«مؤتمر باريس 4»: نجاحه مرهون بالاجماع العربي..

ماذا سيقدم "باريس 3" إلى لبنان إقتصاديا وماليا؟ وهل تتوافر الظروف لإنعقاده؟

لبنان على موعد مطلع هذا العام مع “باريس 4″، فبعد دعمه سياسيًا من قبل الأسرة الدَولية في باريس مطلع شهر كانون الأول 2017، تتجه الأنظار إلى دعمه إقتصاديا وماليا في ظلّ الأزمة التي يشهدها لبنان نتيجة تداعيات النزوح السوري. ومن المرتقب أن تتحرك المجموعة الدولية خلال الأشهر القادمة لإنشاء مؤتمر “باريس”4  على غرار “باريس 1، 2، 3”. التي عقدت منذ العام 2001 حتى العام 2007، والتي خصصت لدعم لبنان.

إقرأ ايضًا: الرئيس الحريري في 2018 يقود الإعمار والإنماء في لبنان

ومن الواضح أن “الأم الحنون” لا تزال المحطة الأساسية لدعم لبنان، لكن هل يكتب النجاح لـ “باريس4” الذي وعد به الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون كل من رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس سعد الحريري عبر عقد ثلاث مؤتمرات لدعم لبنان لتحفيز الاستثمارات، والثاني من أجل النازحين السوريين، والثالث لمساعدة الجيش اللبناني، بالتنسيق مع إيطاليا والأمم المتحدة.

ولكن ما الذي يمكن لـ “باريس 4” أن يقدم للبنان ماليا وإقتصاديا؟ وهل يستطيع توفير الدعم اللازم على غرار أخواته الثلاث في ظلّ إنقسام الموقف العربي حيال لبنان ؟ فهل ستكون هذه المساعدات على شكل قروض او هبات؟ وما الشروط التي ستفرض على لبنان؟

في هذا السياق، كان لـ “جنوبية” حديث مع  الخبير الاقتصادي مازن سويد مدير الأبحاث في بنك البحر المتوسط الذي أشار إلى انه “يجرى الحديث أن المؤتمر سوف ينعقد في الفصل الثاني من هذا العام، على أن يشهد الفصل الأوّل مؤتمر روما لدعم الإنتاج”.

وأشار إلى أن “لبنان أمام مشروع له أهمية كبيرة وطَموح من قبل الرئيس الحريري للإستثمار في البنى التحتية بقيمة 16 مليار دولار ينفق على مدى عشر سنوات (نظرا أن الناتج المحلي اللبناني 50 مليار دولار) للنهوض بالبنى التحتية اللبنانية لتستطيع أن تواكب النمو  من جهة ويساعد على تحمل أعباء اللاجئين السوريين من جهة ثانية”.  وتابع “بالتالي هناك واجب للمجتمع الدولي بأن يقف إلى جانب لبنان في هذا المجال،وفي هذا السياق قام الرئيس الحريري بتحضير برنامج طموح ومتكامل يسعى من خلاله للإستفادة من الجوّ المتعاطف مع لبنان وفي الوقت نفسه تعزيز البنى التحتية”. وتابع  “إلى الآن الأجواء إيجابية من قبل المجتمع الدولي خصوصا فرنسا المتحمسة جدا لهذا الموضوع والداعمة له”.

وأكّد سويد إلى أنه “إضافة إلى برنامج الإستثماري يجب أن يكون هناك برنامج إصلاحي للمؤسسات العامة والمالية العامة لنستطيع إثبات للمجتمع الدولة أننا قادرين أن نضع دين من الناتج المحلي على السكة الصحيحة”.  مشيرا إلى أن “توترالأجواء السياسية بسبب مرسوم الضباط لا يساعد، في وقت كان هناك مشهد وحدة وطنية بعد عودة الرئيس الحريري إذ كان يجب أن  نحمل البرنامج الإقتصادي و الإنمائي إلى المؤتمر وسط هذا المشهد”. آملا أن يحل ملف الترقيات قبل تاريخ المؤتمر”.

وعن تأثير “باريس 4” على الإقتصاد اللبناني أكّد على أن “نجاح هذا المؤتمر يشكل نقلة نوعية للبنان من حيث رفع  معدل نمو  من 1 إلى 2% منذ الحرب السورية حتى 4 إلى 5% . وهذا ما يساهم بوضع الحجر الأساس لأقصى نمو في المستقبل عند زيادة الطلب بحيث يصبح هناك حركة إستثمار أكبر من قبل المغتربين، ما يمكن بالتالي أن يعود لبنان إلى نسبة نمو تعادل 8 -9 % عندما يصبح لدى لبنان بنى تحتية جاهزة”.

وعن كيفية إنعكاس الإنقسام العربي تجاه  لبنان على نجاح “باريس 4” سيّما أن المملكة السعودية كانت في “باريس3″ على رأس المانحين إذ  تعهدت  آنذاك بتقديم 1.1 مليار دولار لدعم الموازنة اللبنانية،  قال سويد إنه ” هذا الأمر هو بمثابة  تحد فعلي بالنسبة للبنانيين، أي أن نكون ضمن الإجماع العربي في السياسة الخارجية،  لأنّه بالفعل دون دعم عربي لا وجود لدعم دولي على قدر من الأهمية”. وتابع ” بالتالي يجب أن يكون هناك تنسيق أكثر داخل الحكومة لتكون السياسة الخارجية  متلائمة مع حاجات لبنان التنموية”.

إقرأ ايضًا: مؤتمر دعم لبنان ينعقد في باريس: اللاجئون والاستقرار السياسي والإقتصادي

من ناحية ثانية،  أكد الخبير الإقتصادي والأستاذ الجامعي كامل وزنة لموقع جنوبية أنه “لن يكون هناك “باريس 4” قبل الإنتخابات النيابية، وقبل أن يكون هناك مجلسا نيابيا جديدا غير مجدد له”. وأضاف “ويجب  أن لا يكون هناك أية مؤتمرات حيوية إلا بوجود  تفاهم سياسي  في البلد، ويبدو اليوم أن السياسة موجودة لكن هناك غياب للتفاهم السياسي”.

وأكّد  ان” لا وجود لتحديد أولويات لكيفية سير عملية الإنقاذ والمشاريع التي سوف ينفق عليها، أية مديونية إضافية على الإقتصاد اللبناني وعملية تحديث للأنظمة اللبنانية بما فيها الشفافية (التي تطمئن المواطن من حيث المكان الذي توضع فيه هذه  أعباء المدينونية توضع في المكان المناسب) ترتب مزيد من الأعباء”.

وتابع “في ظل غياب الشفافية ووجود الفساد الذي يتفق عليه أهل السلطة، كيف يمكن للبنان أن يكون لديه باريس 4 والرؤية الإقتصادية غير موجودة ؟”.

وفي الختام، اشار وزنة إلى أن “البداية  تكون  بإنتخابات شفافة، ومن  ثم تعيين الأشخاص في المكان المناسب وأن يكون هناك رؤيا واضحة، فهناك أعباء مالية كان لبنان يستطيع تجنبها لكن الذين يتولّون في بعد الأحيان مناصب لا يمتلكون الرؤيا الواضحة لإدارة البلد وهذه أم المصائب”.

وفيما كان العهد الجديد يعوّل على عودة  إنتظام الحركة السياسية بعد عودة الرئيس الحريري،  ويترقب استنهاض اقتصادي ومالي،  فاجأت الجميع أزمة مرسوم الترقيات التي ضربت الوئام بين الرئاسة الأولى والثالثة. فهل سيكون لهذا التوتر أثره على “باريس 4” ويعيق تحقيق نتائجه المرجوة؟

السابق
حيوانات سوف تنقرض… رغم حماية الدول
التالي
بالصورة: نجل فضل الله قدّم استقالته الخطية لمدير عام أمن الدولة