لبنان لزّم حقول النفط… ولكن ماذا عن شركة ENI؟

النفط
الاسبوع الماضي، دخل لبنان عصر النفط والغاز رسميا، وذلك نتيجة موافقة مجلس الوزراء بالإجماع، على عرض وزارة الطاقة والمياه منح رخصتين حصريتين لائتلاف من ثلاث شركات عالمية هي"Eni" الإيطالية "Total" الفرنسية و"Novatek" الروسية للتنقيب عن النفط والغاز في الحقلين 4 الشمالي و9 الجنوبي على أن تبدأ عملية الحفر في عام 2019.

احتفال دخول لبنان إلى نادي الدول النفطية لم يدم طويلا، وحل مكانه القلق والترقب، بعدما كُشف أن إحدى الشركات التي رست عليها المناقصات وهي”Eni” الإيطالية تاريخها حافل بالشكاوى القضائية وأحكام صادرة عن المحاكم الإيطالية وعدة بلدان أخرى تعمل فيها بمجال الطاقة والنفط في نيجيريا وكازخستان وكونغو والجزائر بتهم الفساد والتهرب من الضرائب ودفع الرشاوى مقابل عقود وحقول نفطية، وذلك بحسب ما ورد في الوكالات العالمية. فمثلا في نيجيريا، وبحسب موقع “www.occrp.org”، وجّهت اتهامات ضدّ “إيني” و”شيلّ” بالإضافة الى9 شركات، تفيد بأنّ الشركتين سدّدتا 801 مليون دولار لوزراء ومسؤولين ورجال اعمال نيجيريّين للحصول على ترخيص لمنصّة (أو بي إل 245) النفطية.

وبحسب الوكالة الأنباء الروسية ” RIA Novosti reports” تتهم بحسب الإدعاء الإيطالي بأنا تقدم رشاوى للأشخاص المُقرّبين من الرئيس الكازاخستاني، ومن بينهم “صهر الرئيس” ويدعى تيمور كوليباييف عام 2007. وقالت المحكمة في ميلان الايطاليّة إنّ الشركة قد تُمنع من مزاولة عملها في حقل “كاشاغان” النفطي ضمن الاتحاد السوفياتي، إذ إن مجموع الرشى يصل الى 20 مليون دولار.

كما فرضت المحكمة العدل الأوروبية عقوبة على الشركة الإيطالية وشركة أخرى تابعة لها “Versalis”، مبلغ 181.5 مليون يورو، بسبب مشاركتها في اتفاقيّات مع مُنافسين في تحديد أسعار معينة في سوق المطاط الصناعي الاوروبي بين 1996 و2002.

اقرأ أيضاً: النفط: من الانتداب الفرنسي حتى «نوبل» الاميركية

كما صادر من محكمة إيطالية حكم على المدير الادارى لشركة ايني باولو سكارونى بالسجن 3 سنوات ومنعه خمس سنوات من مزاولة أي منصب عامة  لانتهاكه قانون البيئة، بحسب وكالة رويترز. الامر الذي نفاه سكاروني.

هذ فضلا عن فتح قاضية إيطالية تحقيقي بملف فساد متورطة فيه الشركة نفسها بعد الإدعاء عليها من قبل شركة جزائرية بتهمة التلاعب بالبنود الشرائية بما يقارب 8 مليار يوري.

وفيما يلاحق القضاء الإيطالي أنشطة هذه الشركة في الجزائر ونيجيريا، بتهم دفع رشاوى مقابل عقود وحقول نفطية، ظهر إسم ايني في تحقيق قضائي جديد فتحه مكتب المدعي العام في ميلانو في هذا العام 2017. حيث تتهم ” اني” بجريمة فساد دولية في الكونغو، يوم 6 تموز، طالبت الشرطة المالية “في الكونغو إلى فتح تحقيق قضائي بتهمة الفساد في القانون الدولي “231” لعام 2001 وطالبت الإطلاع على “اتفاقات ابرمتها هذه الشركة في الكونغو في السنوات 2013/2014/2015 مع وزارة النفط والغاز الكونغولية.

وفيما لم يعرف تفاصيل المناقصات والعروض المقدمة من الشركات والأسباب التي أفضت عن إختيار هذه الشركات دونا عن شركات أخرى. إكتفى وزير الطاقة سيزار أبي خليل، بإعلان أن «وزارة الطاقة وهيئة البترول حدّدتا هدفين لإطلاق دورة التراخيص وقد تم تحقيقهما وبأنّه دعا الشركات إلى التفاوض على العروض التقنية، وقد حصلنا على الالتزام بحفر البئر الخامسة، وبدء الحفر عام 2019، وبالتالي ستكون سنة 2018 مخصصة للتحضير». موضحا أن «التفاوض كان شرساً مع الشركات، إذ تمّ إصدار نموذجاً للعقد الذي سيوقع معها، والتزمنا توقيعه كما أصدرته الدولة اللبنانية»، لافتاً إلى أن «لبنان من الدول القليلة التي توقع نموذج عقد، كما صدر عن المرسوم الحكومي من دون أي تعديل، وأنا سأبلغ الشركات بالموافقة». مؤكدا ” دورة التراخيص هي من أكثر الدورات شفافية”.

وأمام هذا السجل العدلي الحافل بالشكاوى القضائية بتهم الفساد، على أي أساس تمّ الرسو على هذه الشركات ومن ضمنها الشركة الإيطالية هذه؟ والسؤال الأهم هل لدى الحكومة زوزارة الطاقة خصوصا علما بهذه الدعاوى. فغذا لديها علما مصيبو وإن لم يكن فهي المصيبة الأكبر.

وفي هذا السياق، كان لـ “جنوبية” حديث مع الناشطة في حملة “بدنا نحاسب” نعمت بدر الدين الّتي أكّدت على ضرورة إعتماد الشفافية والوضوح في هذا الملف فمن المفترض أن لا يكون لدى هذه الشركات مشاكل قضائية خارج لبنان”. مشيرة إلى أنه “من الغير معلوم أسباب إختيار هذه الشركات لأنه لم يتم الكشف عن مضمون العروض التي يجب كشفها أمام الرأي العام بدءا من مسألة التلزيمات ومعرفة العروض ومعرفة كيفية تلزيم هذه الشركات”.

نعمت بدر الدين
الناشطة نعمت بدر الدين

وشدّدت بدرالدين على ضرورة البدء بهذا الملف بشفافية على أن إبرام العقود مع شركات غير مشبوهة”. ورأى أن المشكلة ليت فقط بالشركات التي رست عليها العروض إنما بالمراسيم والقوانين التي تم بتها في اللجان الوزارية التي لها علاقة بالصندوق السيادي، وكيفية تقاسم الإنتاج والضرائب والأثر البيئي”. ولفتت إلى ضرورة إشراك المجتمع المدني على كافة تفاصيل هذا الملف وعلى هيئة النفط والغاز أن تكون أكثر إنفتاحا على المجتمع المدني نظرا لمدى أهمية هذا الملف للأجيال القادمة”.

إلى ذلك أكّدت على أن هذا الملف سيكون من أولى إهتمامات المجتمع المدني، ولفتت ضرورة التعلّم من تجارب الدول المجاورة كدبي مثلا التي إستخدمت الاموال في الصندوق السيادي لتنمية البنى التحتية وإقامة مشاريع إستثمارية، مقابل الدول التي تحوّل فيها النفط والغاز إلى لعنة مثل ليبيا والعراق بسبب جشع الحكام والمسؤولين”.

من جهة ثانية، تحدث الخبير النفطي الدكتور ربيع ياغي لـ “جنوبية” عن أهمية هذه الشركة العالمية قائلا أن eni من أهم الشركات في العام، ويكفي أن آخر إكتشاف لها كان عم 2016 هو حقل زهر في البحر في مصر وتعمل على تطويره وتبلغ أهمية إحتياطه للغاز الطبيعي 30 تريليون قدم مكعب أي ما يساوي جميع الإكتشافات الإسرائيلية في هذا المجال”. مشيرا إلى أنها تعمل وتطور الحقل كما تمّ تلزيمها في قبرص لثلاث بلوكات”. وأضاف “من يبث هذه الأخبار في الصحافة إما جهلة أو متضررين من الشركة نفسها”. وقال “ليس هناك شركة أوروبية إلا ترفع وعليها عدّة دعاوى قضائية خاصة في أوروبا”.

الخبير النفطي ربيع ياغي

وأضاف ياغي ان “هذه الدعاوى وان صحّت، تبقى هذه الشركة من أهم الشركات العالمية ولها انجازات معروفة، فقبرص لزّمتها بثلاثة بلوكات فيما لبنان ببلوكان إثنان فقط”. متسائلا “في حال سلمنا أن هذه الشركة فاسدة لماذ قبلت شركات كل من نوفاتيك وتوتال الشراكة التعاون معها ؟”.

اقرأ أيضاً: بين المحاصصة وعدم الثقة.. الملف النفطي «فرحة منقوصة»!

ورأى ياغي أن كل ما يجري في لبنان هو على الطريقة اللبناني تافه ولا طعمة له، سيّما ان ما حصل كان مفاجأة سارة، بأن نجد ثلاث شركات عالمية مستعدة للاستكشاف و للتنقيب وشكلت إئتلافا مع بعضها البعض للحصول على أوّل إلتزام في لبنان”.

وخلص الدكتور ربيع ياغي بقوله أن ” هذه الشركات النفطية العالمية تقوم بمخاطرة بالمجيء إلى لبنان الذي لا يحظى باستقرار سياسي وأمني دائم، بسبب الوضع المضطرب في دول الجوار والمنطقة “.

السابق
«الجيل الخامس»: ولادة ارهاب ما بعد داعش
التالي
باسيل و«جبل محسن»: المردة تتحرك واستقالات بالجملة من التيار الحرّ!