أهمية قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة حول القدس

من المؤلم ان يتم التعتيم على قرار الجمعية العامة في دورتها الخاصة حول القدس هذا الاسبوع الذي اتخذ تحت بند ” الاتحاد من اجل السلم ” (Uniting For Peace )والذي اتخذ بموجب قرار الجمعية العامة للامم المتحدة (377) لعام 1950 حول الحرب الكورية .
لقد حاولت اجهزة الاعلام العالمية والعربية وعلى الاخص الخليجية الادعاء بان القرار المتخذ قرار عادي للجمعية العامة للامم المتحدة وبذلك فانه قرار استشاري فقط لا يختلف عن قرارات الجمعية العامة السابقة ، وليست فيه صفة الالزام .
بينما ان واقع الامرهو ان القرارات التي تتخذ في دورة خاصة للجمعية العامة تحت بند ” الاتحاد من اجل السلم ” باغلبية الثلثين لها صفة الالزام وقوة الفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة .
وللتوضيح
فانه عندما قامت كوريا الشمالية بالهجوم على كوريا الجنوبية عام 1950 حاولت الولايات المتحدة التدخل في الحرب لصالح الجنوبية باصدار قرار من مجلس الامن لارسال قوات تحت مظلة الامم المتحدة للوقوف الى جانب كوريا الجنوبية . فقام الاتحاد السوفياتي باستخدام حق ” الفيتو” لمنع اتخاذ قرار بهاذا الخصوص .
فقامت الولايات المتحدة بالالتفاف على ذلك بالذهاب الى الجمعية العامة ، والتي كان لها فيها انذاك اغلبية ساحقة ، بحجة انه لا يجوز عرقلة منع تهديد الامن والسلم الدوليين من قبل احد الدول دائمة العضوية في مجلس الامن باستخدامها حق النقض (الفيتو) ومنع المجلس من اتخاذ قرار بهذا الشان.
فكان ان دعت الدول الغربية الى عقد دورة استثنائية خاصة للجمعية العامة للامم المتحدة عام 1950 تحت عنوان ” الاتحاد من اجل السلم ” تم فيها اتخاذ القرار رقم 377 ، بتصويت 52 ضد 5 اي باغلبية الثلثين ، جاء فيه انه في حالة قيام عضو دائم في مجلس الامن بعرقلة اتخاذ قرار يتعلق بالامن والسلم الدوليين فانه يحق لدورة خاصة للجمعية العامة تجاوز ذلك باتخاذ قرارات باغلبية الثلثين تكون لها لها قوة قرارات مجلس الامن ومن ضمنها الصلاحيات الممنوحة بموجب الفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة . وقد تم بموجب هذا القرار ارسال قوات للامم المتحدة الى كوريا .
كما تم عقد الجمعية العامة في دورة استثنائية بموجب القرار 377 لعام 1950 ” الاتحاد من اجل السلم” عام 1956 ، عندما قامت بريطانيا وفرنسا باستخدام حق النقض الفيتو في حرب السويس لمنع ارسال قوات فصل السلاح بين مصر واسرائيل ، واصدرت الجمعية العامة قرارها باغلبية الثلثين بارسال قوة عسكرية للفصل بين القوات المصرية والاسرائيلية .
وفي الختام
فان عقد اجتماع استثنائي لدورة خاصة للجمعية العامة للامم المتحدة بموجب القرار 377 تحت بند ” الاتحاد من اجل السلم ” واصدار قرار حول القدس باغلبية الثلثين له صلاحيات مجلس الامن والصلاحيات في الفصل السابع امر بالغ الاهمية . اي انه بمثابة صدور قرار من مجلس الامن بموجب البند السابع .
وقد تم بموجب هذا القرار اعتبار قرار ترامب حول القدس او اي قرارات احادية اخري من اي جهة كانت باطلة وملغية وليس لها اي صفة قانونية . كما ان هذا يفتح الباب امام الذهاب الى المحكمة الجنائية الدولية دون عرقلة من الفيتو الامريكي او غيره ومحاسبة اسرائيل ومسؤوليها.
ملاحظة:
لقد حاول الاعلام الغربي والخليجي تمييع الموضوع والتعتيم عليه . ولقد ذهبت فور سماع خبر صدور القرار الى وكالة رويترز ووجدت انها تشير اليه كقرار للجمعية العامة له صفة استشارية . ثم ذهبت الى ال BBC فوجدت نفس الغموض ثم ذهبت الى وكالة CNN فكان فيها شرحا اوسع ولكن دون الاشارة الى القرار 377 لعام 1950 او الى قرار “الاتحاد من اجل السلم ” واخيرا ذهبت الى موقع الامم المتحدة الرسمي فوجدت البيان الرسمي الصادر وكان يذكر بوضوح ان الجمعية العامة انعقدت في دورة استثنائية خاصة في اطار قرار الجمعية 377 لعام 1950 وتحت بند ” الاتحاد من اجل السلم” .
ان هذا يكشف بوضوح رضوخ الاعلام الغربي للصهيونية وللاسف الشديد الموقف الخياني والمخزي للاعلام العربي وعلى الاخص الاعلام الخليجي . لقد كان صحفيو سكاي نيوز عربية من دبي والعربية الفضائية يحاولون التشكيك في القرار والتقليل من قيمته واهميته وقوته للاسف الشديد .
ارجو ان اكون قد قدمت خدمة بسيطة لامتنا العربية في تقديم هذا الشرح المركز، وارجو التعميم.
مع التقدير
فاروق سعدالدين زيادة
سفير سابق (متخصص في شؤون الامم المتحدة)

إقرأ أيضاً: القدس… ومآسي المدن العربية الأخرى

السابق
الرئيس ميشال عون لن يتراجع..
التالي
مجلة فرنسية تسحب عددها.. والسبب «إسرائيل»