حجر الحريري الاكبر بعد سحب البحصة الكبيرة: أنا المؤهل للدفاع عن السعودية

احمد عياش

كان الكثير من اللبنانيين ينتظرون ما سيقوله الرئيس سعد الحريري في مقابلته التلفزيونية مساء الخميس والتي جرى إرجاؤها .والسبب هو إلاعلان المثير عنها الذي صنعه الحريري بنفسه قبل أن يعود ويسحبه من التداول عندما قال ان “بحصة كبيرة” سيقوم ب”بقّها” خلال المقابلة. لكن المعطيات المتوافرة تشير الى ان “حجر الحريري الاكبر” عندما ستتم المقابلة سيكون حول علاقته بالمملكة العربية السعودية.
في إنتظار إطلالة رئيس الحكومة ,لا بد من الاشارة الى اهمية ما أعلنه الحريري في بيت الوسط أخيرا .فهو قال ان لبنان ليس “جمهورية موز” عندما تطرق الى الزيارة المثيرة للجدل التي قام بها زعيم ميليشيا “عصائب أهل الحق” العراقية التابعة لإيران قيس الخزعلي الى الجنوب، مشيرا الى سياسة “ربط النزاع “بينه وبين “حزب الله” ليصل الى خصومه قائلا :”يرددون مواقف تحد لحزب الله وسياسة إيران ظاهريا ووجدنا في النهاية ان كل ما أرادوه هو الطعن بسعد الحريري… كانوا يدّعون أنهم يستكملون مسيرة رفيق الحريري بينما كان كل ذلك أكبر عملية إحتيال”!

اقرأ أيضاً: لبنان في فخ إيران

في جعبة اوساط سياسية بارزة واكبت الرياح العاصفة التي هبّت على لبنان منذ الرابع من تشرين الثاني الماضي الكثير من المعطيات التي حان وقت الكشف عنها تباعا. ولعل ما يهم اللبنانيين اليوم الذين غرقوا في قلق شديد الوطأة الشهر الماضي ان يعلموا الان ان تلك الرياح قد تحوّلت دافئة ما يتيح لبلدهم أن يحظى بفرصة جديدة تحمل عنوان تحقيق عدد من المشاريع الحيوية قبل بلوغ إستحقاق الانتخابات النيابية في إيار سنة 2018 .فما هي هذه المعطيات التي بدّلت حرارة الرياح؟
تقول هذه الاوساط لـ”النهار” ان النقاش العميق الذي رافق إعلان الحريري عن إستقالته من الرياض بداية الشهر الماضي أخذ مداه قبل ان يستقر على إقتناع بأن دفع الامور الى المواجهة في لبنان ليس قرارا معللا. ورجّح في المقابل منطق المحافظة على لبنان في مواجهة النيران المشتعلة في المنطقة.وقد يبدو للمراقب من خارج لبنان ان زيارة وزير لبناني الى دمشق مثلا ,او كلام عالي النبرة ضد السعودية يمثل تطورا خطيرا,لكن ذلك، وفي إطار النظرة الداخلية,هو الخبز اليومي لفسيفساء التكوين اللبناني الذي يضم أيضا من له نبرة عالية ضد إيران وضد كل ما هو ذات صلة بها.
هل يعني هذا التبرير القبول بإستمرار الحملة من الدائرين في فلك طهران على المملكة؟ تسارع هذه الاوساط الى الرد بالنفي القاطع ,مشددة على ان الحريري صار حاليا أكثر الناس مؤهلا للدفاع عن مصالح السعودية في لبنان إنطلاقا من القوة الدولية التي إكتسبها أخيرا بعد عودته عن الاستقالة.وغمزت في هذا المجال من قناة بعض معارضي الحريري بالقول: “إن هؤلاء لا يتعدى نفوذهم باب التبانة!”
وتعود هذه الاوساط الى القيام بقراءة سريعة لمسار الواقع السياسي فتلفت الانتباه الى ان حكومة الحريري الحالية قد تألّفت العام الماضي عندما كانت ميلشيا”حزب الله” في سوريا وخبراؤه في اليمن.لكن هل هذا الوجود يغيّر من ميزان القوى في هاتيّن الساحتيّن؟ أما في السيناريو الاول الذي كان معدّا بناء على إستقالة الحريري كانت هناك خطة للتصعيد في وجه “حزب الله” وهو تصعيد ما كان ليبقى كلاميا. ثم ما هي المكاسب التي ستتحقق إذا ما خرج الحريري من الحكم؟ فهو مثلا ,ووفق ميزان القوى الراهن, لديه قرار في الجيش يقارب ال 50 في المئة ونحو 75 في المئة في قوى الامن. لكنه إذا إستقال سيصبح حجم هذا القرار صفرا.لذلك تصبح الدعوة الى إستقالة الحريري كمن يدفع بالشخص الى البحر مكتوفي الايدي ويطلب منه السباحة!
لا تكتم الاوساط نفسها ملاحاظاتها على “القوات اللبنانية” التي كانت تسعى الى إحداث “تغيير إيجابي” لمصلحتها في حال تحققت هذه الاستقالة.أما الدكتور فارس سعيّد الذي كان من رموز المواجهة فقالت انه بقيّ “متفرجا” في الشرقية عندما كان “حزب الله” يمارس سطوته في الغربية في 7 أيار 2008. وقارنت بين موقف رئيس الجمهورية ميشال عون الذي حرص على التمسك بالحريري مقارنة بالرئيس السابق ميشال سليمان الذي رفض تأجيل الاستشارات النيابية أسبوعا عندما جرى إسقاط حكومة الحريري في نهاية عام 2010 تلبية لطلب من أمير قطر السابق حمد بن خليفة.
كيف سيمضي قطار الحريري من الان فصاعدا ؟ في المعلومات ان هناك قرارا بالعمل من الان وحتى الانتخابات النيابية على الخطة الاقتصادية التي يبلغ حجمها 12 مليار دولار والتي بدأت تظهر آفاقها الواعدة بعد المؤتمر الدولي في باريس. كما ان هناك تركيز شديد سيجري توجيهه نحو ملفات الكهرباء والنفايات والاتصالات. أما ملف النفط والغاز الذي بوشر فيه فهو بعيد المدى يصل الى السنوات العشرة المقبلة. وأشارت تحديدا الى موضوع الكهرباء فقالت ان أرجحية الاستعانة بالبواخر تعود الى فرق التكلفة لمصلحتها .أما في ملف النفايات وبعدما تبيّن ان خطة مطمريّ برجح حمود والكوستا برافا لم تقلّع فسيكون هناك في النهاية قرار بإعتماد المحارق الحديثة كما هو في أرقى مدن العالم. وأبرزت ذات الاوساط أهمية تنفيذ الحكومة الالكترونية التي تزيل الوسطاء والرشوات. وأعطت في هذا المجال مثال المعاملات في الامن العام.
في الخلاصة تبدوهذه المعطيات عناصر “حجر أكبر” سيطل به الحريري. والامر في النتيجة يعني ان “حجرا” كهذا سيسند بعزم “خابية” الانتخابات النيابية التي قرر الحريري الذهاب اليها بكل ما أوتي من قوة.

السابق
اختبار القدس: أخطاء ترامب فرصة لإيران والتطرّف
التالي
تغريم مُغرد والسبب.. الإساءة للمطربة أحلام