شكراً لجائزة «هاني فحص»

كم تمنينا لو أنّ في فكر الدولة العراقية الحاليّة جائزةً بمثل مسار وتوجّه جائزة “هاني فحص” للحوار والتعددية التي احتضن حفل دورتها الثانية قبل أيّام كرسي اليونسكو بجامعة الكوفة. فهذه الجائزة تمثّل حدثاً ثقافياً حواريّاً بكلّ معنى الكلمة، ابتداءً مما يمثّله معنى اسم “هاني فحص” في نشاط التعددية العربي- الإسلاميّ المعاصر، مروراً بأهدافها السامية، وصولاً إلى دقة اختيار الفائزين بها.

ما أحوجنا فعلاً لجائزة تكرّم سلوك قبول الآخر وتحتفي باحتضان الاختلاف معه احتضان العارف المحبّ، لا الجاهل الكاره، وما أحوجنا لأن تكون جائزة رصينة، لا مجاملات فيها ولا مزايدات ولا
تجاهل.

جائزة “هاني فحص” هي أصلاً مجموعة جوائز، فاز بالرئيسة منها هذا العام الشيخ الدكتور محمود العيساوي إمام الحضرة القادريّة، المعروف عنه اتزانه الفكري وتجذّره الوطني ومنهجه المناوئ للطائفيّة، فكانت في هذا الاختيار إشارة عميقة يقدّر قيمتها من يعرفها. فها من يقدّرها. كما كرّمت الجائزة روح السيد حسن بحر العلوم، الباحث الهادئ المبتعد عن الضجيج، وذلك لعدد من تآليفه في مجال الحوار والتعددية، فضلاً عن جائزة أخرى مخصصة للمؤسسات فازت بها مؤسسة فرح العطاء اللبنانية، وجائزة للبحث العلمي نالها الدكتور حسام العبيدي من العراق على أطروحته “التعددية الدينية عند عبد الكريم سرّوش”، كما نالها الأستاذ أمير سوبرة من لبنان على رسالته في التعددية الدينية.

إقرأ ايضًا: إلى السيّد هاني فحص

تضافَرَ على تأسيس الجائزة العامَ الماضي كلّ من: أكاديمية هاني فحص للحوار (لبنان)، وكرسي اليونسكو في جامعة الكوفة (العراق، وكرسي اليونسكو ومعهد الحوار الإسلامي المسيحي في الجامعة اليسوعية (لبنان)، وأكاديمية البلاغي في دار العلم للإمام الخوئي (العراق).

لكن قبل هذه المؤسسات، نستطيع القول، بشيء من التأويل، أنّ الذي تضافر أساساً على ظهور جائزة هاني فحص آلام الطائفيّة والماضي الدموي لكلّ من لبنان والعراق، فهي – من ثمّ- تعكس في وجه من وجوهها تعطّش أهل هذين البلدين للسلام المستديم، لا السلام المؤقت الذي تفرضه من وقت لوقت تكتيكات أمراء الحروب، أو أمراء ا
لعالم.

شكراً لجائزة هاني فحص على فتح طريق غير مسبوقة لتكريم روح السلام في مجتمعنا، وشكراً بشكل خاص للشخوص الثلاثة الأكثر تعباً في إنجازها: السيد جواد الخوئي، والدكتور حسن ناظم، والكاتب مصطفى هاني فحص.

السابق
10 صور توثق أهم الأحداث التي أثرّت في العالم في العام 2017
التالي
أغرته تنورتها.. فإغتصبها ومن ثم قتلها!