تسخين العلاقات مع الدول العربية: ربيع عبري بدل الربيع العربي

الربيع العربي
بدل الربيع العربي الذي اصبحت فيه الاوضاع في الدول العربية اسوأ مما كانت يسود حاليا مناخ من الربيع العبري، الذي ساهم فيه تصاعد قوة ايران ونفوذها في عدد من دول المنطقة.

الربيع العربي الذي بدأ قبل سبع سنوات مع موجة الثورات التي غيرت وجه الشرق الاوسط، لم يشبه ربيع الشعوب في براغ الذي أدخل الرياح الليبرالية الى تشيكوسلوفاكيا في الستينيات. عمليا، الربيع العربي لم يأت بالديمقراطية للعالم العربي رغم الجماهير التي خرجت الى الشوارع وطالبت بالتغيير على أمل أن يضع حدا للانظمة الطاغية التي حكمت لعشرات السنين بقبضة من حديد. في معظم الدول الوضع الآن أسوأ مما كان عليه قبل اندلاع المظاهرات. الربيع العربي زاد الشرخ في المجتمع العربي، زاد الشرخ بين المتدينين والعلمانيين، بين الرسميين والوطنيين، وبيقين بين السنة والشيعة. كثيرون في العالم العربي، ومنهم صحافيون ومحللون كبار، يتهمون اسرائيل بافشال الربيع العربي بشكل متعمد، وذلك من اجل عقد تحالفات مع الزعماء العرب ضد ارادة الشعوب.

بدل “الربيع العربي” انتشر مؤخرا مفهوم جديد في وسائل الاعلام العربية وهو “الربيع العبري” – التقارب بين الدول العربية واسرائيل ودفع القضية الفلسطينية الى الهامش.

اقرأ أيضاً: هل رصدت اسرائيل عبارة «سنحرق المنطقة» في اتصال سليماني؟

هناك اشارات كثيرة على الربيع العبري: قبل بضعة اشهر عبر وزير الاستثمارات الاجنبية في السودان، فاضل المهدي، عن دعمه لانشاء علاقات والتطبيع مع اسرائيل. كما أن أمير البحرين، حمد بن عيسى آل خليفة أدان المقاطعة العربية لاسرائيل وقال إن المواطنين في دولته يمكنهم زيارة اسرائيل (هناك بعثة من 24 شخصية دينية جاءت في هذه الايام لزيارة تاريخية في اسرائيل)، وهناك تقارير علنية عن لقاء بين ولي العهد السعودي ورئيس الحكومة الاسرائيلية، وأن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يلتقي بشكل علني مع رئيس الحكومة الاسرائيلية وأن مفتي السعودية ينشر فتوى تمنع قتل الاسرائيليين. ايضا رئيس الاركان الاسرائيلي يتم اجراء مقابلة معه في موقع سعودي في الانترنت.

في الوقت الذي تزدهر فيه اسرائيل وتخترق اسواق كثيرة في افريقيا، فان الدول العربية تتفكك نتيجة الحروب فيما بينها. حسب العرب، معنى ذلك هو أن اسرائيل دولة قوية ومتنورة، وأساسا لديها ما تقدمه لهم. لهذا هم يلاحقونها.

خلف تصريحات الزعماء، ما يثير الانطباع هو أن العالم العربي لم يخرج عن أطواره عند سماع تصريح ترامب واعتراف بالقدس عاصمة لاسرائيل. الفلسطينيون حاولوا بكل قوتهم ايقاظ العالم العربي وتحريض الشعوب، لكن من الواضح أن هذه الجهود فشلت. القضية الفلسطينية لا تهم أحد تقريبا. كل زعيم عربي منشغل بمشاكله.

عرب المنطقة والزعماء فيها ينظرون في معظمهم للقضية الفلسطينية على أنها عبء. والسؤال هو ماذا جلبت القضية الفلسطينية سوى الحروب والدمار للدول العربية؟ هكذا كان الامر في الاربعينيات عندما أيد المفتي الحاج أمين الحسيني هتلر وتعاون مع النازيين، وهكذا كان الامر في 1970 في “ايلول الاسود” في الاردن، وفي لبنان ايضا حيث كان الوجود الفلسطيني هو السبب الرئيسي لاندلاع الحرب الاهلية في الاعوام 1975 – 1991، وهكذا حدث على الصعيد السياسي عندما أيد ياسر عرفات صدام حسين عند غزوه للكويت في بداية التسعينيات، وأثار غضب دول الخليج. هذا التوجه يتواصل الى الآن، عندما يقوم الفلسطينيون باهانة السعوديين ويفتحون قنوات اتصال مع ايران، وبهذا هم يثيرون ضدهم الكثيرين في المجتمع العربي، ولا سيما السعوديين.

عامل هام ساعد الربيع العبري على الازدهار هو تهديد ايران للدول العربية واستقرارها، ليس حبا لليهود بل بسبب كراهية ايران. دول الخليج تشعر بأنها مهددة من الايرانيين الذين سبق لهم وحققوا سيطرة في اربعة دول عربية هي لبنان وسوريا والعراق واليمن. الزعماء العرب يعرفون جيدا أن الايرانيين وضعوا لأنفسهم هدفا هو تصدير الثورة الشيعية الى العالم العربي، ولا سيما الدول الاسلامية التي توجد فيها طوائف شيعية. التدخل العسكري والاقتصادي والديني لايران يعتبر تهديدا استراتيجيا ومسا شديدا بالامن الوطني لتلك الدول.

كل ذلك وغيره أدى الى وضع جديد، الذي اعتبر حتى وقت قريب أمرا خياليا. نحن نشهد تسخين واضح للعلاقات بيننا وبين الدول العربية المعتدلة، ولا سيما دول الخليج، التي تشكل معنا كتلة واحدة ضد ايران وحلفائها في الشرق الاوسط .

السابق
الشعار: معبر جوسيه يبدأ العمل به غداً
التالي
قضية مياومو كهرباء لبنان تعود من جديد