مارسيل غانم يثبت بالوجه الشرعي: نيّالو من له مرقد في جمهورية «حزب الله»!

قضية الحريات التي يطرحها موضوع الزميل مارسيل غانم مع القضاء هي الاولى من نوعها في عهد الرئيس ميشال عون الذي أطفأ منذ أسابيع شمعته الاولى, لكنها واحدة من القضايا الكبرى التي يعيشها لبنان في ظل جمهورية “حزب الله” الذي فرض أنماطا من السلوك في الجمهورية اللبنانية التي لا تحمل حاليا من تقاليد الجمهوريات سوى الاسم.
بعيدا عن الخوض في تفاصيل الاجراء القضائي الذي تم إتخاذه بحق غانم، تشاء الصدف ان المحامي الذي يتولى الدفاع عن الزميل الصديق هو النائب بطرس حرب الذي كانت له أمام القضاء قضيتان موصوفتان: الاولى، تتعلق بمقتل الضابط الطيار في الجيش اللبناني سامر حنا برصاص “حزب الله”.والثانية, تتعلق بمحاولة إغتيال دبّرها له الحزب.

اقرأ أيضاً: الدعوى على مارسيل غانم تتفاعل ودعوات لنصرة الحريات

في القضية الاولى,سقط الملازم الاول الطيار سامر حنا صباح الخميس في 28-8-2008 برصاص “حزب الله” الذي إستهدف مروحية للجيش البناني كان على متنها الضابط حنا وكانت تفوم بطلعة تدريبية في أجواء منطقة إقليم التفاح بجنوب لبنان ما أضطر طاقمها الى الهبوط الاضطراري فوق تلة سجد .وفي 13 حزيران 2009 أي بعد أقل من عام مثل أمام المحكمة العسكرية العنصر في “المقاومة الاسلامية” الجناح العسكري للحزب ويدعى مصطفى حسن المقدم (23 عاما) بتهمة “القتل عن غير قصد بسلاح حربي غير مرخّص” فروى في جلسة إستجواب لم تزد عن عشر دقائق أنه أطلق النار على الطوافة ظنا منه أنها “إسرائيلية”.وفي 16 حزيران 2009 ,أي بعد ثلاثة أيام من بدء محاكمته ,نال المقدم من المحكمة العسكرية إخلاء سبيل بكفالة مالية مقدارها عشرة ملايين ليرة الامر الذي إعتبره وكيل عائلة الشهيد حنا النائب حرب في تصريح ل”النهار” بأنه “فضيحة لا تبررها الاعراف والتقاليد والقوانين”. وبعد أعوام ,وتحديدا في 30 آب 2015 أرجأت المحكمة العسكرية قضية مقتل الضابط لعدم ورود وثيفة وفاة المتهم المقدم في معارك سوريا ما يعني سقوط الدعوى بوفاة المتهم.
في القضية الثانية، وتحديدا في الخامس من تموز 2012، أي قبل إقفال قضية الضابط حنا، تعرض النائب حرب لمحاولة إغتيال بعبوة ناسفة وصواعق تفجير وضعت في مصعد المبنى الذي يضم مكتبه في بيروت. وبعد التحقيقات التي إستمرت شهورا أدعى مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر في الاول من شباط 2013 على خبير المتفجرات في “حزب الله” محمود حايك بجرم محاولة إغتيال النائب حرب.لكن مصدرا أبلغ موقع “جنوبية” الالكتروني في 26 أيار 2014 أن المتهم حايك قتل في سوريا فكان ذلك بمثابة إقفال للقضية.
ومن قضيتيّن ذات صلة بالنائب حرب,الى القضية الاشهر في تاريخ لبنان الحديث أي قضية إغتيال الرئيس رفيق الحريري في 14 شباط 2005. ومن معالمها البارزة ,كما كشفت تحقيقات المحكمة الدولية التي لا زالت تنظر فيها حتى الان ,أن شبكة من “حزب الله” متهمة مباشرة بتنفيذ الاغتيال وكانت بقيادة الشخصية البارزة في “حزب الله” مصطفى بدر الدين.وقد قضى الاخير في ظروف غامضة في 13 أيار بدمشق.
وهكذا,يتبيّن أن قضايا تخص “حزب الله” يجري إغلاقها بقتل أبطالها المتهمين أو إضعافها كما حصل مع بدر الدين .لكن السؤال لماذا هذا الكلام ونحن في معرض قضية لا علاقة للحزب مباشرة بها ولو ظاهريا هي قضية مارسيل غانم؟
الزاوية المتاحة، إذا كانت هناك من حاجة للربط بين قضية غانم وبين قضايا “حزب الله”، هي “اللين” الذي يتميّز به التعامل مع ما له صلة من قضايا بالحزب، في حين يبرز “التشدد” في التعاطي مع سائر القضايا ولا سيما القضايا ذات العلاقة بالمعارضة من قريب أو بعيد.
أحدث مثال بين أيدينا اليوم، هو الصمت المطبق الذي رافق قضية خطيرة جدا تتمثل بالتقرير الذي نشره الصحافي الاميركي جوش مير في مجلة “بوليتيكو” حول توصل وكالة مكافحة المخدرات الاميركية الى أدلة تثبت ان “حزب الله” “أصبح ناشطا في الجريمة المنظمة ويساعد في إدخال الكوكايين الى الولايات المتحدة الاميركية من أميركا اللاتينية عبر منطقة الشرق الاوسط” وفق ما ورد في مقال نشرته صحيفة التايمز البريطانية أخيرا حول تقرير المجلة الاميركية.لكن هذا الموضوع الذي لا يزال يتفاعل في المنطقة والعالم لم يحرّك ساكنا في لبنان الذي يشهد حراك نشطا في قضية مارسيل غانم حاليا.
إذا قلنا بدلا من “نيال من إلو مرقد عنزة في لبنان” عبارة “نيال من له مرقد في جمهورية حزب الله”، هل يكون قولنا مبالغا فيه؟ ما أثبتته قضية مارسيل غانم وبالوجه الشرعي صحة العبارة الاخيرة ما دام “الكيل بمكياليّن” هو سيد الموقف في وطن الارز!

السابق
صرخة ضد تسييس القضاء ودفاعاً عن الحريات
التالي
سعد الحريري يضم صوته إلى مارسيل غانم