشروع النهوض الاعماري والتنموي في إنتظار جلاء التطورات في المنطقة على ان يكون العمل على قاعدة التعاون بين رئيسيّ الجمهورية والحكومة. ويتوقع أصحاب هذه المعلومات ان تتم المصالحة  قي أي وقت بين الحريري وجعجع عندما يجري تثبيت هذه الاسس في العلاقات بين الجانبيّن.

إقرأ أيضاً: أزمة طائفية بين بري وعون وحزب الله في دوامة الاحراج

في زمن الانتخابات تختلط الاوراق.وكأننا الان أمام مشهد يماثل البرنامج التلفزيوني الذي يحمل عنوان “من سيربح المليون” .فالسباق حاليا بين عون وبري حول من سيربح المرسوم في موازاة حفلة “غسل القلوب” بين الحريري وجعجع. وإذا سأل أحد عن موقف الامين العام ل”حزب الله” السيد حسن نصرالله فعليه ان يعرف ما يجري في طهران حتى يعلم ما يدور في بيروت!

السابق
النسبية والصوت التفضيلي: هكذا يتم احتساب الأصوات…
التالي
السعودية تخصص 7 مليارات دولار للاستثمار في مشاريع الطاقة المتجددة