بعد تجاوز أزمة استقالة الحريري.. إنطلاق قطار التسوية

اذا كانت مفاجأة "التريث "في الاستقالة التي أطلقها رئيس الوزراء سعد الحريري من قصر بعبدا الاربعاء قلبت الى حدود بعيدة المفاعيل السلبية لمفاجأة اعلانها، فان ذلك لم يحجب سيل التساؤلات والشكوك حول مآل هذا المسار وما اذا كان سيكفل نتائج فعلية ثابتة من حيث الالتزامات الملحة المتصلة بالنأي بالنفس عن الصراعات الاقليمية والتدخلات في حروب وشؤون بلدان عربية.

عاد الوضع في لبنان إلى ما كان عليه قبل الرابع من تشرين الثاني مع بعض التصدّعات غير العصيّة عن الرأب في قابل الأيام. الأميركيون أوحوا، والفرنسيون والمصريون تحرّكوا باتّصالات حثيثة مع بيروت والرياض وفي اتّجاهات أخرى، فوُلدت التسوية لأزمة الاستقالة، وأولى خطواتها كانت تمنّي رئيس الجمهورية العماد ميشال عون على الرئيس سعد الحريري التريّث في هذه الاستقالة، فاستجابَ ليبدأ البحث عن مخرج تحدّثَ عنه رئيس مجلس النواب نبيه بري متوقّعاً تبَلورَه خلال “أيام قليلة”.

وكان لافتاً بحسب “الجمهورية” في هذا الصَدد زيارة السفيرين الأميركي والفرنسي إليزابيت ريتشارد وبرنار فوشيه للحريري على وقعِ برقيتَي تهنئة ودعم تلقّاهما كلّ مِن عون والحريري من الرئيسين الأميركي دونالد ترامب الذي أكّد وقوفَ الولايات المتحدة “بثبات مع لبنان”، وأنّها “ستواصل دعمَ جهود لبنان لحماية استقراره واستقلاله وسيادته”. والفرنسي إيمانويل ماكرون الذي أكّد تمسّكَ المجموعة الدولية بوحدة لبنان وسيادته واستقراره إضافةً إلى أهمّية استمرار حسنِ سير المؤسسات فيه”.

إقرأ أيضًا: تريث الحريري بانتظار «النأي بالنفس» للعودة عن الاستقالة

وفي معلومات “النهار” ان عناوين المراحل المتبقية تتركّز تباعاً على ما ورد من مطالب أعلن الحريري تمسكه بها، وأبرزها النأي بالنفس وتطبيق اتفاق الطائف وعدم التدخل في الشؤون العربية. ويفترض ترجمة هذه العناوين بالعودة الى البيان الوزاري وتأكيد التمسك به وخصوصاً لجهة تثبيت مفهوم النأي بالنفس.

وقالت مصادر مطلعة إن هذا السيناريو جاء نتيجة اتصالات داخلية مهدت المخرج لتريث الحريري في استقالته منذ الخطاب الاخير للامين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله والذي نفى فيه أي علاقة للحزب في الحرب الدائرة في اليمن وعدم تدخله في الكويت أو في البحرين أو في أي بلد عربي. وأعلن على نحو مباشر بدء سحب قوات “حزب الله” من العراق وعلى نحو غير مباشر قرب العودة من سوريا. وبناء على كلام نصرالله المبارك ايرانياً والمعقود على تفاهمات إيرانية – فرنسية – مصرية، كان استقبال عيد الاستقلال في بعبدا مسرحاً لترجمة نصف الحلّ. اما نصفه الآخر فمن المفترض ان تهيئ له المشاورات التي سيقوم بها رئيس الجمهورية بإيجاد الارضية الثابتة لعودة جلسات مجلس الوزراء.

وبعد التفويض الشعبي الذي حصده الحريري لتحركه أول من أمس، من خلال الحشد الذي أمَّ منزله، اعتبر الاجتماع المشترك لكتلة “المستقبل” النيابية والمكتب السياسي والمكتب التنفيذي لـ “تيار المستقبل” تجاوب الحريري مع تمني الرئيس عون التريث في تقديم الاستقالة، “خطوة حكيمة لأجل المزيد من التشاور”.

وقالت مصادر “المستقبل” لـ “الحياة”، إن البيان المشترك لهيئات “تيار المستقبل” يجعل الجميع يقرأون في كتاب واحد مع الحريري في مساعيه.

وعلمت “الحياة” أن الحريري أبلغ قادة تياره ونواب كتلته الذين اجتمعوا برئاسته أمس، ارتياحه إلى علاقته بالرئيس عون، مشيراً إلى أنه “حليف استراتيجي” له، ونقل بعض المجتمعين عنه أنه سيسعى إلى تنفيذ ما جاء في بيانه الذي أدلى به أول من أمس عند قبوله طلب عون التريث في تقديم الاستقالة، لجهة العمل على تطبيق سياسة النأي بالنفس عن النزاعات الإقليمية، فعلاً لا قولاً، وعلى الالتزام بتطبيق اتفاق الطائف. وشدد البيان الصادر عن الاجتماع المشترك على ذلك أيضاً، وعلى “التزام الخيارات التي تحمي استقرار البلاد وتجنبها أخطار الانزلاق في الحرائق المشتعلة من حولها”.

وكشفت مصادر ” الشرق ” ان الأزمة التي يُعمل علىاحتوائها الآن ما تزال قائمة، وأن الرئيس الحريري يحرص على وضع فحوى استقالته قيد البحث الجدي.

إقرأ ايضًا: الحريري يتحرّر ويمسح عار الاستقالة

وقال مصدر وزاري لـ”اللواء” ان لا جلسات لمجلس الوزراء في هذه المرحلة، مشيراً إلى ان فترة التريث قد تطول، وهي بالتأكيد ليست خلال أسبوعين كما تردّد سابقاً.
وأكّد المصدر ان جميع الأطراف معنية بالتوصل إلى “تفاهم ما لمواجهة محاولات حصار لبنان سياسياً واقتصادياً، عبر الابتعاد عن سياسة المحاور”.

وتوقف المصدر عند ما نقله التلفزيون الإيراني عن قائد الحرس الثوري الإيراني محمّد علي جعفري، من انه “نزع سلاح حزب الله غير قابل للتفاوض”، معلناً رفضه لهذا الموقف، من زاوية ان هذا النوع من التصريحات يعقد الأمور، ولا يقدم أو يؤخر في مقاربة صحيحة لأوضاع لبنان، مع العلم ان لا أحد في لبنان يطرح هذا الموضوع الآن، والموضوع المطروح يتعلق بابتعاد حزب الله عن الصراعات الإقليمية والانخراط بحوار حول الاستراتيجية الدفاعية.

السابق
طرائف نصر الله
التالي
الموقوفون في«ريتز كارلتون»: مرتاحون.. ولكن