احتجاجات إيران الاقتصادية هل تحتاج لشعارات سياسية؟

تتوالى الاحتجاجات في المدن الإيرانية، والتوقعات السياسية تذهب إلى توصيفها بالـ"ثورة"، فما حقيقة ما يحدث في إيران؟

لليوم الخامس على التوالي، تتصاعد أصوات الاحتجاج في مختلف المدن الإيرانية، فالوجع الاقتصادي الذي ألمّ بالمواطنين، دفعهم للتجرؤ على الرموز، فما سلم لا الرئيس حسن روحاني ولا المرشد الأعلى علي خامنئي من شعارات المتظاهرين.

كذلك ارتبطت بعض التحركات بالتحفظات على النظام الإيراني لاسيما من ناحية تشديده في الأحكام الإسلامية ومنها فرض الحجاب على المرأة، فرأينا في أحد التظاهرات شابة وقد خلعت الحجاب ملوحة به في لفتة احتجاجية.

في المقابل يرى مراقبون أنّ هناك تضخيم لما يحصل في الداخل الإيراني من قبل الإعلام المعارض والأجنبي والذي وصف هذه التظاهرا “بالثورة”، فيما تؤكد المصادر الإيرانية أنّ لا خلفية سياسية لهذه التحركات كما يحاول البعض أن يروّج وأنّ السبب الرئيسي هو المعيشة وارتفاع الأسعار.

في هذا السياق رأى  الخبير في الشؤون الايرانية  حسن فحص في حديث لـ”جنوبية” أنّ “السبب الرئيسي للأحداث الأخيرة لإيران هو البعد الاقتصادي لا السياسي، هناك سلسلة إجراءات، هناك مؤسسات اعتماد مالي خاصة أنشئت أيام الرئيس الإيراني السابق أحمدي نجاد وانتشرت بشكل فطري في النظام المالي دون تنظيم، وقدمت مغريات مالية ضخمة للمستثمرين والمودعين، وقد اجتذبت هذه المؤسسات نسبة كبرى من المتقاعدين الذي استثمروا أموال تقاعدهم فيها. وهذه المؤسسات قد أعلنت الإفلاس، والأزمة بدأت حينما أعلنت الحكومة أنّها ستحل المسائل مع الرئيس الإيراني حسن روحاني، فيما المصرف المركزي لم يأخذ موقفاً واضحاً حول إن كانت هذه المؤسسات مرخصة منه أو غير مرخصة، وبقيت المسائل في البرزخ، والمودعون لم يحصلوا على حقوقهم التي تكاد تضيع”.

مضيفاً “هذا التحرك ليس الأوّل، إذ شهدت كل من مدن طهران وأصفهان وشيراز تظاهرات منذ ما يقارب الستة أشهر وانتهت في وقتها عند الوعود بالحل، ولكن هذه المرة انطلقت الشرارة من مشهد، وكما يبدو فإنّ العدد الاكبر من المستثمرين في المشاريع السكنية والمالية هم في مدينة مشهد وهناك رقم يتحدث عن 160 ألف مستثمر، إضافة إلى أنّ الوضع الاقتصادي متأزم والوعود التي أعطتها حكومة حسن روحاني لم تنجز لا في العهد الاول ولا الثاني، كذلك هناك غلاء معيشي، كل هذا دفع المواطنين للمطالبة بحقوقهم“.

وأشار فحص إلى أنّ “أفرادا مسيسين أرادوا أن يركبوا الموجة فاستغلوا هذه التحركات، كذلك عمدت وسائل إعلام أجنبية لاستغلال هذا التحرك للضغط على إيران داخلياً في محاولة لمنعها من التفرغ لامتدادتها الإقليمية، ولإجبارها على العودة إلى الداخل. لذلك تمّ منح التحرك المطلبي الاقتصادي بعداً سياسياً”.

أما فيما يتعلق بهتافات لا غزة ولا لبنان التي تمّ ترديدها من قبل المتظاهرين، فقد لفت فحص إلى أنّه “في الأزمات الاقتصادية تستغل بعض الجهات السياسية هذا الشعار الذي يدغدغ المشاعر الاقتصادية للجمهور الإيراني ولكن أبعاده سياسية، وقد سبق ورفع هذا الشعار في الـ2009، كما يرفع في أي تحرك لأطرف سياسية إيرانية، وكذلك تمّ تمريره في الانتخابات الرئاسية الأخيرة”.

إقرأ أيضاً: 2018: ربّما إيران؟

مشدداً أنّ “المسألة ذات بعد اقتصادي، وقد حاولت قوى سياسية أن تركب الموجة الاقتصادية وأن تمرر شعاراتها السياسية ومطالبها السياسية وأهدافها السياسية”.

متابعاً “الشعار السياسي الذي يرفع هدفه إيران وامتداداتاها في الخارج، والمطلوب من إيران من قبل المجتمع الدولي هو إنكفاؤها للداخل والتخلي عن الامتدادات الإقليمية وهم يلبون بالبعد السياسي والشعارات السياسية رغبة المجتمع الدولي، إلا أنّه في الواقع فإنّ هذا الشعار يخسر أي تحرك في ظل النظام الإيراني الموجود والحالي، فهذا النظام الذي استثمر 39 عاماً في نفوذه الإقليمي لن يعود بشعار إلى الداخل ولن ينكفئ أو يتخلى عن امتداداته”.

إقرأ أيضاً: هذه أسباب التظاهرات في إيران ولذا تختلف عن ثورة 2009

وخلص فحص عند سؤاله عن المسار الذي ستذهب إليه هذه الاحتجاجات بالقول:
“الوضع دقيق جداً ومعقد وليس سهلاً، لاسيما وأنّ المتهم الرئيسي بالأزمة الاقتصادية هو الرئيس الإيراني أحمدي نجاد، ولكنّ نجاد يصب الزيت على النار في هذه التحركات، إضافة إلى أنّ الوضع السياسي الداخلي دقيق في هذه المرحلة، فنتائج الاتفاق النووي لم تعطِ الثمار المرجوة التي توقعها حسن روحاني وفريقه لتحسين وضعه الداخلي. غير أنّه في المقابل فإنّ النظام الإيراني لديه خبرة في استيعاب التحركات الشعبية في الداخل، فهذا النظام الذي قام بثورة ضد الشاه وأسقطه، يعلم جيداً آليات إسقاط الأنظمة”.

وختم فحص بالقول “هذه التحركات قد تطول ولكن هذا النظام قادر ولديه قدرة على استيعاب الأزمة وتجاوزها”.

السابق
من هو المهزوم في عام 2017؟
التالي
مقتل 10 أشخاص في احتجاجات إيران