أي لبنان نحميه… الوطن أم غرفة العمليات؟

بيعي الافتراض أن التوازن السياسي والأمني في لبنان لا يسمح للحكومة وحدها أن تقوم بهذا الأمر. من هنا ضرورة وضع إطار إقليمي دولي لتحييد لبنان تقوده المجموعة العربية بقيادة السعودية وبالشراكة مع فرنسا والولايات المتحدة، بالاستناد إلى المشروع الباهر الذي كان يعمل عليه الوزير الشهيد محمد شطح، وتصدف ذكراه الرابعة بعد أسابيع قليلة.
قام مشروع شطح على تحييد لبنان بموجب قرارات أممية تصدر تحت الفصل السابع، لا تقوم فقط على إلزام لبنان بالنأي بنفسه عن أزمات المنطقة، بل تلزم اللاعبين الدوليين بحياد لبنان والامتناع عن استخدامه في سياسة «الحروب بالوكالة»، تحت طائلة التعرض لعقوبات محددة.

اقرأ أيضاً: هل فلسطين قضية؟

بيان وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون بعد أيام من استقالة الحريري حذر بوضوح من التلاعب بلبنان على هذا النحو، وقد آن الأوان لتحويل هذا التحذير إلى سياسة دولية تجاه لبنان، تقوم على ضمان مصالح اللبنانيين والعرب.
من الواضح أن لفرنسا والولايات المتحدة مصالح استراتيجية في لبنان واستقراره. ففرنسا عبر شركة «توتال»، جزء من كونسورتيوم ثلاثي يضم «إيني» الإيطالية و«نوفاتيك» الروسية، مهتم بالحصول على تراخيص التنقيب عن الغاز والنفط على الشواطئ اللبنانية.
إلى ذلك، للولايات المتحدة وفرنسا نظرة أكثر استراتيجية تتصل باستقرار لبنان بوصفه أكبر مخيم للاجئين السوريين على بوابات أوروبا. فسلام وازدهار أوروبا ووحدتها، وهي الأقانيم الثلاثة لهندسة الأمن عبر ضفتي الأطلسي ما بعد الحرب العالمية الثانية، باتت مهددة اليوم بسبب أزمات المهاجرين والانتكاسات الاقتصادية واستيقاظ الهويات الفرعية الانفصالية وصعود القوميات التنافسية التي أشعلت حربين عالميتين خلال النصف الأول من القرن العشرين. هذا التهديد الاستراتيجي تفاقمه أي انتكاسة في لبنان ترمي لاجئيه السوريين في المتوسط نحو أوروبا.
من هنا الحاجة إلى تفاهم حقيقي لبناني عربي دولي، يجعل من استقرار لبنان عاملاً من عوامل الاستقرار في المنطقة، ولا يبقي لبنان المستقر شرطاً لاضطراب المنطقة. لبنان الأول دولة يستحق شعبها أن يعيش بسلام. لبنان الثاني غرفة عمليات لـ«حزب الله» لا يملك أحد شهية الدفاع عن سلامتها.

السابق
ما سقط مع علي عبدالله صالح
التالي
بعد التريث.. أحمد الأيوبي يتحدث عن ظروف توقيفه ويشكر الذين تضامنوا معه