الإدمان وتحديات العلاج البديل ضمن مؤتمر في النبطية

تنتشر المخدرات كشربة مي" في مجتمعنا، وتسويقه يخضع لتطور لافت "دلفري مخدرات"..

في كوخ صغير مخصص للنسكافيه والاراكيل على ناصية الطريق، يعمل يوسف “اسم مستعار” يرن هاتفه، واذ بشاب يقول “دخيلك لحقني بكباية ع كيفك رح موت”، يجيبه يوسف “عشر دقايق ع الزاوية محل كل مرة ما تتاخر”، تمر الدقائق العشر، دراجة نارية تعبر يقودها شاب لا يتجاوز العشرين من عمره، يضع قبعه “بالمقلوب” يقترب منه يوسف يعطيه البضاعة وتنتهي العملية.

هكذا وبكل بساطة يتم تسويق المخدرات في منطقة النبطية وقراها، مئات الشباب وقعوا فريسة لافة خطرة، دفعتهم إليها الظروف القاسية، البحث عن راحة البال، السعادة المؤقتة، الحلم، اسباب واهية تخفي خلفها مخاطر كبيرة بدأت تترك انعكاساتها السلبية على افق تفكيرهم.

إقرا ايضا: حذار الـ«فلاكا».. مخدرات صينية رخيصة تغزونا

من سهّل وصول المخدرات للشباب؟ من يريد تفتيت المجتمع؟ لماذا يلاحق المدمن ويترك التاجر طليقا؟ هل المدمن مريض نفسي؟ ماذا لو توفرت فرص العمل والتنمية لهم أليست بداية علاج المجتمع من ارهاب المخدرات”، وبداية تحصينهم “بالتوعية المستدامة” في قاعة “التوتانغو” في الشقيف.

حضرت الشخصيات والمختصين للمشاركة في مؤتمر تحديات الادمان، وكيفية مواجهته، وحضرت ايضا السياسة في خطاب النائب محمد رعد ولم تحضر لا اصول التغيير، ولا فروع العلاج، ولا دور النواب في الضغط لاقامة المدن الصناعية والزراعية والتجارية الناشطة، وتفعيل التصدير للخارج ليصبح لبنان بلدا رائدا، بفضل طاقات ابنائه.

انهى رعد خطابه “التقليدي” ليخرج رأي الدين في علاج المدمن، هل يجوز علاج المدمن بالمورفين؟، هل الدين يجيز العلاج بالمخدر ضمن العلاج البديل؟.

توافق الشيخ والاب على رأيّ موّحد “العلاج بالمخدر لانقاذ المريض واجب ولا يتعارض مع الدين”، لكن رجلي الدين لم يتطرقا الى دور عالم الدين في الحد من هذه الظاهرة، ولم تسوّل لهم أنفسهم الحديث عن قيمة المحاضرات التثقيفية لتفعيل الايمان الحقيقي ليكون سدا منيعا في وجه “حرب المخدرات”، ربما تقصدّا تغييب الجدال او تناسا دورهما في زرع الايمان الواعي، لا المزيف، وقيمة الايمان والصبر في مواجهة المخدرات، أنهيا حديثهما ليعرض الدكتور علي ميرزاده تجربة ايران الرائدة في مواجهة آفة المخدرات التي انتشرت بكثافة، وطرق العلاج المتبع، وكيف يتم معالجة المرضى والخريطة التي يسلكها وكل التحديات التي واجهت هذا الامر، الى ان وصلت ايران لتصبح رائدة في هذا الامر، اذ تمكنت من تقليص عدد الوفيات بالمخدرات من 2500 شخص سنويا الى ان وصلت الى 1200 شخص، رقم متوقع ان يتقلص خلال الاعوام المقبلة نتيجة للطرق المتبعة في العلاج وتحصين المجتمع من هذه الافة.

ولم تكن تجربة ايطاليا بعيدة ايضا، فايطاليا تعتمد العلاج البديل في معالجة المرضى المدمنين، تتبع طريقة النظام العلاجي المستمر التي تدعمه البلديات المركزية بعيدا عن اللامركزية الادارية التي تعيق العمل في لبنان وتحول دون الكثير من الانجازات نتيجة لتحويل الامور “من هالك لمالك”، وبشهادة الطليان انفسهم ايران سبقت ايطاليا اشواطا بعلاج الادمان.

وماذا عن لبنان؟ هل بدأ بمكافحة هذه الافة بشكل جدي، ام يغرق في ازماته ويتناسى الازمات الاخطر التي تنهش جسد المجتمع، وتبتر اجزاء منه، والادمان واحدة منها، يؤكد الدكتور احمد كحيل “ان النبطية مؤهلة لاقامة مركز للعلاج البديل، اذ تتوفر فيها كل المقومات، وهناك مشروع سيجري افتتاحه في القريب العاجل مع برنامج الأمم المتحدة الانمائي، يتمحور حول العلاج النفسي للمدمنين، اذ لا يجب اهمال هذه الشريحة، او معاقبتهم على ادمانهم، هم مرضى، ويجب معاقبة المجرم”.

إقرأ ايضا: عن أسباب انتشار المخدرات في صيدا وجوارها والوصمة التي تلاحق المدمن

وغاب عن المؤتمر المدمن وطريقة تحصينه بعد العلاج، لم يجر التطرق لتوفير الظروف المؤاتية لحياته، لم يسلط الضوء على الظروف الاقتصادية التي تدفع بالشباب للوقوع في الفخ هربا من واقعه المزري، لم تضع الحكومات المتعاقبة ولا البلديات ولا حتى الاتحاد ايّ برنامج تنمية تفاعلية يكون للشباب حصة الاسد، بل اعتمد التهميش، فالبلديات لم تضع برنامج تنمية للشباب، لم تجر مناقشة ايّ مشروع شبابي يشركهم في القرار والتنفيذ ليكونوا جزءا من تطوير المجتمع، اسئلة تبقى محور بحث ورقابة، ولا تجد جوابا لها.

السابق
الناجحون في «مجلس الخدمة المدنية» يعتصمون عند الحادية عشرة
التالي
اعتراض برّي على «دورة عون» يهدد الوفاق الحكومي