الدكتور عجاقة: كلام الجبير سياسي والمصارف بريئة من عمليات حزب الله

برز أمس موقف سعودي لافت لوزير الخارجية السعودية بأنّ لبنان مختطَف من دولة أخرى من خلال جماعة إرهابية متّهماً الحزبَ باستخدام البنوك اللبنانية لتهريب الأموال الملتبسة من الرياض. فعلى ماذا يستند الجبير في إتهاماته للمصارف؟ وهل سيكون لها ارتدادات على الإستقرار النقدي والمصارف اللبنانية؟

في وقت إنقشعت  فيه الأجواء التي كانت ملبدة بغيوم الأزمات على الساحة اللبنانية وبدأ المناخ يتجه نحو الحلحلة بإعتماد مبدأ التريث والمشاورات بين القيادات السياسية لوضع لبنان على برّ الأمان، وفيما ينهمك المعنيين بوضع العجلة الحكومية والسياسية بعد أزمة الإستقالة . بَرز موقف سعودي لافت للانتباه، عبّر عنه وزير الخارجية السعودية عادل الجبير أمام منتدى الحوار المتوسّطي في روما، بإعادة التذكير بالعقوبات الأميركية على “حزب الله” والتصويب على المصارف اللبنانية بعدما همد هذا الملف بسبب مفاعيل إستقالة الرئيس سعد الحريري الملتبسة من الرياض.

إقرأ ايضًا: موقف الحريري الجديد من سلاح حزب الله يربك أنصاره والحلفاء

وقد صرّح الجبير “أنّ لبنان مختطَف من دولة أخرى من خلال جماعة إرهابية، وهي”حزب الله”، مشدّداً على أنّ الحلّ في لبنان هو سحبُ السلاح منه، متّهماً الحزبَ باستخدام البنوك اللبنانية لتهريب الأموال. وهو ما يثير عدّة تساؤلات حول مضمونه والهدف منه  والغاية من إطلاقه في هذا التوقيت بالذات، سيما أنه لوحظ تراجع حدةّ الخطاب السعودي في لبنان بعد عودة الحريري وتريثه عن الإستقالة.  أما السؤال الأهم هل هذه الإتهامات بحق المصارف اللبنانية صحيحة؟ وهل  سيكون لها  ارتدادات على الداخل اللبناني خصوصا على الإستقرار النقدي والمصارف اللبنانية التي أثبتت إلتزامها بالإجراءات الأميركية ؟

وفي هذا السياق، كان لـ “جنوبية” حديثٍ مع الخبير الإقتصادي والمالي البروفسور جاسم عجاقة الّذي أكّد أن “كلام الجبير غير دقيق، فهناك فرق بين الخطاب السياسي والخطاب التقني. فالخطاب السياسي مفتوح مع تأزم الوضع بالنسبة لسلاح “حزب الله”،أما تقنيا فهذا الكلام غير دقيق نظرا لأن البنك المركزي يمسك بيد من حديد المصارف، وبالتالي لا تستطيع أي جهة التلاعب بأي عملية مصرفية”.

البرفسور جاسم عجاقة
البرفسور جاسم عجاقة

هذا وأشار عجاقة  إلى أن “المصارف اللبنانية تصرّح بعملياتها حتى للولايات المتحدة، لذا إستخدام “حزب الله” للغطاء المصرفي اللبناني لتمويل نشاطاته أمر شبه مستحيل”. مضيفا أن “العقوبات الجديدة جاءت لتقطع الطريق في حال هناك أي جهة تستخدم المكنة الإقتصادية لهذه الأهداف وهذا الأمر

سيتوقف”. لافتا إلى أن “أمين عام حزب الله السيد نصرالله أكّد عدّة مرات أنهم لا يستخدمون المصارف اللبنانية في عملياتهم المالية”.

وأكّد ان”كلام الجبير جاء في سياق الضغط السياسي الذي يمارس على على لبنان وهذا أمر مشروع فقط سياسيا، وهو بكلامه لن يشوش على القطاع المصرفي لأن الإدارة الأميركية يمكن القول انها تراقب مصارفنا “. مشيرا إلى أنه “فيما لبنان لا يتعامل سوى بعملتين هي الدولار الأميركي وكل التحويلات بهذه العملة تذهب إلى الولايات المتحدة وتكون تحت رقابتها، إضافة إلى الليرة اللبنانية تتداول فقط داخل لبنان، سيّما أن الولايات المتحدة تعلم أكثر من غيرها أن هذا الكلام غير دقيق وبإعتراف الكونغرس الأميركي الذي قال أن العقوبات الأميركية التي أقرت كانون الأول من العام 2015 مطبقة بأكثر من 90 بالمئة “.

وتابع  “من هنا نضع كلام الجبير في السياق السياسي فقط والضغط على الحكومة اللبنانية وعلى لبنان لمعالجة سلاح “حزب الله”.

إلى ذلك أشاد عجاقة بدور حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بحماية هذا القطاع ” من خلال وسيلتين، الأولى إعتماده على زيادة سيولة هذا القطاع أكثر من حاجات السوق وهذا الأمر مؤمن من خلال الهندسات المالية والدائع، وثانيها الإلتزام بالقوانين الدولية والإلتزام بالشفافية”.

إقرأ ايضًا: العقوبات الأميركية ضدّ حزب الله.. هل ستضرب الإقتصاد اللبناني؟

مشددا  أن ليس هناك أي نوع من أنواع التداعيات السياسية السلبية على القطاع المصرفي بسبب الطريقة التي تمّ فيها عزل القطاع المصرفي عن السياسة”. مذكرا انه ” العقوبات الأميركية عام 2015  أقرّت في وقت الفراغ في سدّة الرئاسة الأولى، وفي أيّار 2026 بدأت المصارف اللبنانية بتطبيقها قرار حاكم مصرف لبنان منفرد بالإلتزام بالقوانين الدولية”. ورأى  “أن حاكم مصرف لبنان إستطاع عزل  القطاع المصرفي عن المحيط السياسي بشكل كبير “.

وخلص عجاقة بالتأكيد على أن “المصارف اللبنانية ملتزمة بتطبيق قانون “فاتكا” الأميركي منذ بداية إقراره، فلا يوجد أي مخاوف على القطاع المصرفي ولا يمكن تشويه صورته”.

إذن فالمصارف اللبنانية مؤمنة، والقطاع المصرفي بخير، وسيبقى كلام وزير خارجية المملكة العربية السعودية في اطار الضغط السياسي والاقتصادي على لبنان بوصفه ساحة تجاذب ايرانية – سعودية في المنطقة.

السابق
صالح: الحوثيون زجّوا الأطفال في حربهم
التالي
السيستاني لـ«حصر السلاح في يد الدولة» في العراق.. ماذا عن لبنان؟