أزمة طائفية بين بري وعون وحزب الله في دوامة الاحراج

يبدو أن النزاع السياسي ما بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري مستمراً، من خلال التصريحات التي يطلقها رئيس التيار الوطني الحر وزير الخارجية جبران باسيل ووزير المالية علي حسن خليل.

وسائل الإعلام تتحدث عن مشكلة مرسوم أقدمية الضباط وما رافقها من اختلافات وخلافات حول التفسير القانوني والاجتهادات التي لا تنتهي من دون الوصول إلى حلول يتفق عليها الطرفان.

أحد الأصدقاء وصف ما يحصل بأنها خطابات انتخابية تجيشية كل موجه إلى طرفه الطائفي لتحميسه ودفعه إلى مشاركة واسعة في الانتخابات لتأكيد قوة كل طرف من الطرفين المتنازعين. لكن يبدو أن المشكلة أعمق بكثير من ذلك، فالقصة ليست رمانة بل قلوب مليانة. فالنزاع هو بين زعيم المسيحية السياسية وبين زعيم الشيعية السياسية.

الرئيس عون خاض معركته للوصول إلى الرئاسة تحت شعار استعادة حقوق المسيحيين، وهو الشعار الذي يعني استعادة الامتيازات التي تمتعت بها المارونية السياسية منذ الاستقلال إلى اتفاق الطائف.

فاتفاق الطائف الذي وقع عام 1989 حصل الزعماء المسلمون على مواقع متقدمة في النظام الطائفي اللبناني على حساب الزعامات المسيحية، وتحول بري ورفيق الحريري إلى شريكين أساسيين في النظام القائم. وبعد مقتل الرئيس الحريري تقدم بري ليكون الأساس في النظام الطائفي اللبناني ويرمز إلى هيمنة شيعية على النظام بمشاركة سنية سياسية.

إقرأ أيضاً: الصراع بين عون وبري حربٌ استباقية في الطريق إلى.. الرئاستيْن

ما يحاول أن يقوم به الرئيس عون هو قضم هذه الهيمنة تدريجياً لمصلحة المسيحية السياسية، لذلك كان بري واضحاً عندما وصف المرسوم المذكور بانه دفن لاتفاق الطائف والدستور واصفاً ما وصلنا إليه في الوضع الراهن أنه نتيجة حرب سقط ضحيتها نحو 150 ألف قتيل وجريح، وأن المسيحية السياسية تحاول العودة إلى الوراء، وهذا يتطلب شروطاً أخرى.

وهذا ما أكد عليه وزير المالية خليل في البيسارية الأسبوع الماضي. إذن، ما يحصل هو نزاع بين المكونات الطائفية حيث لا مكان لمصالح الناس فيها. إنه نزاع للهيمنة على البلد وقد يمر مرسوم الضباط ليعود الخلاف على مرسوم آخر أو قضية أخرى.

إقرأ أيضاً: قرار من ماهر الأسد بتحجيم بري

أما موقف الرئيس سعد الحريري فهو خير معبّر عن المأزق الذي تمر به السنية السياسية التي تحاول أن تكون الشريك الأساسي لأي طرف يهيمن على النظام وعلى البلد. وخير دليل على ذلك إذا عدنا بالذاكرة إلى انتخابات عام 2005 والاتفاق الرباعي، حين استبعد الطرف المسيحي، وجاء الاتفاق بين الأطراف الإسلامية التي هيمنت منذ اتفاق الطائف.

يبقى التساؤل عن موقف حزب الله الذي يبدو صامتاً، إنه في موقف حرج، من جهة لا يستطيع القطع مع بري زعيم الطائفة السياسي الذي يؤمن غطاء سياسياً للطائفة وأحزابها. ولا يستطيع القطع مع عون من جهة أخرى فهو بحاجة إلى غطائه المسيحي في ظل الأوضاع الإقليمية المتسارعة.

السابق
صيدا تنتظر وعد بلديتها بمتبقيات نفايات صفر بالمائة!
التالي
أسرار الصحف المحلية الصادرة يوم الأربعاء في 17 كانون الثاني 2018