اميركا تعاقب الأمم المتحدة بعد التصويت حول القدس..

القدس
بطريقة فجّة وصريحة عبّرت الولايات المتحدة عن إمتعاضها على رفض اعتراف واشنطن بالقدس عاصمة لإسرائيل الجمعيّة العامة للأمم المتحدة متخذة بذلك إجراءات عقابية ضدها فإما التماشي مع مصالحنا وإلا سوف نقتطع 285 مليون دولار من إجمالي إسهامها في ميزانية الأمم المتحدة.

بعد أيّام من تصويت الجمعيّة العامة للأمم المتحدة على قرار يرفض اعتراف واشنطن بالقدس عاصمة لإسرائيل بغالبيّة 128 صوتاً مقابل 9 أصوات. إتخذت الولايات المتحدة قرارا بإقتطاع 285 مليون دولار من إجمالي إسهامها في ميزانية الأمم المتحدة. في قرار أشبه بإجراءات عقابية للأخيرة على خلفية معارضة للمصالح الأميركية.

وقد أصدرت مندوبة واشطن الدائمة في الأمم المتحدة نيكي هايلي أمس بياناً، أشارت فيه إلى أنّ تقليص واشنطن ميزانية الأمم المتحدة، وأنّ هذا التخفيض سيطال إدارة الأمم والمساعدات. مؤكّدة أنّ أمريكا ستسعى لزيادة كفاءة الأمم المتحدة مع مراعاة مصالحها.

اقرأ أيضاً: تعرّفوا على الدول التسع التي رفضت التصويت ضد قرار ترامب بشأن القدس

وخطورة هذا الإجراء تكمن بمحاولة واشنطن الضغط على الأمم المتّحدة كي تتماشى بشكل أكبر مع مصالحها. خصوصا أن أميركا تدفع 22% من إجمالي موازنة المنظّمة الدوليّة سنويّاً. ومن الواضح المقصود من فحوى رسالة هايلي والإجراء الذي إستتبعه بعدما ذكّرت بعد التصويت بأن بلادها وبفارق كبير هي أكبر مموّل للمنظّمة الدوليّة وانها ستتذكّر ما جرى في هذا التصويت عندما يُطلب منها مرّة ثانية بأن تُقدّم أكبر إسهام في الموازنة مرّة أخرى.

فكيف يؤثر مثل هكذا إجراء على قرارات المجتمع الدولي ووظيفته؟

وفي هذا السياق، رأى أستاذ العلاقات الدولية، الدكتور خالد العزي أن “الأمم المتحدة أصبحت عاجزة عن إتخاذ أي قرار خاصة أن دول الأعضاء وتحديدا روسيا وأميركا يتخذون قرارات “فيتو” على أي شيئ يتعارض مع مصالحهما”. لافتا إلى أن “المشهد الذي رأيناه في القضية الفلسطينية ليس جديدا إذ سبق ورفع الولايات المتحدة”الفيتو” بوجه عضوية الدولة الفلسطينية حيث تمّ الذهاب أنذاك إلى الجمعية العامة..”

خالد العزي

وشدّد على ضرورة أن “نكون واقعيين فنسبة كبيرة من الأموال تدفعها أميركا للأمم المتحدة، وبالتالي من الطبيعي أن تكون ردّة فعل هيللي بالأمم المتحدة على هذا النحو. وهذا نتيجة النظام المالي التي إرتبطت فيه جميع الدول العام الذي تقوده الولايات المتحدة وهذا ما ساعدها بطريقة ما أن تفرض قراراتها في ظلّ العولمة الإقتصادية”.

وأشار العزّي أن “أميركا تعتبر أنها أمام حرج أمام القانون الدولي لهذا لوّحوا بإستخدام حقهم بتقليل الدعم للأمم المتحدة لافتا إلى أن الولايات المتحدة عندما تريد تنفيذ أي مهمة تخرج عن قرارات الأمم المتحدة كما حصل في حرب العراق وفي كوسوفو ويوكوسلافيا وغيرها من الدول كروسيا عندما شاركت بالحرب السورية وكانت الأمم المتحدة عاجزة عن الإدانة كذلك كوريا الشمالية والسعودية عندما ذهبوا إلى اليمن منفردين .” وتابع “هذا ما يضعنا أمام خانة أن الأمم المتحدة في ظلّ وجودها حتى اليوم كانت عاجزة عن إصدار القرارات الدولية التي تمّ إتخاذها في مجلس الأمن وصادق عليها الأميركان”. وأضاف “بالتالي عندما يعلن ترامب القدس عاصمة لإسرائيل يكون قد ضرب كل القرارات والشرعية الدولية أمام صمت الأمم المتحدة”.

ترامب

هذا وأشار إلى أن “على الدول التي تتبجح كإيران وروسيا والصين بمحاربة الإمبريالية والصهيونية والأميركية أن تدفع لمؤسسات الأمم المتحدة سيما أن هناك حربين في العالم حرب الإكترونية المدمّرة بواسطة الصواريخ البعيدة المدى، وحرب القانون الدولي وهو الأخطر”.

وفي الختام أشار العزّي إلى أن “الأهم هو كيفية التعامل مع هذه المسألة دون الهرج والمرج إذ تبقى القرارات الأميركية هي إستعراضية وليست قرارات تطبيقية، إذ لن يلتزم فيها الأمريكيين أنفسهم ولا حتى الإسرائيليين”. مشددا على أنه ” لا يجدر التعامل مع الفكر البرغماتكي الأميركي على أنه ملزم فالتسوية لم تحن بعد واليوم إذا كان أوباما حمى إسرائيل، ترامب بقراراته وضعها أمام مشكلة أساسية، وربما اليوم المعارضة الإسرائيلية والوضع الداخلي قد لا يتحمل هذا الأمر لذا فالردّ يكون عبر القانون الدولي وليس عبر الإستعراضات وحرق السفارات “.

من جهة ثانية رأى المحلل السياسي الفلسطيني هشام دبسي أن ” هذه الخطوة جزء من تصاعد التيار الأكثر تطرفا داخل الإدارة الأميركية المستند على المسيحية – الصهوينة الذي يدعم إسرائيل دعم مطلق وقد برهن هذا التيار حضوره في الأزمة الأخيرة”. مشيرا إلى أن “هناك نوع من الإستعلاء على شعوب العالم كله وكأنهم يقولون أنهم هم شعب الله المختار”.

اقرأ أيضاً: ما هي التبعات المحتملة لإعلان ترامب القدس عاصمة لإسرائيل؟

إلى ذلك لفت إلى أن “هذه الإجراءات تضع الإدارة الأميركية الجديدة أمام عدّة إشكالات مع الأمم المتحدة ودول العالم لأنها تتنافى مع منطق الدولة ومفاهيمها بالتعاطي مع الدول الأخرى على قواعد القانون والإحترام لإرادة الآخرين”. وتابع “الرسالة التي قالتها الإدارة الاميركية للأمم المتحدة أن هذا المحصل كله لا يساوي شيئا بالنسبة لها وأنها تستطيع بالقوّة المالية إذلال الآخرين دون إستثناء ما يتناقض مع المثالية الاميركية التي حاولت الإداراة السابقة أن تروّج لها والتي يستخدموها في ظلّ خطابهم السياسي”. مشيرا إلى أنه” نحن أمام خطاب تخلّى عن هذا القناع للقول أنهم يمتلكون العصى الغليظة ولدينا المال وما يكفي من القوة لتأديب أيا كان من شعوب العالم”. ورأى أن “المشهد يطفي على العلاقات الدولية درجة عالية من البؤس والإنحطاط ومشهد يستفز كل شعوب الأرض كي تتحرك للدفاع عن كرامتها وعن حقها للإحتكام للقانون الدولي”.

وفي الختام، أكّد دبسي أكّد لو أن إدارة المعركة السياسية في بلادنا تسيطيع الربط بين ما يجري في القدس مع ما يجري في المسرح الدولي لكانت المعركة أكثر فائدة للشعوب مجتمعة”. وأضاف “لا يكفي وصف أميركا بأنها معزولة مع بعض الدول فهذا أمر غير صحيح، خصوصا أن أميركا تتحدى كل العالم لذا يجب أن يكون هناك دعوة كي تستنفر الشعوب والدول للدفاع عن كرامتها”.

السابق
«المقاومة الإقليمية».. إستراتيجية جديدة ضد إسرائيل
التالي
غلبة طائفية حول «الترقيات» تؤجّج الخلاف بين عون وبري