هذه هي مشكلة جمهور حركة أمل

عند كل إستحقاق أو مفصل سياسي صغيرًا كان أو كبيرًا، داخلي كان أو خارجي فيه تباين أو إختلاف رؤية بين حزب الله وحركة أمل، ينتهي بالأعم الأغلب بترجيح خيار الحزب وانصياع حركة أمل مرغمة أو طائعة بالسير نحوه، وهذا ما يخلق شيء مما يشبه الصدمة والإشمئزاز والشعور بالمرارة عند معظم جمهور الحركة.
هذه الحقيقة الواضحة والمعروفة والتي لا تحتاج لدليل، يحاول الجمهور الأخضر دائما تخطيها بشعارات وعناوين لا تمت إلى السياسة والعمل السياسي بصلة، كأن يستحضر بعد كل جولة يخرج منها مشظى وملكوم، بالحديث عن أهمية تماسك الطائفة، قوة الشيعة، شفرتي سيف الإمام علي، من العب للجيبة، إستهداف الشيعة… كل هذا مع القليل من محاولات إسترجاع صور من التاريخ تحاكي قوة وحضور حركة أمل (حشود مهرجانات الإمام الصدر – شهداء أمل – فعالية الرئيس بري …).

إقرأ أيضاً: مفاجأة نصرالله ستغيّر وجه المنطقة ويؤكد:«على أيامنا ان شاء الله»!

بالمقابل فان حزب الله الملتفت لهذه الأمور، يحاول أن يدمل هذه الفجوة عبر تمرير بعض المسائل الصغيرة والبسيطة لحركة أمل (توظيف – صفقة – السكوت عن بعض التجاوزات – مصالح شخصية لأفراد حركيين…) بحيث يُظهر حركة أمل وكأنها شريك حقيقي تفرض شروطها على الحزب من أجل محاولة إطفاء غضب جمهورها، فتنطلي هذه “الخدعة” على كثير من قواعد الحركة البسطاء، ليتفرد الحزب وحده بالأمور الإستراتيجية والكبرى وتعود من جديد الصدمة بين صفوف الحركيين.
الفارق الكبير بين جمهور حزب الله وجمهور حركة أمل، أن الأول جمهور مؤدلج عقائدي يقارب الموضوعات السياسية والخلافات مع حركة أمل من خلفية سياسية محض وبما يخدم مصلحته الحزبية، في حين أن جمهور الحركة هو أقرب ما يكون إلى جمهور عاطفي يتحرك وفق مشاعره لا وفق مصالحه الحزبية، لذا هو ينتظر دائما من حزب الله أن يراعي عواطفه الحركية على حساب أي شيء آخر، ولمّا تجري الأمور على عكس رغباته نراه مصدومًا لا يكاد يستوعب ما يجري حوله!

الصدمة الكبرى عند جمهور الحركة حصلت عندما ذهب حزب الله بخيار ميشال عون للرئاسة لأنه يؤمّن له غطاء مسيحي أكبر بكثير من خيار حليفهم المحبب سليمان فرنجية، في حين أن قواعد الحركة تظن (عاطفيًا) إستحالة الحزب أن يدوس على مشاعر الرئيس بري وخلفه جمهور الحركة لتحقيق مصالحه!
لا شك بأن الرئيس بري هو حليف إستراتيجي لحزب الله، وكذلك الحال مع الرئيس ميشال عون، يبقى أن الواقع يقول بأن الرئيس بري هو حليف منافس في حين أن ميشال عون هو حليف بعيد عن الملعب الشيعي وبالتالي هو حليف مريح… ولا ضير باللعبة السياسية التي يتقنها الحزب من الحفاظ على الحليفين مع السعي الحذر، لإضعاف الحليف المنافس (وهذا حقه بالسياسة) وهذا ما يعيه الرئيس عون ويعمل من وحيه.
هذه البديهة السياسية لا يدركها جمهور الحركة العاطفي المأخوذ بالشعارات الخطابية عن “الأخ الأكبر”.
كل المطلوب من جمهور حركة أمل أن يخفف قليلًا من الدوز العاطفي الذي لا مكان له إلا في أوهامه، وأن يرفع قليلا من مستوى مصلحته السياسية، هكذا فقط يستطيع أن يجنب نفسه أولا ومحيطه وأصدقاؤه ثانيًا، الكثير من الصدمات النفسية الحالية والقادمة.

السابق
«داعش» لم يُهزم في فرنسا
التالي
إيران: ثورة تحت سقف الجناحين