اجتماعات ومشاورات في باريس وبيروت للبتّ في«تريّث»الحريري

لبنان سيكون هذا الأسبوع على موعد مع محطات مفصلية داخلية ودولية في الاتجاه الهادف نحو تحصين استقراره وتعزيز أواصر النأي به. وقبل ساعات أو ايام قليلة من جلسة مجلس الوزراء، وقبل يوم الجمعة على وجه التحديد، حيث سيغادر الحريري الى باريس، التي عاد منها أمس الأوّل، للمشاركة في اجتماع مجموعة الدعم الدولية للبنان، تنشط الاتصالات لوضع اللمسات الأخيرة على بيان مكتوب يصدر عن الجلسة يتضمن ويعبر عن الثوابت التي تقدّم بها الرئيس الحريري في الاستقالة والتريث.

كتبت صحيفة “الجمهورية ” تقول : فرَضت التطورات السياسية والميدانية المتسارعة في اليمن والمواجهات بين قوات الرئيس السابق علي عبدالله صالح وحركة “أنصار الله” الحوثية نفسَها على المشهد اللبناني، إلّا أنّها على أهميتها ونظراً إلى تأثيراتها وتداعياتها، لم تحجب الاهتمام عن قرار الرئيس سعد الحريري هذا الأسبوع بحسمِ تريّثِه في الاستقالة، فإمّا يَطويها نهائياً فتُعاود حكومتُه عملها الطبيعي، وهذا ما هو منتظَر، وإمّا يصِرّ عليها، وهذا ما هو مستبعَد.. وعليه، تتواصَل المشاورات والاتصالات للوصول إلى صيغةِ حلّ تثبّت سياسة “النأي بالنفس” تُعلَن في بيان رسمي يَصدر بعد جلسةٍ لمجلس الوزراء برئاسة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون. وعلمت “الجمهورية” أنّ البتَّ النهائي بـ”التريّث” الحريريّ سيُترجَم قبل الجمعة المقبل، موعدِ انعقادِ مؤتمر “مجموعة الدعم الدولية من أجل لبنان” في باريس، لكي يتحوّلَ المؤتمر تظاهرةً اقتصادية وديبلوماسية ومالية داعمة للبنان.

إقرأ ايضًا: إتجاه لصياغة بيان وزاري حاسم لإطلاق العجلة السياسية

قالت مصادر سياسية لـ”الجمهورية”: “إنّ الجزء اللبناني من التسوية المعدّلة ضئيل، نسبةً الى الجزء العربي والاقليمي، لأنّ المفاوضات، ظاهرياً، كانت تجري في لبنان بين القوى السياسية المشاركة في الحكومة، لكنّها عملياً، كانت تجري بين طهران والرياض وباريس وواشنطن والقاهرة”. وأشارت هذه المصادر الى أنه كان متوقّعاً أن يجتمع مجلس الوزراء، إمّا غداً الثلثاء وإمّا الخميس المقبل، لكن هذا الامر سيُحسَم اليوم، نتيجة اتصالات تقوم بها مصر وفرنسا مع كلّ مِن المملكة العربية السعودية وإيران.

وعلى رغم عودة الحريري مساء السبت الى بيروت، بدا ان التفاهم لم يحصل حتى الآن على الصياغة الانشائية للبيان الذي سيصدر في أول اجتماع، وهذا الوضع بحسب ” النهار” يثير مزيداً من القلق الفرنسي على الوضع الداخلي اللبناني، في ضوء الدعم الفرنسي لقدرة الدولة اللبنانية ومؤسساتها والجيش من اجل تعزيز سلطة الدولة. وتطمح باريس الى تعزيز دور القوة الدولية في الجنوب “اليونيفيل” لحماية لبنان من حرب جديدة. وهي تدعو “حزب الله” الى أن يتفهّم أن وجوده العسكري الكثيف في ظل غياب الدولة ليس في مصلحته. كما انها تدعو ايران الى اتباع سياسة أكثر مرونة وعدم زعزعة وضع دول عربية وتقليص دورها، لأن زعزعة الوضع الاقليمي يمكن ان ترتد على الوضع الداخلي للحزب. وفرنسا من خلال هذا الموتمر، ستوجه العديد من الرسائل الى اللاعبين المحليين والاقليميين، من أجل التوافق على حماية الامن في لبنان وصون استقراره الداخلي.

أما في بيروت، فعلم من مصادر مطلعة على اجتماع باريس بين الرئيس الحريري ووزير الخارجية جبران باسيل في حضور مدير مكتب رئيس الوزراء نادر الحريري، ان كل ما تردد عن موعد جلسة مجلس الوزراء مجرد تكهنات، وان الموعد يحسم فقط عندما يوجه رئيس الوزراء الدعوة الى الجلسة بالاتفاق مع رئيس الجمهورية. وأكدت المصادر أن لا صيغة نهائية للبيان بعد في ضوء تباينات حول بعض النقاط يستمر العمل على تذليلها. لكن لاحظت أن جلسة استثنائية ليس فيها جدول اعمال لا تحتاج الى 48 ساعة ملزمة تسبق الدعوة اليها، وان الجلسة اذا لم تعقد الثلثاء فإنها ستعقد الخميس قبيل سفر الحريري.

وتعتبر أن هذه الدعوات “الحماسية” لا تخدم الاقتصاد اللبناني ولا تؤمن الأسواق البديلة، وهي أشبه بالهروب إلى الأمام.”

 

ولوحظ بحسب “اللواء”  ان الرئيس برّي امتنع مساء أمس عن الإدلاء بأي موقف امام زواره، خلافاً لما اعتاد عليه مساء كل أحد، في إشارة إلى انه يمكن ان لا يكون قد اطلع بعد على صيغة المخرج المطروح لعودة الرئيس الحريري عن استقالته، من خلال التأكيد على ثوابت الموقف الرسمي بعدم التدخل في شؤون الدول العربية، والنأي بالنفس عن صراح المحاور الإقليمية وعن الخلافات والتزام كل الأطراف السياسية باتفاق الطائف.

إقرأ ايضًا: موقف الحريري الجديد من سلاح حزب الله يربك أنصاره والحلفاء

وعزّت المصادر أسباب تريث الرئيس برّي إلى ان لا صيغة مكتوبة بعد للمخرج، المطلوب ان يكون واضحاً ومحدداً وحاسماً لجهة التزامات كل الأطراف بما سوف يتم الإعلان عنه، وهو ما يُصرّ عليه الرئيس الحريري، بأن يكون تطبيق هذه الالتزامات فعلاً لا قولاً، مشيرة الى ان المشاورات مستمرة، مستبعدة ان تتم الصياغة داخل جلسة الحكومة، على اعتبار ان البيان الذي سيصدر عنها، والذي سيكون عبارة عن “نسخة منقحة” أو “ميني بيان وزاري”، يجب ان يكون جاهزاً، وان كان من الطبيعي ان تجري مناقشته، وربما” تنقيح” بعض مفرداته إذا كان ذلك ضرورياً للبعض.

ولاحقاً، أوضحت المصادر، انه إذا لم تتم الدعوة اليوم لعقد جلسة لمجلس الوزراء غدا، بسبب عدم انتهاء الصياغة النهائية للتسوية، فإنه من المرجح ان تعقد الجلسة الأربعاء ان لم تكن الخميس، علما ان ايا من الوزراء لم يكن حتى بعد ظهر أمس، قد تبلغ الدعوة إلى جلسة قد تعقد في أي وقت، على اعتبار ان هذه الجلسة ستكون استثنائية، وبالتالي لا تخضع لعرف بأن توجه الدعوة للوزراء قبل 48 ساعة، طالما لا يوجد على جدول أعمالها أي مواضيع، باستثناء البيان الرسمي الذي سيصدر، ويؤكد التزام كل الأطراف السياسية داخل الحكومة التزاما كاملا بسياسة النأي بالنفس وعدم التدخل في شؤون الدول العربية، وتطبيقا اتفاق الطائف بمندرجاته كافة.

السابق
الإمارات تتعاون مع دول المحيط الهادئ لتبادل الخبرات في مشاريع الطاقة المتجددة
التالي
مِن تسليمِ السلاحِ إلى التسليمِ به