مجلس الوزراء ينعقد اليوم بعد الاتفاق على صياغة «النأي بالنفس»

خلافاً لكل الأجواء التي كانت سائدة حتى مساء أمس، دعا الرئيس سعد الحريري مجلس الوزراء فجأة الى عقد جلسة اليوم لإقرار ما تم الإتفاق عليه وإنهاء التريث، في وقت حَرفَ الحدث اليمني الأنظار، إذ انتهى بقتل "الحوثيين" للرئيس السابق علي عبد الله صالح، ما فتح باب اليمن والمنطقة على شتى الاحتمالات.

لم يكن غريباً ان تستقطب التطورات المتسارعة في اليمن الاهتمامات السياسية والاعلامية في لبنان أمس نظراً الى ترابط المعطيات الاقليمية المتصلة بالصراع الايراني – السعودي في كل الساحات التي تتأثر بهذا الصراع ومنها لبنان. وقالت “النهار”  حتى ان بعض المعنيين بمجريات الجهود المبذولة للتوصل الى مخرج لأزمة استقالة الرئيس الحريري ومن ثم التريث فيها تمهيدا لطيها ذهبوا الى التخوف من امكان ان تطرأ عوامل بفعل التطورات اليمنية عقب اغتيال الرئيس اليمني سابقا علي عبد الله صالح من شأنها ان تصيب الواقع اللبناني ببعض شظاياها السلبية الاضافية. لكن هذه الانطباعات لم تحجب استمرار الاتصالات والمشاورات واللقاءات البعيدة من الأضواء لانجاز مسودة صيغة بيان تجديد التسوية السياسية الذي يفترض ان يستجيب لمطالب الرئيس الحريري في مسائل عدة أبرزها وأهمها التزام صارم جدي لسياسة النأي بالنفس.

إقرأ ايضًا: اجتماعات ومشاورات في باريس وبيروت للبتّ في«تريّث» الحريري

وفيما اثارت المعطيات المتكررة عن تحديد موعد لانعقاد مجلس الوزراء اليوم أو الخميس على ابعد تقدير استغراب الاوساط القريبة من الرئيس الحريري، شددت هذه الاوساط على ان رئيس الوزراء لا يزال ينتظر انجاز المشاورات الجارية لبت صيغة النأي بالنفس تحديدا قبل ان يوجه الدعوة الى جلسة لمجلس الوزراء التي تعود الصلاحية فيها اليه حصراً وليس أي مرجع آخر.  وبالفعل أمكن التوصل ليل أمس إنجاز هذه الصيغة ووجه الرئيس الحريري دعوة الى جلسة لمجلس الوزراء تعقد الساعة الثانية عشرة ظهر اليوم في قصر بعبدا برئاسة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون.

واستبعدت مصادر “الجمهورية”  “أن يكون لتطورات اليمن الميدانية والسياسية ارتباط مباشر بالتسوية السياسية في لبنان”، مشيرة الى “أنّ هذه تخضع للاتصالات الدولية، ولا سيما منها الفرنسية والاميركية، للوصول الى صيغة يتحدد من خلالها معنى “النأي بالنفس” وترجمته على الأرض، ليتم الإتفاق عليه في لبنان”.

وقد  ظل الاهتمام منصباً على توليد التسوية السياسية التي تنهي تريث الحريري واستقالته عملياً وتعيد الانتظام الى العمل الحكومي. وبعد أن كانت تراجعت إمكانية دعوة مجلس الوزراء الى الانعقاد نشطت الاتصالات ليلاً على خط عين التينة – بيت الوسط – حارة حريك تولاها الحريري ومدير مكتبه نادر الحريري والوزيران علي حسن خليل وجبران باسيل الذين كانوا ينقلون الافكار الى الرؤساء الثلاثة.

وتولى خليل التواصل مع “حزب الله” لتوحيد الموقف. وقبيل منتصف الليل تم التداول في مجموعة أفكار تقاربت كثيرا بعضها الى بعض وأزيلت التباينات التي كانت قائمة حولها وتبلورت ضمن صياغة حملت العناوين الأساسية الأتية:

التأكيد على البيان الوزاري

2-  التزام وثيقة الوفاق الوطني (اتفاق الطائف)

3- اضافة تعبير “النأي بالنفس” في صيغة مطورة يظهر فيها جليا ان سياسة لبنان هي أنه يناى بنفسه عن الصراعات الاقليمية والعربية. ذلك ان تعبير النأي بالنفس لم يرد في البيان الوزاري بهذا الوضوح.

وتم الاتفاق ليلا على استئناف الاتصالات صباحاً وتنشيطها قبيل الجلسة لبلورة هذه الافكار وتقريبها الى موقف جامع يوفر على الجلسة عناء المناقشة والوقت.

ونفت مصادر فريق الثامن ان يكون الحريري قد روّج لصيغة معينة او طلب ضمانات خطية كما اشيع. واستغربت “كل هذا الضجيج حول صيغ مكتوبة”.
ومهما كان من امر، فإن زوار الرئيس الحريري في بيت الوسط كانوا جزموا امس، بأن الامور سائرة نحو الايجابية والانفراج.

 

لكن هؤلاء الزوار اشاروا في الوقت عينه إلى انه لا يزال هناك بعض التفاصيل البسيطة التي لا تزال تحتاج إلى بعض المشاورات لوضع اللمسات الأخيرة على البيان المنتظر، واستبعدوا لـ “اللواء” ان تكون هناك إمكانية لأن تلعب الشياطين أي دور في إتمام تفاصيل البيان والتوافق عليه، خصوصا وانه من الواضح ان هناك نيات طيبة لدى الجميع.

إقرأ ايضًا: اليمن الى اين بعد مصرع علي عبدالله صالح؟ 

ولمس الزوار ارتياح الرئيس الحريري لمسار الاتصالات الجارية، وشددت هذه المصادر على ان الجميع يعي دقة وحساسية المرحلة الراهنة، واهمية الوصول الى التوافق السياسي الداخلي اللبناني المطلوب في هذه الفترة، خصوصا ان مطالب الرئيس الحريري ليست تعجيزية وهي لم تعد خافية على احد، بل هي اصلا في صلب البيان الوزاري لحكومته التي نالت الثقة على اساسه، كما انها ايضا ضمن خطاب القسم وخطابات الرئيس عون امام المنابر العربية والدولية، وهي مطالب طبيعية تؤكد عليها معظم الفئات اللبنانية لاهميتها ولكي يبقى لبنان بعيدا عن اي نيران قد تطاله.

وكما داخلياً كذلك خارجياً، فبحسب ” الشرق الاوسط” يبدو أن ضمانات تطبيق “النأي بالنفس” هي أبرز ما يقلق الأطراف والدول المعنية. وفي هذا السياق، نقلت “وكالة الأنباء المركزية” عن مصادر سياسية قولها إن “فرنسا عادت وتحركت في الساعات الأخيرة بشكل مباشر على خط إنهاء الأزمة، وأوفد الرئيس إيمانويل ماكرون رئيس جهاز الاستخبارات الخارجية الفرنسية برنار ايمييه، الذي يرأس أيضاً خلية فرنسية تتابع الأزمة اللبنانية منذ استقالة الحريري، إلى إيران، والتقى عدداً من المسؤولين الإيرانيين وبحث معهم في التسوية المنتظرة، وفي ضرورة أن تبدي طهران تجاوباً وليونة، وبالتالي أن تطلق مسار سحب حزب الله من الميادين العربية. فالنأي بالنفس يجب أن يكون هذه المرة، فعلاً لا قولاً، وإلا فإن الاتفاق الجديد لن يصمد. كما أن باريس لفتت انتباه الإيرانيين إلى أن البديل من المرونة السياسية سيكون قراراً تحت الفصل السابع يصدر عن مجلس الأمن يضع حزب الله ومصير سلاحه تحت المجهر الأممي والدولي”، مشيرة إلى أنه “على ما يبدو أن طهران فهمت الرسالة الفرنسية وأظهرت استعداداً للتعاون”.

 

السابق
هل تنسحب الفوضى على بيروت بعد فوضى صنعاء؟
التالي
ريفي: حادثة اطلاق النار لا خلفية سياسية لها