سجال الأقدمية يزداد ضراوة.. ومخاوف على عمل الحكومة

شهدت ازمة مرسوم الاقدمية للضباط بين الرئاستين الاولى والثانية تصعيدا لافتا امس، طرح تساؤلات حول تداعياته المحتملة على العلاقة بين الرئاستين وعلى مسيرة العمل الحكومي وتعاون السلطات. بعد رأي هيئة الاستشارات في وزارة العدل .

لم يفاجأ معظم المعنيين والقوى السياسية أمس باشتعال موجة جديدة حادة من السجالات بين فريقي رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري تسبب بها صدور رأي هيئة التشريع والاستشارات الذي نشرته “النهار” أمس في مسألة توقيع وزير المال المرسوم والذي جاء لمصلحة موقف رئيس الجمهورية . لكن ردود فعل الرئيس بري وفريقه أثبتت مرة أخرى ان عمق الأزمة تجاوز البعد القانوني والقضائي بدليل التشكيك في الجهة التي أصدرت الرأي واعتبارها محسوبة على وزارة العدل وفريق رئيس الجمهورية، وهو موقف كان بري عبر عنه أساساً منذ بدء الازمة تلميحاً وتصريحاً باعتباره وزارة العدل وزارة لفريق، ورد عليه “التيار الوطني الحر” غامزاً من قناة سياسات وزارة المال أيضاً. بحسب “النهار”.

إقرأ ايضًا: رأي وزارة العدل يحرج برّي فكيف سيردّ بعد عودته من طهران؟

إذاً اشتعلت موجة جديدة من السجالات الحادة أمس على خلفية رأي هيئة الاستشارات والتشريع الذي قال عنه الرئيس بري من طهران “هي استشارة بناء على الطلب مع الاسف”. وعلق وزير المال علي حسن خليل عبر حسابه على “تويتر”، على رأي الهيئة قائلاً: “البحث عن حجج لتغطية تجاوز الدستور لا ينفع ويزيد ارباك اصحابها ويخلق اشكالات جديدة”. وأضاف: “لسنا في حاجة الى رأي “غب الطلب” ويتعلق بموضوع غير مطروح أصلاً. وتوضيحاً لما نشر في فتوى بناء للطلب، فإن مجلس القضايا في مجلس الشورى أصدر في تاريخ 19/11/1992 قراراً حمل الرقم 4/92-93 وقال حرفياً: “ان وزير المال يجب أن يوقع على كل المراسيم التي تترتب عليها بصورة مباشرة، وحتى بصورة غير مباشرة، نتائج مالية أو اعباء على الخزينة”. ولنعد الى المرجع المستشار يوم قال: “إن المرسوم لا تترتب عليه اعباء مباشرة بل غير مباشرة، وبالتالي ليس في حاجة الى توقيع وزير المال. فليقرأ معاليه القرار حتى لا يكرر الخطأ بالخطأ”.

 

وفي المقابل، صرح وزير العدل سليم جريصاتي أن هيئة التشريع والاستشارات في الوزارة “أعطت رأياً في شأن مرسوم الأقدمية، وعلى الجميع الامتثال”، متسائلاً: “هل نحن من اعتبرنا عام 1990 أن وزير المال ليس قيّما على سائر الوزارات؟”، مشيراً الى “أننا لجأنا الى القضاء الذي هو الملاذ، ولا يحق لأحد التطاول عليه، وهيئة الاستشارات في وزارة العدل أعطت رأيها”. ورد علي وزير المال: “آخر الابداعات أن اسمع من وزير معني أن من استشارها هي أعلى سلطة قضائية، ونتحدث بالقانون. لا أحد فوق الدستور، ونحن نتحمّل مسؤولية كل كلمة نقولها ونعرف معناها جيداً، ولا يهول أحد علينا. الأفضل لمعاليه أن يقول إنه لم يعد يريد الحديث بالدستور، ولا يعتقد أن بإمكانه منع الآراء المخالفة لفتاويه”.

 

وأشارت “الجمهورية” إلى أنرئيس الجمهورية حصل على جرعة دعم  إضافية من بكركي، فقال البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي قبَيل سفره إلى القاهرة: «إذا كنّا نريد الاحتكام إلى القانون، فاليوم (أمس) بالذات نشِر رأيُ هيئة الاستشارات، والأمر واضح، فإذا كانت النيّات سليمة ولا خلفيات وراءَها فالدستور والمادة 54 واضحان. إنّ موضوع الأقدمية شيء وموضوع الترقيات شيء آخر، فالأوّل يوقّع على مرسومه وزير الدفاع، أمّا الثاني فحتماً يوقّع عليه وزيرُ المالية، لذلك الخلاف يجب أن ينتهي لأن لا سبب له».

 

لم يُنهِ رأيُ هيئة التشريع والاستشارات في قضية مرسوم الأقدمية أبوابَ الأزمة السياسية، بل كشَف عقمَها وعمقَها، خصوصاً بعد ردِّ الرئيس بري، معطوفاً على ردِّ وزير المال..

وفيما لم يَصدر عن رئيس الحكومة سعد الحريري أيّ تعليق على رأي الهيئة، اكتفَت كتلة «المستقبل» بعد اجتماع عقدَته برئاسته، بتثمينِ الجهود التي يقوم بها «لاحتواءِ تداعيات أزمة مرسوم الأقدمية لضبّاط دورة 1994، وتفادِي انعكاسها سلباً على الأداء الحكومي وعلى مصالح المواطنين».

وفي الوقت الذي اعتبَرت أوساط معنية أنّ «اقتراح بري دمجَ مرسومَي الأقدمية والترقيات بمرسوم واحد يوقّعه رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة والوزراء المختصون، يشكّل مخرجاً قانونياً ودستورياً لخطأ ارتُكِب بإصدار مرسوم الأقدمية من دون توقيع وزير المال»، قالت أوساط أخرى لـ«الجمهورية»: «إنّ الكرة الآن في ملعب رئيس الحكومة، إذ يُفترَض به مع صدور قرار هيئة التشريع والاستشارات أن ينشرَ المرسوم في الجريدة الرسمية لكي يصبح نافذاً عملياً»، وأضافت: «ربّما هذا هو الهدف من الاستشارة، أي إيجاد مخرج، ليس لرئيس مجلس النواب لكي يقبلَ بالمرسوم، وإنّما مدخل لرئيس الحكومة لكي ينشرَه». وبين هذين الموقفين، لاحظ البعض أنّ المعترضين على مرسوم الأقدمية لم يلجأوا إلى القضاء لنَيلِ حكمٍ اعتراضي، فيما الذين وقّعوه، هم الذين لجأوا إليه.

إقرأ ايضًا: «مرسوم الأقدمية» يفتح الجدل حول مستقبل «الشيعية السياسية» في لبنان

وقد توقفت أوساط متابعة لـ “اللواء”  للموقف عند استباق التيار الوطني الحر ما كان متوقعاً من لقاء الرئيسين عون والحريري الذي ارجئ، بإعلانه بعد اجتماع تكتله النيابي ان ملف الاقدميات طوي إلى غير رجعة، وانتهى البحث الدستوري والقانوني به.وتخوفت هذه الأوساط من ان يؤدي التراشق الذي اعقب بيان التكتل، والعابر للحدود، لا سيما بعد تصريح الرئيس إلى التأثير سلباً، غداً على جلسة مجلس الوزراء، من باب رفض الاقتراح الذي يحمله إلى مجلس الوزراء وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل، ويقضي بإدراج مشروع قانون معجل لتمديد مهلة تسجيل المغتربين للانتخابات حتى 15 شباط.

 

السابق
زرادشت صديقي
التالي
10 أفكار وحيل منزلية ذكية تجعل الحياة أسهل!