اتهام المحكمة لـ«حزب الله» في أول 2018… وأوروبا لإيران: لبنان خط أحمر

احمد عياش

المشهد الداخلي هذه الايام بسبب عطلة الاعياد مغلّفا بالجمود الظاهري.لكنه في عمقه متحرك على عدة مستويات لبنانيا وإقليميا ودوليا وفق معطيات “النهار” من مصادر وزارية وديبلوماسية ,ما يشير الى ان الجدل الذي لا يزال قائما حول مرسوم ترقية الضباط ليس سوى قشرة لا تعكس حقيقة الملف اللبناني الذي سيتفاعل مع أكثر من إستحقاق في الاشهر القليلة المقبلة.
أول هذه الاستحقاقات التي ستطل على لبنان سيكون في كانون الثاني المقبل والمتمثل بالقرارات الاتهامية التي ستصدرها المحكمة الدولية الخاصة بلبنان في أول إطلالة لها بعد تمديد الامين العام للامم المتحدة أنطونيو غوتيريس لعملها ثلاث سنوات تنتهي في سنة 2021 . وهذه القرارات الاتهامية التي كان مقررا ان تبصر النور في الاسابيع القليلة الماضية، تأجلن نتيجة الازمة السياسية التي شهدها لبنان بدءا من الرابع من تشرين الثاني الماضي عندما أعلن رئيس الوزراء سعد الحريري من الرياض إستقالته من رئاسة الحكومة الامر الذي وضع لبنان في مهب تطورات معقّدة لم تنجل إلا بدءا من 22 تشرين الماضي عندما عاد الرئيس الحريري الى بيروت.وخلال أسابيع هذه الازمة كان واضحا على المستوى الدولي أن قرارات تصدر عن المحكمة تصوّب إتهاما جديدا ومهما ل”حزب الله” سيزيد من تعقيد الوضع اللبناني أكثر مما هو معقّد في تلك الفترة. ونتيجة تقييم للصورة الكاملة في لبنان إرتؤي تأجيل إصدار القرارات حتى الشهر المقبل بعدما وضعت إزمة إستقالة الحريري أوزارها.

اقرأ أيضاً: جعجع وآخرون في خطر عزلة؟

ماذا في القرارات الجديدة للمحكمة؟من المعلوم ان هذه القرارات تتناول ثلاث قضايا نظرت فيها المحكمة في الاعوام الماضية وهي: محاولة إغتيال الوزير مروان حمادة في اول تشرين الاول عام 2004 ,ومحاولة إغتيال الوزير السابق الياس المر في 12 تموز 2005 ,وإغتيال الامين العام السابق للحزب الشيوعي جورج حاوي في 21 حزيران 2005. إذ يشمل إختصاص المحكمة إعتداءات وقعت في لبنان بين 1 تشرين الاول 2005 و12 كانون الاول 2005 إذا تبيّن أنها مرتبطة بإحداث 14 شباط 2005 ومماثلة لها من حيث طبيعتها وخطورتها.
وسرت تكهنات قوية ان القرارات الاتهامية الجديدة للمحكمة ستكون على غرار القرار السابق في جريمة إغتيال الرئيس رفيق الحريري في 14 شباط 2005 .والقاسم المشترك بين القرارات الجديدة والقرار السابق هو توجيه الاتهام ل”حزب الله” بالمسؤولية عن الجرائم الثلاث.كما ورد في هذه التكهنات ان قياديا في الحزب سيكون من بين الافراد الذين سيوجّه اليهم الاتهام.وهو يماثل الاتهام الذي جرى توجيهه الى القيادي في الحزب مصطفى بدر الدين المسؤول الرئيسي عن إغتيال الحريري .وقد لقيّ بدر الدين مصرعه في دمشق في تفجير غامض في 13 أيار 2016 لم تنكشف أسراره حتى اليوم.
بيان باريس
في موازاة هذا التطور القضائي,برز تطور سياسي كبير تمثل بموقف حازم من الاتحاد الاووربي يتصل بلبنان جرى تظهيره في إتصال على أرفع المستويات بين بروكسل وطهران.فقد أبلغت الممثلة العليا للشؤون الخارجية والسياسة الامنية في الاتحاد الاووربي فيديريكا موغيريني المسؤولين الايرانيين ان لبنان هو خط أحمر بالنسبة للاتحاد وعلى الجمهورية الاسلامية عدم تجاوزه في تعاملها مع الملف اللبناني من خلال نفوذها الذي تمتلكه عبر “حزب الله”.وقد نقلت المسؤولة الاوروبية هذا الموقف الى من يعنيهم الامر في لبنان خلال زيارتها الاخيرة لبيروت قبل أيام. وينطلق الموقف الاوروبي الحازم من لبنان إنطلاقا من قرار دولي جسّده البيان الاخير الصادر عن الاجتماع في باريس الذي كان رسم خريطة طريق لتوفير مظلة أمان للبنان بعد عبور لبنان أزمة إستقالة الحريري.ولفتت اوساط ديبلوماسية الى أهمية البيان الصادر عن الاجتماع الوزاري لمجموعة الدعم الدولية للبنان في العاصمة الفرنسية والذي إنعقد برئاسة الامم المتحدة والرئيس الفرنسي فرانسوا ماكرون ومشاركة عدد كبير من وزراء الخارجية وفي مقدمهم وزير الخارجية الاميركي ريكس تيلرسون وفيه رسائل لغير جهة لاسيما في المنطقة تتعلق بإستقرار لبنان. وإذا كانت المجموعة تباينت في الشكل مع السعودية في مقاربة إستقالة الحريري لكنها إلتقت معها في المضمون بشأن التدخل الايراني في لبنان والمنطقة.إذ أشاد بيان المجموعة بقرار مجلس الوزراء في 5 كانون الاول “المتمثل بالنأي بالنفس عن الصراعات والحروب الاقليمية وعن التدخل بشؤون الدول العربية”.وأشارت المصادر تحديدا الى ما ورد في بيان المجموعة من أنها “ستولي إهتماما خاصا لتنفيذ جميع الاطراف اللبنانية قرار مجلس الوزراء” ما يعني أن آلية التسوية الجديدة التي تضمن الاستقرار الداخلي مرتبطة مباشرة بالمجموعة الدولية التي تمثل فعليا مظلة الامان للبنان في المرحلة الراهنة والمقبلة.وردا على سؤال عن مصدر القوة الذي تتمتع بها هذه المظلة,لفتت المصادر الى ما أبلغه الاتحاد الاوروبي لطهران ونقلته موغيريني الى بيروت وهو ان إيران مدينة للاتحاد وقوفه بشدة الى جانب الاتفاق النووي الايراني والذي يمثل الان النافذة الاساسية للجمهورية الاسلامية على العالم على رغم محاولة واشنطن إسقاط الاتفاق.وبالتالي فإن الاتحاد يطالب إيران بالمعاملة بالمثل إنطلاقا من لبنان.
على ما يتبيّن من المعطيات المشار اليها,يبدو لبنان يتأهب لدخول مرحلة مهمة ستكون مؤشرا الى مدى صلابة الدعم الدولي له وكذلك مؤشرا الى مدى تجاوب إيران من خلال “حزب الله” الى موجبات الاستقرار الداخلي.

السابق
السيد الأمين: نجاح «التنوير» رهن إطلاق روح نهضوية منبثقة من هويتنا
التالي
محامي الرئيس حسني مبارك يكشف ثروته: كان نظيف الكف