إيران – حزب الله يفتحان الجبهات.. رداً على الضغط بسوريا؟

منير الربيع

هي من المرات النادرة التي يتصرّف حزب الله فيها بهذا الكم من العقل البارد. لا يريد أن يكون وحيداً في معركة ما بعد القدس، ويريد استخدام كل أدوات هذه المعركة، من التعويل على الموقف الفلسطيني، إلى النشاط على وسائل التواصل الاجتماعي. وهذا يعني أن العمل العسكري مستبعد. لكن، وفق البعض، فإن الحزب يدرس كل الخيارات، مقارنة مع مختلف التطورات في المنطقة. القدس ركيزة أساسية حالياً بالنسبة إليه. وهو قادر على المقارعة فيها ما يكفي. إلا أن ما يقلقه، وفق هؤلاء، هو التسوية التي قد تحصل بين روسيا والولايات المتحدة في سوريا. والمؤشرات على ذلك كثيرة، أولها إنسحاب الطاقم الدبلوماسي الروسي من صنعاء، وثانيها الإعلان الروسي عن الانسحاب من سوريا. وهذا يعني إصراراً روسياً على الحلّ السياسي. التقدم خطوة في هذا المسار، يجب أن يقابله تراجع من جانب الفصائل المسلّحة بما فيها الحزب.

اقرأ أيضاً: الانتصار على لبنان عبر المتاجرة بالقدس

هناك مسار دولي نحو الحدّ من عمل الميليشيات، تحديداً بعد انتهاء تنظيم داعش، فلا يمكن الابقاء على الميليشيات الشيعية، وفق ما تشير كل المعطيات الدولية. بمعنى أن التداول الدولي الذي تضغط بشأنه الولايات المتحدة إلى حدّ كبير، يتجه نحو حلّ هذه الميليشات، وصولاً إلى تحجيم دور إيران في المنطقة. لكن هذا العنوان، يحتاج إلى بلورة لمعرفة كيف سيتم تطبيقه، وهو يحتاج إلى كثير من التكتيكات التي لا تبدو جاهزة حتّى الآن. لكن الجو الدولي يعتبر أنه لا يمكن حلّ الأزمة السورية بدون حلّ هذه الميليشيات وتسليم سلاحها، وخصوصاً إنسحاب الإيرانيين من هناك، وكذلك حزب الله، مع نزع سلاحه الكاسر للتوازن. ولا يمكن الحديث عن حلّ في العراق بدون حلّ عصائب أهل الحق، ولواء فاطميون وغيرهما. ومن الواضح أن أميركا لن تتساهل في هذا الموضوع، رغم تسجيل ملاحظات بشأن عدم العمل الجدّي من قبل الأميركيين على ذلك، واقتصار المواقف على ما هو إعلاني.

تشير بعض الوقائع الميدانية إلى أن الأمور ليست سهلة، أو بسيطة، بمعنى أن الوضع مفتوح على احتمالات متعددة لكنها تحتاج إلى عمل ودراسة موازين القوى، ومن يريد مواجهة هذا القرار. الحديث عن فتح الجبهات، يتنامى، لكن الكلام عن فتح جبهة الجنوب والإطاحة بالقرار 1701 أمر غير منطقي أو واقعي. يقيس حزب الله حساباته بميزان الجوهرجي، لأنه لا يريد أن يخوض معركة الأمة، و”لن يفتح على حسابه”، إلا إذا ما حصلت تطورات كبرى، أو حدث ما يأخذ الأمور إلى مكان آخر. وهذه ليست واضحة حتى الآن.

ولكن، حين سيشعر الحزب بأنه مطوق في سوريا، أو حين تشعر إيران بأن الضغوط عليها تتكثف لأجل الانسحاب من سوريا، بفعل التسوية، فحينها كل الخيارات ستصبح متاحة ومفتوحة، بما فيها خيار اشعال الجبهات. ما يعزز ذلك، هو ما سرّب عن إتفاق روسي أميركي بالموافقة على بقاء رئيس النظام السوري بشار الأسد في السلطة حتى العام 2021، مقابل ضغط روسيا على إيران للانسحاب من سوريا. هذا الأمر لا يمكن لطهران أن ترضى به، وستواجهه. فيما تقاطع المصالح الأميركية والروسية يقود إلى ضرورة تحجيم النفوذ الإيراني في سوريا، لأنه لا يمكن الدخول في الحل السياسي بدون ذلك، لا سيما أن القوتين الكبيرتين تريدان إراحة “الطرف السنّي” على الأرض من خلال تحجيم نفوذ الإيرانيين، لأن عدم الحدّ من توسع النفوذ الإيراني سيؤدي إلى مزيد من التصعيد سنياً وسيؤدي إلى تنامي التطرف وازدياده.

تقرأ طهران هذه الإشارات بتمعّن، والردّ عليها يمكن التقاطه من خلال الاتصالات التي أجراها قائد قوة القدس قاسم سليماني بكل من كتائب القسام والجهاد الإسلامي في غزة، مؤكداً أن إيران تدعمهما فيما يريدانه. وهذا قد يقود إلى فتح جبهة في غزة ضد الإسرائيليين لإيصال رسائل اعتراضية من جانب طهران على ما تتعرض له في المنطقة. وهذه الجبهة قد تكون قابلة للتوسع وفق ما تقتضي الحاجة. وحينها، سيشهد الجنوب اللبناني أكثر من زيارة مشابهة لزيارة الخزعلي، وما تحمله هذه الزيارات من رسائل.

السابق
قضية مياومو كهرباء لبنان تعود من جديد
التالي
اختبار القدس: أخطاء ترامب فرصة لإيران والتطرّف