أين السعودية من استقالة الحريري وعودته عنها.. أو تريّثه ؟

سعد الحريري في السعودية
هل أحرج الحريري السعودية بقبوله تمني الرئيس عون بالتريث عن تقديم الإستقالة؟ أو ان هذه الخطوة ليست وليدة اللحظة بل كل كانت جزءا من التسوية الفرنسية؟

بين بيان الاستقالة الذي تلاه الرئيس سعد الحريري من السعودية قبل 18 يومًا وبين بيان التريث الذي تلاه من القصر الجمهوري، إختلف خطاب الحريري إذ تخلى عن لغةِ قطعِ الايدي وتقطيعِ الاوصالِ، وعاد بلغة الإعتدال والوسطية متجاوبا مع تمني رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بالتريث في تقديم استقالته رسميًا، وإن كانت مسألة النأي بالنفس هي القاسم المشترك شبه الوحيد بين بياني الرياض وبعبدا. لكن كيف قبل الحريري بالتريث عن تقديم الإستقالة؟ وهل خلع الزعيم السني العباءة السعودية سيما أنها ظهرت بموقف ضعيف لجهة تراجع حليفها عن إرادتها بالتصعيد بوجه “حزب الله” وإيران؟ أو أن هذا التريث ليس وليد اللحظة بل كان جزءا من التسوية الفرنسية التي أمنت خروج رئيس الحكومة من الرياض إلى فرنسا ومن ثم إلى لبنان.

إقرأ ايضًا: تريث الحريري بانتظار «النأي بالنفس» للعودة عن الاستقالة

وفي هذا السياق، كان لـ “جنوبية” حديث مع الصحافي والمحلّل السياسي جورج شاهين، الذي رأى أن “إستقالة الحريري في الرياض أو ما جرى بالأمس في قصر بعبدا هو مجرّد قرار سياسي أكثر مما هو قرار دستوري”. إذ “إتخذ الرئيس الحريري قراره  في الرابع من تشرين الثاني  في السعودية بظروف ملتبسة وهو ما تسبب بحالة من الإرباك في الساحة اللبنانية وجرى تداركها من خلال الحراك الذي قاده رئيس الجمهورية على كافة المستويات”. ورأى أن “موقف الرئيس عون يعتبر موقف من إلتزم بالدستور، وصحيح أن الدستور بحسب المادة 69 منه لم يلحظ أي آلية إستقالة رئيس الحكومة، لكن العرف والتقاليد قالت بأن إستقالة رئيس الحكومة لا تتم إلا بكتاب يرفع لرئيس الجمهورية يستعرض فيها الظروف التي دفعته لهذا القرار”.  وتابع “ما جرى في قصر بعبدا أمس أعاد الهيبة للعادات والتقاليد بتقديم الإستقالة بحسب الأصول وقد طلب الرئيس عون منه بقرار سياسي التريث على قاعدة البحث بالأسباب التي حددها الحريري في كتابه”.

ولفت أنه من “الواضح أن رئيس الحكومة جدّد في الكتاب الذي نوى تقديمه إلى الرئيس الجمهورية كامل الشروط التي أشار إليها في إستقالة الرياض، والحريري مقتنع بالأسباب التي تحدث عنها من حيث المطالبة بالنأي بالنفس وعدم التدخل بالشؤون الخارجية وكل هذه الشروط إلتزم بها وكان واضحا أنه كان مصرا على مضمون الإستقالة. فيما هو إعترف شخصيا أنه لم يراعِ الأعراف والتقاليد بتقديم لإستقالة من الرياض”.

كما أشار شاهين إلى أن “معالجة موضوع إستقالة الرئيس الحريري لم تكن قرار لبنانيا فحسب إذ كان هناك توافق لبناني على حماية الإستقرار والحكم، لأن سقوط الحكومة بهذا الشكل هو سقوط للعهد وليس الحكومة”.

وتابع “من المؤكّد أن كل هذه الظروف ترافقت محطات رئيسية، الأولى هي طريقة التعاطي مع إخراج الحريري من الرياض بسبب ظروفه الملتبسة، والثانية التدخل الخارجي الذي عدّل وأعاد النظر بقرار مؤتمر وزراء الخارجية العرب، فالإتصالات المكثفة الراعية للإستقرار في لبنان أصرت على إبقاء الحريري رئيسا للحكومة إلى حين انتقال الملف إلى اللبنانيين وهو ما ترجم بعودة الحريري وبالتالي ما عدّل ولطف بيان الجامعة العربية”.

وفيما يتعلّق بموقف السعودية بعد تريث الحريري قال  شاهين إن “شأن السعوديين إتخاذ الموقف الذي يرونه مناسبا، فبعد تصرفهم بطريقة ملتبسة، عبروا عن إيجابية في القاهرة إذ تراجعوا عن الكثير من الشروط والأمور التي طالبوا بها بالشكوى على  إيران وحزب الله، ومن جهة أخرى حققوا بعض مطالبهم بإدراج حزب الله على لائحة الإرهاب. إلا أن ما جرى في لبنان خارج نطاق قدرة السعودية على التأثير”.

إقرأ ايضًا: الحريري يتحرّر ويمسح عار الاستقالة

وأشار إلى أن “هناك توافقا سياسيا كبيرا وواسطات كبرى أعلن منها الجانب  الفرنسي والمصري والإيراني كما الإمارتي، بشكل جرى ترميم ما حصل بإستعادة الحريري كرامته وموقعه، رغم أن كل ما حصل في المملكة سيبقى ملتبسا حتى يعترف السعوديون صراحة بما أقدموا عليه أو حين يروي الحريري ما جرى معه. إلا أنه على الأغلب سيبقى الموضوع رواية سياسية كل أحد يرويها بطريقته سيما أن المملكة العربية مملكة مقفلة”.

وخلص شاهين بالتأكيد انه “لا يمكن القول أن الحريري خرج من المحور السعودي، طالما أن ظروف إنتقاله إلى فرنسا لا تزال غامضة. والأكيد ان الحريري ليس على لائحة المطلوبين من بين الأمراء ورجال الأعمال في السعودية”.

 

السابق
مارسيل غانم يوضح سبب قيامه بالحركة المشينة في «صوت الغد»
التالي
هل تنجح الدول العربية في التصديّ لإيران؟