إيران :قريبا نصرالله يستقبل الحريري الذي ستصفيّه السعودية جسديا!

احمد عياش

من المعروف ان المحافظين في إيران يسيطرون حاليا على وسائل الاعلام  في الجمهورية الاسلامية  ويوجهون من خلالها الرسائل في كل الاتجاهات .وكان أبرز مثال في الاسابيع الماضية تبني صحيفة “كيهان” إطلاق الصاروخ من اليمن على مطار الرياض ودعوتها في الوقت نفسه الى قصف دولة الامارات العربية المتحدة بالصواريخ ايضا وهذا ما حصل لاحقا لكن الصاروخ تفحّم في الاجواء قبل أن يصل الى هدفه .وهذه المرّة صوبت الصحيفة على رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري بعد عودته الى لبنان إثر إزمة إستقالته في 4 تشرين الثاني الماضي  والتي تريث في تقديمها قبل أن يطويها نهائيا .فقد أبرزت “كيهان” في 17 الجاري نبأ حمل عنوان”قريبا …نصرالله يستقبل الحريري” .وأوردت في نص الخبر الذي قالت ان مصدره “بيروت – وكالات انباء” الاتي:” كشفت مصادر اعلامية انه بدأت محركات اللقاء بين الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله ورئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري العمل بنشاط بعد تذليل كافة العقبات والموانع على ما يبدو.مؤشرات اللقاء المرتقب لا تقف عند مستوى التوافق الحكومي على الأمور الأساسية. ففي عز أزمة الحريري لم ينطق السيد نصرالله سوى بالخير تجاهه وتجاه تياره رافضا في إطلالته التلفزيونية الأولى بعد الإستقالة الرد على الاتهامات التي سيقت في بيان الحريري الشهير بحق “حزب الله” وإيران، إضافة الى دعم نصرالله المطلق لتحركات رئيسي الجمهورية ومجلس النواب ووزير الخارجية جبران باسيل التي ضغطت دوليا في سبيل عودة الحريري الى لبنان واعتبار استقالته غير دستورية والإبقاء على الاعتراف به رئيسا للحكومة اللبنانية ما شكل غطاء وطنيا له أثناء تواجده في السعودية.”

وقبل ذلك ,أوردت وكالة “تسنيم”  في السادس من الجاري نبأ حمل عنوان :”خبير سياسي ايراني لـ”تسنيم ” :هناك احتمال تصفية سعد الحريري جسدياً من قبل السعوديين”! وجاء في النص:”رأى الخبير في شؤون غرب آسيا محمد صادق الحسيني، وجود احتمال تصفية سعد الحريري جسدياً من قبل السعوديين، قائلا،” من المحتمل ان يفعل السعوديون مع الحريري ذات العمل الذي فعلوه مع الحريري الاب بمساعدة الاسرائيليين  والاميركيين!”

إذا ما نظرنا الى نبأ “كيهان” الذي نسبته الى “وكالات أنباء” يتبيّن ان الامر ينطوي على حث أكثر مما ينطوي على معطيات .وهذا الامر يثير تساؤلات حول الاهداف التي يسعى اليها النبأ .فهل من بين هذه الاهداف إبلاغ الحريري رسالة مفادها أن عودته من الرياض الى بيروت تعني مغادرته المملكة الى الجمهورية الاسلامية التي لا تكتم سطوتها غلى الواقع اللبناني؟وبالتالي ,فإن هذه الرسالة تنطوي على مطالبة الحريري بتقديم اوراق إعتماده الى مرشد الجمهورية بفرعها اللبناني كي يضمن لنفسه إستقرارا في موقعه الرسمي؟

أما في نبأ “تسنيم” فنحن أمام قصة ترهيب بإمتياز أي تكن الصيغة التي ورد فيها النبأ,خصوصا ونحن لدينا سوابق حول نهج تعامل طهران مع مع الشخصيات والقوى الذين لا ينضوون تحت لوائها في داخل إيران وخارجها لاسيما على رقعة ما يسمى الهلال الفارسي بين بحر قزوين والبحر المتوسط كما حصل أخيرا مع الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح.وليس أدل على هذا النهج من تولي “حزب الله” تصفية الرئيس الحريري رفيق الحريري في 14 شباط 2005 وفق ما توصلت اليه تحقيقات المحكمة الدولية.ولذلك فإن قول “تسنيم” انه ”  من المحتمل ان يفعل السعوديون مع الحريري ذات العمل الذي فعلوه مع الحريري الاب بمساعدة الاسرائيليين  والاميركيين”,تعني تماما أن الايرانيين من خلال أذرعتهم في لبنان والمنطقة وفي مقدمها “حزب الله” لا يترددون في تكرار ما قاموا به قبل 12 عاما.

إقرأ أيضاً: شكراً لقائد الحرس الثوري الايراني

ما يجمع عليه المراقبون حاليا ان لبنان يقبع الان تحت مظلة أمان دولية وفرتها مبادرة تاريخية قام بها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون .وكل ما تشير اليه هذه التهديدات الاعلامية الايرانية الموجهة الى الرئيس الحريري لا تعدو كونها عمليات شغب على هذه المظلة في ظل التحولات في لبنان والمنطقة.وقد طالت هذه العمليات الرئيس ماكرون نفسه.إذ انتقد علي أكبر ولايتي، كبير مستشاري مرشد الجمهورية الإسلامية  علي خامنئي الرئيس الفرنسي لتشدده حيال طهران. ونقلت وكالة “فارس”شبه الرسمية للأنباء عن ولايتي قوله: “لكي تحافظ فرنسا على صدقيتها الدولية يتعين عليها ألا تتبع خطى الأميركيين في شكل أعمى”. ورأى أن “الرئيس الفرنسي يتصرف الآن وكأنه كلب ترامب المدلل!”

إذا كانت ألسنة المحافظين الايرانيين تبلغ هذا المستوى من التوتر في مخاطبة أحد أهم الزعماء في الغرب ,فلا بد من الانتباه جيدا الى أي حالة توتر إيرانية حيال زعيم لبناني والسبب ان يد طهران قصيرة في باريس لكنها طويلة في بيروت . وهنا لا بد من مراقبة تحولات الشرق الاوسط التي قد تفضي الى ما لا تشتهيه دولة المرشد لاسيما في يتعلق بنفوذها الخارجي.ولفت الانتباه أخيرا تحذير  السفير الايراني في الاردن مجتبى فردوسي من أن “إقصاء حزب الله عن المسرح السياسي هو لمصلحة الكيان الصهيوني”.

إقرأ أيضاً: الى أين تتجه ايران وداعش الآن

إعتاد اللبنانيون طويلا على ان معاداة طهران لإسرائيل هي على العموم لفظية. أما حساباتها التي تصفيها مع مناوئيها فهي عملية.لذا,من واجب الحريري الحذر وكذلك من واجب الدولة وحماتها في العالم أن تلزم أقصى درجات الحيطة والحذر.

السابق
اعتراض برّي على «دورة عون» يهدد الوفاق الحكومي
التالي
حزب الله يقاتل، وأميركا تنتصر