هكذا يستعدّ حزب الله ليسلّم سلاحه إلى الجيش اللبناني

حزب الله
هكذا يستعدّ حزب الله ليسلّم سلاحه إلى الجيش اللبناني

إنّه زمن التسويات الكبيرة. من سوتشي إلى الرياض، مروراً بباريس والقاهرة، ومن طهران إلى بيروت، مروراً بدمشق وبغداد. إنّه زمن التسويات الكبرى. ,”التريّث” الذي أعلن عنه الرئيس سعد الحريري بدا “تريّثا” إقليمياً ودولياً. فالمنطقة على مشارف تسويات كثيرة. ولبنان سيكون جزءا منها، إلا إذا انقلبت حروباً جديدة، وهذا مستبعد.
إنّه زمن التسويات الكبيرة، وسلاح حزب الله ليس مطروحاً على جدول أعمال الحكومة اللبنانية، بل هو نقطة تلاقٍ ونقاشٍ في دوائر أممية ودولية وإقليمية. وبعض الدوائر الدولية باتت مستعدّة لبحث خطّة جدية لتحييد لبنان نهائياً وتحويل حزب الله إلى حزب سياسي.

إقرأ أيضا :معالجة معضلة «السلاح» واجب وطني وليس خياراً

وقد أكّد مصدر كبير في حزب الله أنّه بدأ النقاش فعلياً في اقتراح يتلخّص بطرح مشروع استراتيجية دفاعية، يقوم بعدها الحزب بتسليم سلاحه إلى الجيش اللبناني.
تتكوّن الإستراتيجية الدفاعية من شقّين، واحد داخليّ وآخر خارجيّ.
أولا : تبدأ الاستراتيجية الدفاعية التي يريد حزب الله تنفيذها بانسحاب العدوّ الإسرائيلي من جميع الأراضي اللبنانية، ثم نشر قوّات دولية على الحدود الجنوبية للبنان، ترفدها الدول التالية: روسيا الإتحادية، وفرنسا، وألمانيا، وإسبانيا، وإيطاليا، وبريطانيا، وحتّى الولايات المتحدة الأميركية، إذا لزم الأمر. على أن تكون الأوامر المعطاة لهذه القوّة هي التصدّي الجديّ والحاسم لأيّ اعتداء يقوم به العدوّ الإسرائيلي ضدّ لبنان، والشرط الأساسي أن يأتي الجزء الأكبر من عناصر القوّة وقطعاتها من روسيا الإتحادية.
ثانيا : إعفاء لبنان من قسم كبير من ديونه الدولية، كي يتمكّن من النهوض إقتصادياً، بالتزامن مع دعم المجتمع الدولي قرى وبلدات الجنوب اللبناني، برزمة تبرعات دولية وبمنح لتحسين البنى التحتية وتأمين فرص عمل.
ثالثا : إزالة إسم حزب الله وأسماء جميع مسؤوليه عن لوائح الإرهاب، ووقف الملاحقات الدولية بحقّهم، ثم تجهيز الجيش اللبناني بالسلاح الدفاعي النوعي والعتاد اللازم لتقوية بنيته العسكرية.
رابعا : عودة جميع اللاجئين والنازحين إلى بلادهم، وفي مقدمتهم اللاجئين الفلسطينيين و السوريين.
خامسا :  طرح الدستور على طاولة البحث، ومراجعة اتفاق الطائف، أي بمعنى آخر الانفتاح الجديّ على تعديل الدستور ليتماشى مع الواقع الحالي لجميع المكوّنات اللبنانية.وضمان حصول الطائفة الشيعية على “حقّ التوقيع”، أو “المشاركة في التوقيع”، على جميع المراسيم والقرارات الدستورية، كما هو توقيع رئيس مجلس الوزراء وتوقيع رئيس الجمهورية.
سادسا : إنخراط خمسة آلاف من مقاتلي حزب الله  في تشكيلات الجيش اللبناني، خصوصاً الكتائب المسؤولة عن الصواريخ، ووحدات النخبة، باعتبار أنّ هؤلاء يزيدون الجيش قوّة ونوعية لما يملكونه من خبرات.
سابعا : العمل الجديّ على إلغاء الطائفية السياسية من جميع مراكز الدولة، بدءاً من الفئة الأولى ونزولاً، تمهيداً لإلغاء الطائفية السياسية من جميع المراكز والفئات وبدء التحوّل من دولة طوائف إلى دولة علمانية القرار، تحفظ حرية الإيمان والمعتقد.
(هنا يستيقظ كاتب هذه السطور من نومه. ويسأل نفسه: هل كان مصدرٌ كبيرٌ يحدّثني في نومي، أم أنّه حلمُ ليلة شتاء عاصف، أدخلته في رأسي أفكار البرد الوطني، وأصوات الرعد المخيفة، والبرق الآتي إلى لبنان، ينذر بعواصف سوداء قد لا تبقي من البلاد أثراً يُذكر؟)
آمل أن يقرأ الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله هذه السطور.

إقرأ أيضا : هذه وظيفة سلاح حزب الله
فمن منّا ومنكم لا يحلم ببناء دولة مركزية قوية؟ من لا يريد بناء جيش قويّ؟ ومن لا يريد إنسحاب جيش الإحتلال الإسرائيلي من آخر شبر محتلّ في وطننا الحبيب؟ ومن يرفض الانصهار التام لجميع المكوّنات في دولة مركزية قويّة ليكون انتماؤهم إلى الوطن القوي المعافى لا إلى الخارج؟
من منكم ضدّ هذه الاقتراحات؟ ومن يرفض شراكة “الآخر” والإعتراف بالآخر وبالحقوق الوطنية، والواجبات الوطنية كذلك.
ربما هي أمنية، وربما هو “منام”، لكنّه، إذا استحال حقيقةً، سيجعل حزب الله منقذَ لبنان والعرب، وشريكاً كبيراً ضحّى بآلاف الشهداء لدحر العدوّ الإسرائيلي، وها هو يعطي لبنان مجدَ الاستقرار الداخلي والمصالحة الخارجية مع العرب.
يا سيّد حسن: أما آن أوان المراجعة الذاتية؟
وأنتَ الأقوى، فأنتَ تعرفُ أنّ القويّ هو من يعطي، والقويّ هو من يمسك بأيدي شركائه، فيقرّبهم منه، ليسيروا على مستوى واحد، من العقل والحكمة.
يا سيّد حسن: أما آن للبنانيين أن يخلعوا عباءة الحروب؟
أنتَ تعلم يا سيّد بأنّ قوّة لبنان ليست باستقواء مكوّن على آخر.
يا سيّد حسن: أما آن لنا أن ننعم بالعزّ بعد الفاقة؟
وأنتَ تعلم يا سيّد حسن أنّ قوّة لبنان بتضامن أبنائه وبتوحّدهم حول هدف واحد.
أما آن أوان الكلام والحوار؟
لعلّه يُعطي نتيجة أفضل وأسرع.فلنجرّب.

لم يؤذِ الحوارُ أحداً في يوم من الأيام. أن نتحاور يعني أن نتقارب، وأن نخفض أصوات المعارك، ونعلي صوت العقل. وكلّ اللبنانيين سيكونون “مقاومة” ضدّ أيّ عدوّ خارجي. والجيش اللبناني سيكون “المقاومة” التي توحّدنا، والتخاذل مرفوضٌ والذلّ كذلك، ومثلهما الإستزلام للخارج.
يا سيّد، أنتَ تقول إنّ لبنان يأتي قبل مصالح غيره. إذاً فليكن “لبنان أولاً، وثانياً، وثالثاً”. والأقوى ليس من يملك السلاح الأقوى ليس من يملك أكبر كتلة نيابية، بل من يكون على علاقة جيّدة مع جميع الأفرقاء في الداخل، ومن يملك الحنكة السياسية، ويفهم ويُراعي التركيبة اللبنانية، فيسحب فتيل الفتنة وفتيل الأزمات المحلية والخارجية.
هنا تكمن حنكة الرئيس نبيه بري وخبرته وهنا نحتاجه كما احتاجه لبنان دوماً في المنعطفات التاريخية. فهو الأقدر، بشهادة خصومه المحليين، وهو رجل الثقة، بشهادة من يقفون في المقلب الآخر إقليمياً، وهو الذي يمكن أن يشارك في تحقيق بنود هذه الإستراتيجية.
نحن لا نحلم يا سيّد حسن، نحن نطلب منكَ أن تنظر إلى لبنان، وأن تحافظ عليه، قبل أن تقتلعه العاصفة السوداء.

 

السابق
خطيئة جعجع
التالي
ناشطون وسياسيون يهاجمون الحريري بسبب مهادنته لسلاح حزب الله