نصرالله «محتجز» في طهران بمواقف روحاني فهل فشلت وساطة ماكرون؟

احمد عياش

فيما تسلك التطورات الداخلية مسلكا إيجابيا ,بحسب المواقف الاخيرة التي أعلنها الرئيس سعد الحريري والتي توحي بإن الاسبوع المقبل سيشهد ترجمة لهذه المواقف ,لا يزال الرئيس الايراني حسن روحاني يواصل التصعيد ضد المملكة العربية السعودية في المنطقة عموما ولبنان خصوصا .فهل من تأثير لهذا التصعيد على الجهود المبذولة لإخراج الملف اللبناني من عنق زجاجة توريط لبنان في حروب المنطقة عبر  “حزب الله”  وبقرار إيراني؟

المتفاءلون بقرب تجديد شباب التسوية في لبنان,وهم من أوساط متعاطفة مع الحزب ينطلقون مما أسمونه “الاعتدال” الذي أطل به الامين العام للحزب السيد حسن نصرالله في آخر كلمة له  في 20 تشرين الثاني وخصوصا عندما  نفى “بشكل قاطع الاتهامات التي توجّه لحزب الله حول إرسال صواريخ الى اليمن” كما ذكرت قناة “المنار” التلفزيونية التابعة للحزب.لكن هذا “الاعتدال” من رجل إيران القوي في لبنان قابله تشدد ممن كان يجري تصنيفه في معسكر الاعتدال,أي الرئيس روحاني.ففي حوار أجراه معه التلفزيون الايراني حول المائة يوم الاولى منذ توليه دورته الرئاسية الثانية قال ان السعودية “فشلت في قطر والعراق وسوريا ولبنان وتريد التغطية على هذه الهزائم”. ويأتي كلام روحاني بعد مضي أكثر من شهر على تغريدة له إعتبر فيها أنه “لا يمكن في الوقت الحاضر إتخاذ إجراء حاسم في العراق وسوريا ولبنان وشمال أفريقيا ومنطقة الخليج من دون إيران!”.

إذا كانت تغريدة روحاني هذه قد أثارت جدلا ما دفع الرئيس الحريري في حينه  الى إنتقادها بشدة ,فإن تطورا خطيرا حدث في الايام الماضية ولم يلق أي رد فعل رسمي في لبنان.ففي تحقيق نشرته صحيفة “لوفيغارو” الفرنسية هذا الاسبوع تبيّن أن إيران قامت بإختراق إلكتروني للحسابات الخاصة بكبار المسؤولين اللبنانيين وهم :رئيس الجمهورية ميشال عون,الرئيس الحريري ووزيرا الخارجية جبران باسيل والعدل سليم جريصاتي فضلا عن البنك المركزي ومصارف لبنانية وقيادة الجيش!علما ان قضية مماثلة تتعلق بإختراق إلكتروني روسي في الولايات المتحدة الاميركية قلبت ولا تزال الاوضاع السياسية هناك رأسا على عقب.

قد يبدو هذا التركيز على السلوك الايراني حيال لبنان في نظر البعض متحيزا بسبب ما يعتبره سلوكا سعوديا مماثلا حيال لبنان.وآخر مثال يورده هذا الطرف ما صرّح به ولي العهد الامير محمد بن سلمان لتوماس فريدمان في صحيفة “نيويورك تايمز” حيث إتهم إيران بإنها استغلت الاضطراب والتنافس في العالم العربي لتسيطر بشكل غير مباشر على أربع عواصم عربية، هي دمشق وصنعاء وبغداد وبيروت. ووصف مرشد إيران الأعلى، علي خامنئي، بأنه “هتلر الشرق الأوسط”.ووصف ولي العهد السعودي الرئيس  الحريري بأنه “مسلم سنيّ لن يستمر في توفير غطاء سياسيا للحكومة اللبنانية التي تخضع بشكل رئيس لسيطرة ميليشيا حزب الله الشيعية اللبنانية، التي بدورها تخضع بشكل رئيسي لسيطرة طهران.”

إقرأ أيضاً: طهران لخصوم «حزب الله»: أنتم دمى!

يقول متابعون لمسار الجهود الداخلية ان هناك حذرا يمارسه “حزب الله” في مقاربة ما يطرح من حلول تمهد لعودة العمل الحكومي الى وضعه العادي قبل إعلان الحريري إستقالته في الرابع من تشرين الثاني.لكن هذا الحذر لا يزال ينطوي على غموض فيما يتعلق بموضوع “النأي بالنفس” أحد المطالب الرئيسية التي رفعها الحريري كشرط للتراجع عن إستقالته.وبالتالي لا يزال على الحزب أن يتعهد فعلا لا قولا فقط بإلتزام هذا المبدأ.فهل هناك من صلة ما بين هذا الغموض وما بين التصعيد المستمر في طهران؟

ويرى هؤلاء المتابعون, ان الرياض ومنذ عودة الحريري الى المسرح الداخلي في 22 تشرين الثاني ,مارست إنكفاء ملحوظا عن الملف اللبناني, ومن علاماته غياب كامل لتغريدات وزير شؤون الخليج العربي ثامر السبهان.وفي موازاة ذلك كانت للحريري مساحة واسعة من الاتصالات والمواقف التي وضعته في صدارة الاحداث الداخلية وهو ما برز في مقابلته التلفزيونية لقناة سي نيوز الفرنسية.في المقابل,لا يزال موقف “حزب الله” مستترا تغيب عنه علامات الوضوح.لكن وسائل أعلام محسوبة عليه لا تزال تتعامل مع الحريري من منطلق التشهير بالرياض وان مطالبه التي أعلنها بعد موافقته على التريث في تقديم إستقالته ما هي إلا شروط شكلية ستظهر مفاعيلها في بيان لفظي يصدر عن مجلس الوزراء الاسبوع المقبل.

إقرأ أيضاً: حزب الله والنأي بالنفس: ماذا عن السلاح في سوريا؟

في خلاصة لهذا المشهد ,يبدو التحقيق الذي نشرته “نيويورك تايمز” قبل أيام وحمل عنوان “إيران المنقسة تتوحد ضد ترامب والسعوديين …” وكتبه من طهران توماس أيردبرنك  معبّرا عن مناخ التوتر في الجمهورية الاسلامية.وهذا يعني ان هدوء خطاب نصرالله لا يعبر عن إسترخاء بل عن إحتجاز في دائرة المواقف التي صدرت عن روحاني الذي يقول للعالم الان:لم يعد هناك من مسافة بين التشدد والاعتدال في طهران .وفي الوقت نفسه غرقت الوساطة التي قامت بها باريس  من خلال موفد من الرئيس فرانسوا ماكرون مع طهران في شأن لبنان في الصمت .فهل يعني هذا الصمت ان الوساطة قد باءت بالفشل؟لا جواب حتى الان,لكن هناك دخان يتصاعد حاليا  من المسدس الايراني!

السابق
إزالة يافطات الاحتفال بذكرى المولد النبوي في طرابلس وغضبٌ على البلدية!
التالي
التسريبات في قضية زياد عيتاني.. لتدجين الصحافيين!