هكذا استعادت بيروت سلطتها على جبل لبنان

"منذ سنة 1900 ولغاية 1918 كان هذا المبنى مركزاً لمتصرفية جبل لبنان، ليصبح بعدها مقراً للمحافظة"، عبارة تترأس اللوحة التي تستقبلنا في مبنى المحافظة في جبل لبنان، وتشير إلى كيفية إدارة شؤون جبل لبنان من داخل هذا المركز.

“جبل لبنان” أهم محافظات لبنان، وعاصمتها بعبدا، فيما الأغلبية الساحقة من سكانها هم من الموارنة والروم الأرثوذوكس والروم الملكيين الكاثوليك، ويوجد فيها مسلمون طبعا، دروزا وسنّة وشيعة.

تضم هذه المحافظة 6 أقضية فيها 478 مدينة وقرية، 303 منها فيها مجالس بلدية.

بحسب العرف فإنّ محافظ جبل لبنان هو من حصة “السنّة”، وجرى العرف أن يكون من أبناء “بيروت”، إلا أنّ هذا التعيين تمّ الإخلال بأصوله لمدة 19 عاماً، ما أدى إلى حملة إعلامية مؤخراً ضد رئيس الحكومة سعد الحريري وتيار المستقبل، باتهامات بالتفريط بهذا المنصب وبالعمل على استبعاد ابن بيروت عن منصب المحافظ، وذلك لصالح أسماء طرحت من خارج بيروت.
إلا أنّ ما حاولت هذه الوسائل الترويج له، دحضته الحقائق، فها هو ابن بيروت محمد مكاوي يتسلم منصبه الجديد صباح الخميس.

وبالعودة إلى الحقبات التاريخية التي مرت على مركز المحافظة، فإنّ آخر محافظ عيّن وفق الأصول هو “محمد سهيل يموت”، وهو سنيّ من بيروت تمّ تعيينه في 13-12-1995. ما لبثت مرحلة الانتقام من الحريرية السياسية، خلال عهد الرئيس إميل لحّود، وفي ظلّ حكومة سليم الحصّ، أن أحالت يموت إلى وضعه بالتصرف، بتاريخ 4-2-1999، وتمّ تعيين عدنان دمياطي بديلاً منه.
هذا ويعد يموت آخر محافظ يعبر عن المكون السني اللبناني، أو قل عن “الحريرية السياسية”.

في 9 -11- 2002 وضع دمياطي بالتصرف واستبدل بيعقوب الصراف (بالوكالة)، المسيحي الأرثوذكسي، وقد عرفت هذه المرحلة باللحودية، كما شهدت ملاحقة رموز الحريرية السياسية، وكان في الواجهة المحافظ والرئيس فؤاد السنيورة الذي حوكم بتهمة الفساد.

إقرأ أيضاً: الحريرية.. تجدد الدور والخطر

في 22-7-2005، تمّ تعيين المسلم الشيعي عطا الله غشام محافظاً لجبل لبنان لمدة 3 أشهر بالوكالة، ليخلفه القاضي انطوان نهاد سليمان شقيق رئيس الجمهورية السابق ميشال سليمان في 25 -10-2005.
وقد تمّ تعيين سليمان (المسيحي – الماروني) بالوكالة لمنصب محافظ جبل لبنان، إلا أنّ الوكالة تمددت 9 سنوات حتى انتهاء عهد شقيقه رئيس الجمهورية.
يشار إلى أنّ القاضي انطوان نهاد سليمان كان محافظاً للبقاع بالأصالة.

في 27-5-2014، عاد منصب محافظ جبل لبنان إلى الهوية البيروتية السنية، فعين المهندس فؤاد فليفل لسنة واحدة فقط، ومن ثمّ تمّ التجديد له عدة مرات (لمدة 3 أشهر في كل مرة)، وذلك بعدما تمّ تعيينه أميناً عاماً لمجلس الوزراء.
ومع أنّ فليفل كان السني الوحيد الذي عيّن بالأصالة، إلاّ أنّ فترة ممارسته لوظيفته كانت محددة ولا تُعتبر ولاية كاملة.

بعد فليفل تمّ تكليف منصور ضو من الطائفة الدرزية بالوكالة في منصب محافظ جبل لبنان منذ تاريخ 21-4- 2017.

إلا أنّه وابتداء من صباح يوم الخميس 4 كانون الثاني 2018، سيعود المتصرف البيروتي ليحكم، إذ سيستلم القاضي محمد مكاوي منصبه بالأصالة.
وتعد هذه المرة الأولى التي تستعيد فيها بيروت سيطرتها على جبل لبنان بعد 19 عاماً من الوكالة المسيحية بمعظمها…

يذكر أنّ العلاقة المسيحية – السنية المتينة التي يمثلها كلّ من الرئيس سعد الحريري والوزير جبران باسيل هي التي أدت إلى تسريع هذه التعيينات.

إقرأ أيضاً: نتائج انتخابات جبل لبنان تظهر تراجع تأثير الأحزاب

اليوم عاد هذا المنصب إلى أهالي بيروت… بانتظار الاستحقاقات التي ستعرّفنا أكثر إلى هذا القاضي الشاب وإلى رؤيته لقلب لبنان، جبله.

السابق
بري عن أزمة الترقيات: لا جديد.. إسألوا الحريري
التالي
الإحتجاجات في إيران مستمرة وحصيلة القتلى 21