اسمع يا دولة الرئيس (19): في موقع رئاسة المجلس النيابي اللبناني

الشيخ محمد علي الحاج العاملي
جدير بنا إلقاء نظرة تاريخية على موقع رئاسة البرلمان اللبناني، الذي آل للطائفة الإسلامية الشيعية، والذي يشغله الرئيس نبيه بري منذ أكثر من ربع قرن!

دولة الرئيس:
قد يخال البعض أن حصول الشيعة على موقع رئاسة المجلس النيابي اللبناني هو بفعل جهد الثنائي الشيعي، لكن يمكننا القول بضرس قاطع أن هذا الانجاز حصل بجهد العائلات السياسية الشيعية، وإن كانت الفعالية السياسية الوازنة التي يتمتع بها رئيس المجلس النيابي الحالي تعود لحضور الثنائي، على اعتبار أن القسم الأكبر من قوة الرئيس بري ليست مستمدة من صلاحياته الدستورية، بل انطلاقاً من حضوره السياسي، وحنكته، ولطبيعة إدارته الشخصية للملفات!! مع متابعاته للشأن اللبناني بشكل دقيق، وهذا ما يشهد له بشكل موضوعي وشفاف.

أستاذ نبيه :
لقد مرّت رئاسة السلطة التشريعية بمراحل متنوعة حتى رست على الشيعة، وكان الرئيس الراحل صبري بك حمادة أول شخصية شيعية تتبوأ منصب رئاسة السلطة التشريعية، ذلك بعيد الاستقلال، وتحديداً في العام 1943م.

ولفهم المراد أكثر ينبغي الاحاطة الموجزة بتاريخ السلطة التشريعية اللبنانية:
قبل أن يطلق اسم (مجلس النواب) تأسس في أيلول 1920 ما اطلق عليه اسم :(اللجنة الادارية)، وقد ترأسها الرئيس داود عمون (وهو ماروني)، ثم تشكّل (المجلس التمثيلي الأول) في العام 1922، واستمر لبدايات العام 1925، حيث توالى على رئاسته : اميل اده، نعوم لبكي، حبيب باشا السعد (ثلاثتهم موارنة). ثم كان (المجلس التمثيلي الثاني) برئاسة موسى نمور (الماروني)، كما ترأس (مجلس الشيوخ) الشيخ محمد الجسر (السني).
وفي 1927 انتخب (المجلس النيابي الأول) فتولى رئاسته الشيخ محمد الجسر(السني)، وكذلك تولى رئاسة المجلس النيابي الثاني المنتخب في العام 1929. وأما المجلس النيابي الثالث المنتخب في العام 1934 فترأسه لفترة شارل دباس (ارثوذكس)، ثم ترأسه بترو طراد (ارثوذكس)، وكذلك ترأس طراد المجلس النيابي الرابع من العام 1937 ولغاية ايلول 1939.
وفي خضم الحرب العالمية الثانية فقد علق العمل بالدستور، وتعطلت الحياة النيابية من ايلول 1939 ولغاية ايلول 1943، حيث استؤنفت الحياة النيابية، وكان انتخاب الرئيس حبيب ابي شهلا (روم ارثوذكس) للرئاسة الثانية، ثم وفي العام نفسه تمّ انتخاب صبري بك حمادة (الشيعي) لرئاسة المجلس النيابي الخامس في الجمهورية اللبنانية، وعليه فتكون هذه المرة الأولى التي يتولى فيها شيعي هذا المنصب.
ثم انتخب المجلس النيابي السادس (1947 – 1951) الرئيس صبري بك حمادة مجدداً، ليتولى الزعيم أحمد بك الأسعد رئاسة المجلس النيابي السابع من 1951 ولغاية 1953، ثم ترأس الرئيس عادل بك عسيران المجلس النيابي الثامن من العام 1953 ولغاية 1957.
ومن آب 1957 ولغاية تموز 1960 كان المجلس النيابي التاسع، الذي توالى على رئاسته عادل بك عسيران، وصبري بك حمادة.
وأما المجلس النيابي العاشر فكان برئاسة صبري بك حمادة(تموز 1960- ايار 1964). وأما المجلس النيابي الحادي عشر فترأسه كامل بك الأسعد، ثم صبري بك حمادة، من أيار 1964 ولغاية أيار 1968.
كما أن الرئيس كامل الأسعد قد ترأس المجلس النيابي الثاني عشر، من أيار 1968 ولغاية أيار 1983، ليتولى بعده حسين الحسيني الرئاسة حتى العام 1992، ثم انتخب نبيه بري رئيساً للمجلس النيابي ومازال لتاريخه.

إقرأ أيضاً: إسمع يا دولة الرئيس (10): في خضم الرسائل المفتوحة

وتالياً، فيكون تناوب على رئاسة السلطة التشريعية حصراً كل من :
الرئيس الأول : داود عمون (ماروني).
الرئيس الثاني : حبيب باشا السعد (ماروني).
الرئيس الثالث : نعوم لبكي (ماروني).
الرئيس الرابع : اميل اده (ماروني).
الرئيس الخامس : موسى نمور (ماروني).
الرئيس السادس : محمد الجسر (سني).
الرئيس السابع : شارل دباس (ارثوذكسي).
الرئيس الثامن : بترو طراد (ارثوذكسي).
الرئيس التاسع : خالد شهاب (سني).
الرئيس العاشر : صبري بك حمادة (شيعي).
الرئيس الحادي عشر : حبيب ابي شهلا (ارثوذكسي).
الرئيس الثاني عشر : احمد بك الأسعد (شيعي).
الرئيس الثالث عشر : عادل بك عسيران (شيعي).
الرئيس الرابع عشر : كامل بك الأسعد (شيعي).
الرئيس الخامس عشر : السيد حسين الحسيني (شيعي).
الرئيس السادس عشر : نبيه بري (شيعي).

إقرأ أيضاً: اسمع يا دولة الرئيس (18) : في مؤامرة تهجير الشيعة من بيروت!

الأستاذ الحبيب :
بالمحصلة، يسجل للرئيس صبري بك حمادة والرئيس أحمد بك الأسعد – بالدرجة الأولى – تكريس هذا الموقع لأبناء الطائفة الشيعية، وطبعاً كان لسواهما دور جليل في هذا المجال، لكن يبقيان الأكثر تأثيراً وفاعلية.
فالتجربة التي اضطلع بها الرئيس حمادة، والرئيس الأسعد، كانت تجربة رائدة، أدت لتحقيق مكاسب للطائفة، وقد كان للزعامة الحمادية، والأسعدية، مضافاً لزعامة آل الزين والخليل وعسيران وبيضون وحيدر .. بصمات جليلة وجلية، لا مجال لتعدادها في هذه العجالة؛ لكن بكلمة واحدة : إن جعل السلطة التشريعية من حق الشيعة هو انجاز سعت إليه وفرضته العائلات السياسية الشيعية، التي تمّ التنكر لها ولمنجزاتها…

السابق
رسالة برسم وزير المالية علي حسن خليل!
التالي
حزب الله:التفجير من حيث توقيته ومكانه يحمل دلالات واضحة لاصابع العدو الاسرائيلي وعملائه