انتحرت ابنة الـ14 عاماً أم لم تنتحر.. الجريمة: زواج القاصرات

الجريمة الكبرى هي "زواج القاصرات"، والمدان هو المجتمع!

في منزلها في بلدة الجاموس العكارية، وجدت صباح اليوم الجمعة 15 كانون الأوّل الشابة نظيرة طرطوسي جثة هامدة.
طرطوسي وهي الطفلة ابنة الـ14 عاماً والزوجة منذ 5 أشهر، فارقت الحياة تاركة خلفها فرضية الانتحار، وعائلة مفجوعة، لم تستوعب بعد أنّ الصغيرة التي لبست ثوب الزفاف الأبيض منذ شهور قليلة قد قتلت نفسها.

هذه الحادثة المؤسفة التي استيقظت عليها بلدة الجاموس، ضجّت فيها منطقة البداوي حيث تسكن عائلة نظيرة، وحيث عاشت هي أعوامها الـ14. كما فرض ثقل “الحادثة” تساؤلات عديدة حول زواج القاصرات، وحول الطفلة التي تحوّلت إلى زوجة.
مقربون من العائلة يؤكدون لموقع “جنوبية” أنّ الفتاة لم تجبر على الزواج إلا أنّه كان زواجاً تقليدياً، فـ” ع.س” قد تقدم لخطبتها و وافق الوالد خوفاً عليها من البيئة المحيطة، لاسيما وأنّ الشاب وضعه المادي جيداً وسيؤمن لها حياة لائقة.
نظيرة كذلك بحسب المقربين تركت مقاعد الدراسة بعد الارتباط.

مصادر العائلة تتحفظ على فرضية الانتحار، بانتظار الإفصاح تقرير الطب الشرعي، فيما تتوقف عند ما يتم تداوله عن الكلام  الذي قالته نظيرة لوالدتها قبل ليلة من الحادثة وهو الرغبة بالانتحار، غير انّ الوالدة لم تأخذ الكلام محمل الجد.

وفيما تتحفظ العائلة عن نتائج تقرير الطب الشرعي، أشار مصادر متابعة لموقع “جنوبية” أنّه قد صدر تقريرين الأوّل وقعه الطبيب حسين عدوية والثاني الطبيب موسى حداد، وكل من التقريرين قد أثبتا حالة الانتحار.
وبحسب المعلومات التي حصلنا عليها فإنّ استناد التقرير يعود لجرح في يد الضحية يحدث في حالة الضغط على الزناد وإطلاق النار على النفس، وتلفت المعلومات إلى أنّ الرصاصة قد أطلقت عند الرقبة لتخرج من الجانب الآخر وقد تمّ استعمال بندقية صيد من نوع “بوم باكشن”، فينا سوف يتم إرسال هذه البندقية للأدلة الجنائية للتأكد من البصمات.

ملف “نظيرة” تمّ إغلاقه في المخفر وتحوّل إلى تحرّي حلبا، أما الزوج فما زال موقوفاً بانتظار فتح قفل الهاتف الذي كانت تملك الضحية والإطلاع على آخر المحادثات التي أجرتها.

وبحسب معلوماتنا فأنّ النيابة العامة تتجه لإخلاء سبيل الزوج بعدما أكّد الأطباء الشرعيين فرضية الانتحار.

إقرأ أيضاً: هل منع زواج القاصرات يخالف الشريعة الاسلامية؟

هذا وقد تواصل موقع “جنوبية” مع أحد معارف الزوجين، الذي أكّد لنا أنّ الزوج “ع.س” كان يحب عروسته كثيراً، كاشفاً لنا ما يتردد في البلدة عن أنّ وضع نظيرة النفسي لم يكن جيداً وذلك بعدما لم يثبت الحمل لديها مما تسبب بالإجهاض.

إذاً، نظيرة قد رحلت، وسواء انتحرت أم لم تنتحر، فهي ضحية الجريمة الكبرى، وهي زواج القاصرات، جريمة سلختها من مقعدها الدراسي ومن غرفتها وألعابها إلى “قفص” يُقال أنّه ذهبي.

إقرأ أيضاً: هذا ما يجب تعديله لاستكمال معركة حماية حقوق القاصرات القانونية

جريمة سرقت منها طفولتها وحياتها، وحولتها إلى سيدة، جريمة حملتها جنيناً وهي في عامها الـ14 فأجهضته بسبب ضعف جسدها “الصغير”.

يبقى أنّ اليوم ضحيتنا كانت “نظيرة”، وغداً سيكون هناك ضحية جديدة، واسم جديد، فمن يحمي “الفتيات القاصرات” من مجتمع لا يرى فيهن إلاّ مشروع “زوجة” ، ومن يحمي الحق في الاختيار عن نضج وقناعة و وعي وإدراك.

السابق
قزّي لجنوبية: فتح معبر جوسي يدلّ على عودة الحياة إلى طبيعتها في سوريا
التالي
سؤال برسم قادة محور الممانعة والمقاومة وجمهورها