هل تفتح عودة أهالي الطفيل الأبواب لحل ملف النازحين؟

فتحت عودة مئات النازحين اللبنانيين والسوريين إلى بلدة الطفيل الواقعة عند الحدود اللبنانية – السورية منتصف الاسبوع الماضي، الأبواب على ملف النازحين السوريين في لبنان عموماً وفي بلدة عرسال البقاعية على وجه الخصوص، وهو الملف الذي لطالما شكّل أعباء كثيرة تراوحت بين الأمنية والاجتماعية والإقتصادية وأرخى بثقله السياسي على العلاقات اللبنانية الداخلية. واليوم وبعد مضي أربعة أشهر على خروج الجماعات الإرهابية من الجرود، عاد ملف النازحين ليطرق الأبواب مجدداً إفساحاً في المجال أمام الدولة لترتيب الوضع الداخلي وضبطه وتحديداً في الشق المتعلق بتثبيت الأمن في المناطق الحدودية.

في حزيران الماضي، كان الحدث الأبرز في بلدة عرسال من خلال نقل عائلات سورية من بعض مخيمات البلدة باتجاه الداخل السوري وتحديداً باتجاه بلدة عسال الورد السورية، وهو الأمر الذي اعتُبر يومها، دليلاً على مساحة الأمن والأمان التي أصبحت تتصف بها منطقة الجرود بفعل السيطرة المُحكمة التي فرضها الجيش آنذاك، والتي تجلّت بشكل واضح من خلال الإنجازات التي سطّرها على تلك الجبهات بعد حصاره الجماعات الإرهابية في مساحات ضيّقة، بعد ان ظلّت لسنوات تتحكّم بكافة المعابر والممرّات التي كانت تستعملها لإدخال السيارات المفخخة والعناصر الإرهابية إلى لبنان.

اقرأ أيضاً: مِن تسليمِ السلاحِ إلى التسليمِ به

اليوم وفي ظل التسويات الدولية والإقليمية الساعية إلى إنهاء ملف النزوح السوري الذي يتحمّل لبنان الجزء الأكبر منه مع كل ما يُشكله من أعباء إضافية على كل اللبنانيين، يبدو أن ناراً حامية أُشعلت لتسريع وتيرة عودة جزء من النازحين لكن بضمانة دولية وإقليمية تسمح للعائدين بان يكونوا في منأى عن الأخطار والملاحقات وتعرضهم للأذى. وفي هذا المجال يُمكن وصف التجربة اللبنانية بالناجحة جدّاً خصوصاً وأن الجميع يذكر مواكبة الجيش لعودة جزء من النازحين السوريين إلى عسال الورد ومظلّة الامن والأمان التي وفرها لهم أثناء رحلة عودتهم والتي انتهت بإشادة دولية ومحلية بالدور الإنساني الذي تقوم به المؤسسة العسكرية في لبنان وتوفيرها الحماية للنازحين حتى اليوم.

من المعروف أن عودة النازحين السوريين في لبنان إلى قراهم وبلداتهم، ملف صعب وشائك وهناك اختلاف في وجهات النظر إن حول طبيعة العودة أو لجهة الطريق الذي يُمكن أن تسلكه بهدف ضمان أمن النازحين. ولكن من المؤكد أن إنهاء هذا الملف أو بداية العمل عليه، سوف يُريح لبنان بدرجة عالية وهو الأمر الذي سينعكس بكل تأكيد استقراراً امنياً واجتماعياً واقتصادياً. ومن هنا تؤكد مصادر امنية لـ “المستقبل” أن قراراً كهذا هو سياسي بالدرجة الأولى وإنساني بدرجة توازيها، ومن هنا فإن الجيش لا يتوانى عن تقديم المساعدة والقيام بدوره على أكمل وجه، في سبيل تحقيق هذه العودة خصوصاً وأن للجيش تجربة سابقة في هذا الموضوع أفضت إلى عودة جزء من النازحين إلى بلدة عسال الورد السورية”.

وتشير المصادر إلى أن “عودة النازحين وتحديداً من المناطق الحدودية، سوف تنسحب أمناً واستقراراً على الوضع في تلك المنطقة بشكل لافت. وكما كان يؤكد قائد الجيش العماد جوزف عون أن لبنان يتهدده ملفان هما: الإرهاب والنازحون، فإن العودة بكل تأكيد سوف تُريح عمل الجيش الساعي على الدوام إلى فرض الأمن والإستقرار وهذا ما يظهر بشكل يومي من خلال كميات الأسلحة والعبوات الناسفة التي يتم اكتشافها في الجرود وهي من مخلفات الجماعات الإرهابية”، لافتة إلى “أننا اليوم نعيش في مرحلة استقرار قلّما شهد لبنان مثلها منذ سنوات طويلة. مرحلة أمن وأمان جاءت بعد مخاض عسير وصعب، واجه خلالها لبنان أخطر مشروع في المنطقة بل في العالم، وانتصر عليه في بحور أيّام معدودة بفعل التضامن والتكاتف اللذين تجلّيا بالدعم السياسي والشعبي اللبناني لمؤسسة الجيش التي سطّر ضباطها وجنودها، أهم الملاحم البطولية”.

وفي معلومات لـ “المستقبل” أن اللجنة الوزارية المُكلفة بمتابعة ملف النازحين السوريين، سوف تصل قريباً إلى حل من شأنه أن يضع عناوين عريضة تتعلق بعودة النازحين إلى سوريا مع الحفاظ على امنهم وسلامتهم. وفي المعلومات أن أي نازح يُريد العودة إلى بلاده، فإن الدولة ومن خلال الدور الذي تقوم به، لن تألو جهداً في سبيل تهيئة الظروف المناسبة لهذه العودة ودائماً مع الأخذ بعين الاعتبار أمن النازح، مع العلم أنه لا يوجد أي مانع قانوني او سياسي لعودة أي نازح سوري إلى بلاده ومن دون فرض هذا الأمر عليه بالقوّة.

بدوره، تمنّى رئيس بلدية عرسال باسل الحجيري، أن تُلاقي عودة أهالي الطفيل إلى بلدتهم بعد غياب عنها، الأمر نفسه لدى النازحين السوريين وتُسهّل عودة الآلاف منهم من بلدة عرسال إلى مناطقهم وخصوصاً أبناء القلمون الغربي على الرغم من انه أمر صعب أقله حتى الساعة”، مشيراً إلى أن “مغادرة أبناء الطفيل لعرسال تُعتبر رحلة داخلية كونها محصورة ضمن الأراضي اللبنانية لكنها بكل تأكيد، تُخفف إلى حد كبير من الضغط السكاني على عرسال نتيجة احتضانها للعدد الاكبر من النازحين”.

وأكد الحجيري أن “الأوضاع اليوم في بلدة عرسال، جيّدة وتحت سيطرة الجيش المسؤول عن أمنها وضبط الحدود، ولا يوجد اليوم أي عناصر في الجرود، والتي تتمركز ضمن مساحات تقع عند الجانب السوري من الحدود”، لافتاً إلى أن النازحين السوريين في عرسال اليوم، هم على دراية تامة بان أمن البلدة وجوارها هو من أمنهم وهم على تفهّم تام لكل ما يصدر عن الجيش أو عن البلدية”.

السابق
ملاحظات عند التقدم لدراسة الماجستير والدكتوراه في الجامعات الأمريكية والكندية
التالي
«نقشت»… من الترفيه إلى التسويق الجنسي!