الأميركيون قادمون بملف مخدرات «حزب الله» والحريري يستبق العاصفة

احمد عياش

لا تبدو التطورات التي بدأ يشهدها لبنان في بداية سنة 2018 بعيدة عن التقديرات التي جرى تداولها في الاسابيع الماضية وهي ان السنة الجارية ستكون حارة على أكثر من صعيد وليس أدل على حرارتها من الاشتباك الداخلي بين الرئاستيّن الاولى والثانية حول مرسوم ترقيات الضباط .لكن هذا الواقع الداخلي لا يمثل سوى جزء يسير من التطورات العاصفة التي تهب على المنطقة ويتأثر لبنان بمنخفضها .

في معلومات ل”النهار” ان وفد من الكونغرس الاميركي سيصل الى بيروت في العشرين من الجاري  ويمضي أربعة أيام  في إطار مهمة “تقصي الحقائق” بما يتكامل مع التحقيقات التي إنطلقت في واشنطن بشأن القضية التي كشف عنها الشهر الماضي موقع “بوليتيكو” الالكتروني وفيها إن إدارة الرئيس الأميركي السابق، باراك أوباما، “عرقلت  تحقيقا” بشأن مزاعم حول ضلوع حزب الله في تهريب المخدرات والسلاح، وفوتت فرصة اعتقال مشبوهين، من أجل “تسهيل التوصل إلى اتفاق مع إيران” بشأن مشروعها النووي.وقد  وجدت وكالة مكافحة المخدرات الأميركية ” أدلة على أن الحزب   المدعوم من إيران، أصبح ناشطا بارزا في الجريمة المنظمة، ويساعد في إدخال الكوكايين إلى الولايات المتحدة من أميركا اللاتينية عبر منطقة الشرق الأوسط”.

وقبل الاطلاع على جدول أعمال الوفد الاميركي الزائر تعتقد مصادر قضائية متابعة ان المعطيات التي يسعى اليها الوفد هي من أجل مقاطعتها مع التحقيقات التي توصلت اليها الوكالة الاميركية.وفي الوقت نفسه ستؤدي هذه الزيارة الى إلقاء الاضواء مجددا على واقع “حزب الله” الذي يرتبط إسمه بقضايا مثيرة للجدل في المنطقة والعالم.

تحت عنوان “الحريري يريد إبقاء لبنان خارج النزاع السعودي-الايرانية  نشرت صحيفة “وول ستريت جورنال” الاميركية في 11 الجاري مقابلة أجراها مع رئيس الحكومة مراسل الصحيفة ياروسلاف تروفيموف في بيروت .وقد أوضح الحريري أنه لا يعارض مشاركة “حزب الله” في أعمال الحكومة، وقال : “حزب الله فريق في هذه الحكومة، وهذه الحكومة شاملة تضمّ كل الأحزاب السياسية الكبيرة، وهذا أمر يوفر استقراراً سياسياً في البلاد”. وقد أثار دفاع الحريري عن مشاركة “حزب الله” التي يترأسها من العام الماضي إنتقادات من معارضي الحزب الذين وجدوا في موقف الحريري ما يمثل “صك براءة” لمصلحة هذا التنظيم الذي ذهب بعيدا في الصراعات الاقليمية والدولية وفق روزنامة عمل المرشد الايراني.في المقابل,يقول المدافعون عن الحريري ان الاخير يتعامل مع موضوع “حزب الله” على انه قضية تتخطى لبنان بتعقيداتها ,وإذا كانت هناك من معالجة لهذه القضية فستكون خارج لبنان وفق قاعدة “إللي شبكنا يخلصنا”.وبالتالي فما يهم وفريقه الحفاظ على إستقرار لبنان وسلمه الاهلي فلا يجري تحميل البلد عبء قضية كانت ولا تزال خارجية المنشأ.

تستعيد جهات رسمية وقائع حوار دار في تموز  الماضي بين رئيس الحكومة ومضيفيه الاميركيين خلال زيارته لواشنطن .في هذا الحوار الذي شمل أعلى المستويات في الادارة والكونغرس وتوّج بلقاء الرئيس الاميركي دونالد ترامب كان السؤال الاساسي الذي وجهه الاميركيون الى الحريري:ماذا تفعلون لمواجهة إنفلاش حزب الله في لبنان؟  فكان جواب الحريري:حزب الله هو أيضا طرف إقليمي,فماذا أنتم فاعلون؟حتى الان هناك موقف أميركي لفظي عبر عنه الرئيس ترامب في المؤتمر الصحافي المشترك مع الحريري قال فيه” ان حزب الله يشكل “تهديدا” للشرق الاوسط برمته.لكن هذا الحجم الذي أعطاه الرئيس الاميركي للحزب يعني في الوقت تأكيدا على ان حجم هذا الطرف يتفوق على حجم لبنان.

إقرأ أيضاً: لبنان يدخل نفقا عربيا مظلما بعد تصنيف حزب الله «إرهابياً»

هناك بالطبع نقاش دائر في لبنان حول أسلوب التعامل الداخلي مع الحزب,وقد تبيّن ان هذا التعامل لن يكون خارج السياسة.أما التعامل الامني فسيكون عبر مشروع الدولة مجسدا بالجيش الذي تتنامى قدراته الى الحد الذي سمح له بحسم ناجح للمواجهة مع تنظيم “داعش” في جرود بعلبك.وفي هذا الاطار إستمع أحد الوزراء الى إنتقاد من ديبلوماسي أميركي إستقبله أخيرا على الاسلوب الذي يعتمده الحكم في التعامل مع هذا التنظيم التابع لإيران فكان جواب الوزير ان هناك الجيش اللبناني الذي يمثل مشروع الدولة الذي يقيم توازنا مع مشروع اللادولة,وهو سيكون ضمانة لبنان في مسار تطورات المنطقة.وذّكر الوزير الديبلوماسي الاميركي بإن الولايات المتحدة هي شريك أساسي في دعم الجيش وتزويده بالامكانات اللازمة.وهذا ما سيتواصل القيام به في مؤتمر روما الشهر المقبل.

إقرأ أيضاً: بريطانيا على خطى أميركا لادراج حزب الله على لائحة الارهاب

تقول اوساط متابعة ان لبنان ليس في جزيرة معزولة عن محيطه.ويكفي المرء ان يشاهد الخراب الذي حل بالبلد المجاور أي سوريا وتشريد أكثر من نصف الشعب السوري ليعلم ان وقاية لبنان من هذا الخراب ليس بالامر اليسير. ولا ترى هذه الاوساط ان ما جرى في سوريا وعدد من أقطار المنطقة قد وصل الى نهاياته.فهي ترى ان العاصفة المدمرة ما زالت في حالة هبوب ولعل الحريري الذي نال إحتضانا دوليا يعلم ان إستباق إحتمال أن تضرب هذه العاصفة لبنان لإي سبب من الاسباب هو واجب على طريقة “درهم وقاية خير من قنطار علاج”.

السابق
السعودية تؤمم ممتلكات سعد الحريري!
التالي
إسرائيل تضرب حماس في لبنان بعد عودتها إلى الحضن الإيراني