فلسطين وكذبة الصراع بين محوري «المقاومة» و«الاعتدال» بسبب اسرائيل

علي الأمين
في كل الحروب التدميرية التي خاضها محور الممانعة في سوريا والعراق، كان الشعار مواجهة المشروع الأميركي الصهيوني، وفي لحظة الحديث عن تقارب سعودي اسرائيلي، هل اسرائيل هي سبب الإنقسام بين ما يسمى محور المقاومة ومحور الاعتدال؟

السياسات السعودية والعربية على وجه العموم، لا تتوسل عنوان فلسطين لتبرير سياساتها، موضوع فلسطين لم يعد أولوية ولا حتى ذريعة لخوض الحروب، بل حماية الأمن الوطني ونظام الحكم هو الأولوية الصريحة والواضحة، السياسات العربية تتجه إلى مواجهة النفوذ الإيراني في المنطقة العربية باعتباره التهديد الأول للسعودية ولدول الخليج عموماً والدولة الوحيدة التي تمتلك أذرعاً عسكرية وميليشيوية في أكثر من دولة عربية، وهذا ما كشفته التدخلات الإيرانية في هذه الدول عبر حزب الله أو سواه من أفراد ومجموعات جرى تدريبها وتسليحها لتنفيذ عمليات أمنية في الخليج أو عبره، كما وفر إطلاق الصاروخ الإيراني الباليستي من اليمن نحو الرياض الذريعة لسير السعودية قدماً في مواجهة النفوذ الإيراني وتحشيد دعم دولي في هذا الاتجاه.
الاتصالات السعودية مع اسرائيل لم تعد مستغربة، مصر والأردن وقطر وعمان والإمارات وغيرها من هذه الدول فتحت الطريق منذ سنين في هذا الاتجاه، منها من عقد اتفاقية سلام كالأردن ومصر، ومنها من فتح قنوات اتصال دبلوماسية وأمنية كالإمارات وقطر، ومنها من يقيم اتصالات ويلتقي ويستقبل مسؤولين اسرائيليين كالمغرب وغيرها من الدول.
مقولة أنّ الصراع في المنطقة هو بين محور مقاومة ومحور اعتدال أو محور أميركي_صهيوني وما إلى ذلك من الشعارات التي لم تعد رنانة وطنانة كما في السابق، هو وهم وخدعة، ذلك أنّ علاقات محور المقاومة الذي تقوده إيران، لا يبني تحالفاته وصداقاته انطلاقاً من الموقف من اسرائيل، ولا العداء لاميركا، وإلاّ لكانت إيران بقيادة الولي الفقيه، معادية لمصر والاردن، وحتى المغرب، ولم تكن لتتحالف مع روسيا في سوريا، فهذه الدول فضلاً عن دولة عمان الخليجية وقطر هي من الدول التي تقيم علاقات صداقة أو اتصالات مع الدولة العبرية، هذا من دون أن نذكر الود التركي الإيراني في سوريا الذي لم يكن ولا مرة قائماً أو مفقوداً بسبب الموقف أو العلاقة مع اسرائيل.

نورد هذه النماذج لنقول، أنّ استراتيجيات الصراع الجاري بين إيران والسعودية في المنطقة العربية، ليست اسرائيل طرفاً فيه ولا احتلالها لفلسطين سبب هذا الصراع، ويمكن الإستناد إلى ما قاله الأمين العام لحزب الله على هذا الصعيد، من أنّ اسرائيل لن تقوم بحرب على حزب الله استجابة لطلب السعودية، ما يعني بالضرورة أنّ حسابات التصعيد السعودي ضد النفوذ الإيراني تنطلق من حسابات وأولويات سعودية بمعزل إن كانت نتائجها مفيدة أو مضرة لإسرائيل، التي تنعم بهدوء واستقرار استثنائي رغم وجود مئات آلاف الصواريخ الإيرانية الموجهة من لبنان وسوريا باتجاه فلسطين المحتلة.

إقرأ أيضاً: أين روسيا من الصراع السعودي – الإيراني؟

الذي يجعل اسرائيل أقوى في المنطقة العربية، هو أنّ ما يسمى محور المقاومة الذي يرفع شعار مواجهتها، لكنّه فعلياً أوغل في الدماء السورية والعراقية، وكان القوة التدميرية للمدن السورية، وسبباً في تهجير ملايين السوريين، كل هذا البأس والبطش لمحور الممانعة كان في سوريا وفي العراق، أمّا اسرائيل التي وجهت أكثر من مئة ضربة لحزب الله والنظام السوري في الأراضي السورية، لم تتعرض لأيّ ردة فعل عسكرية، فقط استعراضات خطابية مقاومة في الشكل، وحماية استقرار حدودها مع سوريا ولبنان بالفعل. ومن دون الدخول في خطاب التخوين، ببساطة الأولوية لدى محور المقاومة ليست اسرائيل أنّها في مكان آخر أي الدول العربية، فيما روسيا الطرف الملائم لمحور المقاومة ولإسرائيل لعدم إساءة أيّ من الطرفين الرسائل المتبادلة بينهما سواء في سوريا أو في لبنان، لا سيما تلك التي يشتم منها مقاومة للاحتلال الاسرائيلي.

إقرأ أيضاً: أهذه طريق القدس؟

يبقى أنّ القضية الفلسطينية تتعرض لنكسات إضافية، لأنّها لم تكن يوماً على رأس جدول الأعمال الإيراني كما تظهر معاركه وتحالفاته وصداقاته، والتزامه الفعلي بعدم شق طريق القدس عبر الأراضي الفلسطينية، وهي بالضرورة ليست من الأولويات لدى النظام الإقليمي العربي المنهمك اليوم بحماية الأمن الوطني لدوله.

السابق
في فرنسا… ضاقت المساجد فصلّى المسلمون في الشوارع!
التالي
الشدياق نقيبا للمحامين بعد انسحابات وهميّة وتوافق خفيّ بين الاحزاب